الخميس 13 فبراير 2025

ثقافة

في ليلة النصف من شعبان.. "الأقصى" أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين

  • 13-2-2025 | 11:12

المسجد الأقصى المبارك

طباعة
  • همت مصطفى

في ليلةٍ تتنزل فيها الرحمات، وتُرفع فيها الدعوات، وتُكتب فيها المقادير، يزداد الألق في جنبات المسجد الأقصى، أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، كيف لا وهو أرض الإسراء، ومهوى أفئدة المؤمنين، ومسرى الحبيب المصطفى  صلى الله عليه وسلم، حيث اجتمع الأنبياء في صلاةٍ خالدة، تأكيدًا على مكانته وقدسيته في دين الله.

ليلة النصف من شعبان ليست ليلةً عادية، بل هي صفحةٌ من نورٍ في ديوان الزمن، تذكّرنا بعظمة التوبة، وفضل الاستغفار، وكرم الله الذي يبسط يده لعباده،  وفي ظلال المسجد الأقصى، تلتقي الأرواح مع عبق النبوّة، وتلتصق القلوب بثرى الأرض المباركة، التي باركها الله للعالمين.

يا قُدس، يا مهوى الأفئدة! سيبقى وجهك المضيء شاهدًا على إيمان أمتنا، وسيبقى الأقصى منارةً تهدي التائهين، وصوتًا يُنادي في الأعماق: «المسجد الأقصى في قلوبنا، ولن ننساه أبدًا!» صلى  المسلمون  في المسجد الأقصى طوال الفترة المكية، إضافة إلى 17 شهرا بعد الهجرة، قبل أن يؤمروا بالتحول شطر المسجد الحرام، كما أنه ثالث المساجد التي تشد إليه الرحال بعد المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة إنه المسجد الأقصى 

وظل المسجد الأقصى على مدى قرون طويلة مركزًا مهمًا لتدريس العلوم ومعارف الحضارة الإسلامية، ومركزا للاحتفالات الدينية الكبرى، ومكانا لإعلان المراسيم السلطانية وتعيين كبار الموظفين.

 

تاريخ بناء المسجد الأقصى

بني المسجد الأقصى،  قبل الميلاد بأكثر من ألفي سنة، فهو ثاني مسجد وضع في الأرض بعد المسجد الحرام، ودليل ذلك ما رواه البخاري عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: «المسجد الحرام»، قال: قلت ثم أي؟ قال: «المسجد الأقصى»، قلت: كم كان بينهما؟ قال: «أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة فصل، والأرض لك مسجد».

 

من الذي بنى المسجد الأقصى؟

لا يعرف على نحو دقيق، من الذي بنى المسجد الأقصى أول مرة، حيث اختلف المؤرخون فيما بينهم على من وضع اللبنة الأولى لبناء المسجد، فمنهم من قال إن النبي آدم أبو البشر هو من بناه، والبعض يقول إنه سام بن نوح، وآخرون ذهبوا إلى أن النبي إبراهيم هو من عمد إلى بناء المسجد الأقصى

وترجح بعض الروايات أن أول من بناه هو آدم عليه السلام، واختط حدوده بعد 40 سنة من إرسائه قواعد البيت الحرام بأمر من الله تعالى، دون أن يكون قبلهما كنيس ولا كنيسة ولا هيكل ولا معبد.

 

تاريخ المسجد الأقصى

وتتابعت عمليات البناء والتعمير على المسجد الحرام، تتابعت على الأقصى المبارك، فقد عمره سيدنا إبراهيم، عليه السلام، حوالي العام 2000 قبل الميلاد، ثم تولى المهمة ابناه إسحاق ويعقوب عليهما السلام من بعده، كما جدد سيدنا سليمان عليه السلام بناءه حوالي عام 1000 قبل الميلاد.

وفي واحدة من أشهر الفتوحات الإسلامية عام 15 للهجرة (636 للميلاد)، جاء الخليفة عمر بن الخطاب من المدينة المنورة إلى القدس وتسلمها من سكانها في اتفاق مشهور بـ«العهدة العمرية»، وقام بنفسه بتنظيف الصخرة المشرفة وساحة الأقصى، ثم بنى مسجدًا صغيرًا أقصى جنوبي المسجد الأقصى. وقد وفد مع عمر العديد من الصحابة، منهم أبو عبيدة عامر بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وأبو ذر الغفاري.

 

أجر الصلاة في المسجد الأقصى 

الصلاة في المسجد الأقصى مُضاعفة الأجر، وقد تعددت الروايات والأحاديث حول كم تعدل، فقد ورد أنها تعدل 500 صلاة، كما ورد أنَّها تعدل 250 صلاة، وقيل أيضًا إنّ الصلاة فيه تعدل 50 ألف صلاة، وهو ما يرى علماء أنه لا يصح لأنَّه يتجاوز فضل الصلاة في المسجد الحرام، ويؤكدون أنَّ أصح ما ورد في الصلاة في المسجد الأقصى هو الرواية التي تشير إلى أنّها بألف صلاة.

ومن دخل الأقصى فأدى الصلاة في أي مكان فيه -سواء تحت شجرة من أشجاره، أو قبة من قبابه، أو فوق مصطبة من مصاطبه، أو داخل قبة الصخرة، أو الجامع القبلي- كتبت له صلاة في المسجد الأقصى، فالأمر فيه سواء، ولا فرق في الصلاة بين مكان وآخر فيه، فالفضل فيه كله. 

 

قبة الصخرة

ويُطلق اسم المسجد الأقصى المبارك على كامل المساحة شبه المستطيلة التي تبلغ 144 دونما، وما فيه من منشآت أهمها قبة الصخرة التي بناها عبد الملك بن مروان عام 72 للهجرة (691 ميلادي)،  مع الجامع القبلي، والتي تعد واحدة من أروع الآثار الإسلامية، ثم أتم الخليفة الوليد بن عبد الملك البناء للجامع القبلي في فترة حكمه، التي امتدت من عام 86 إلى 96 للهجرة (705 – 714 ميلادي).

بقيت قبة الصخرة إلى اليوم على شكلها الأصلي، أما الجامع القبلي فإن بناءه الحالي يختلف عن بناء الأمويين، حيث بني المسجد عدة مرات في أعقاب زلازل تعرض لها على مدى القرون الماضية، بدءًا من الزلزال الذي تعرض له أواخر حكم الأمويين عام 130 للهجرة (747 للميلاد) ومرورًا بالزلزال الذي حدث في عهد الفاطميين عام 425 للهجرة (1033 للميلاد). 

 

المساحة والشكل وعدد الأبواب بالأقصى

تبلغ مساحة المسجد الأقصى حوالي 144 دونما «الدونم ألف متر مربع)، ويحتل نحو سدس مساحة البلدة القديمة في القدس، ويعد باب المطهرة أحد أبواب المسجد الأقصى «الجزيرة».

شكله مضلع أو شبه مستطيل، وطول ضلعه الغربي 491 مترا، والشرقي 462 مترا، والشمالي 310 أمتار، والجنوبي 281 مترا، وفي صدر الجامع قبة، كما أن له 11 بابا، 7 منها في الشمال وباب في الشرق واثنان في الغرب وواحد في الجنوب.

 

عدد مآذن المسجد الأقصى

وللمسجد الأقصى 4 مآذن، والعديد من القباب والمصاطب التي كانت مخصصة لأهل العلم والمتصوفة والغرباء، ومن أشهر هذه القباب قبة السلسلة، وقبة المعراج، وقبة النبي،  بالنسبة للأروقة فأهمها الرواق الشمالي المحاذي لباب شرف الأنبياء، والرواق الممتد غرباً من باب السلسلة إلى باب المغاربة، كما يوجد به مزولتان شمسيتان لمعرفة الوقت. 

 

معالم المسجد الأقصى

 

يتألف المسجد الأقصى من العديد من المباني والمعالم التي يصل عددها إلى حوالي 200 معلم، تشمل المساجد، القباب، الأروقة، المحاريب، المنابر، المآذن، الآبار، وغيرها من المعالم.

أبرز المعالم في المسجد الأقصى تشمل قبة الصخرة المشرفة، المعروفة بالقبة الذهبية، التي تقع في قلب المسجد، بالإضافة إلى الجامع القبلي الذي يضم القبة الرصاصية، ويقع في أقصى جنوب المسجد باتجاه القبلة.

يحتوي الجامع القبلي على 7 أروقة، تتوزع بين رواق مركزي وثلاثة أروقة في الجهة الشرقية وثلاثة في الجهة الغربية، وهذه الأروقة مدعومة بـ 53 عمودًا من الرخام و49 سارية من الحجر.

في ساحة المسجد الأقصى توجد 25 بئرًا للمياه العذبة، منها 8 في صحن قبة الصخرة و17 في الساحات السفلى، بالإضافة إلى مواقع مخصصة للوضوء.

أما أسبلة المياه، فهناك العديد منها، وأهمها سبيل قايتباي الذي يتميز بقبة حجرية رائعة لفتت انتباه الرحالة العرب والأجانب الذين زاروا المسجد. كما توجد سبلة البديري وسبلة قاسم باشا.

أما المصاطب، فيوجد نحو أربعين مصطبة ترتفع قليلًا عن الأرض، وتستخدم للجلوس والصلاة ودرس العلوم الشرعية مثل الحديث النبوي، السيرة النبوية، التفسير، الفقه، الثقافة الإسلامية، إضافة إلى اللغة العربية والرسم. بعض هذه المصاطب بني في العصر المملوكي، وأغلبها في العصور اللاحقة.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة