السبت 15 فبراير 2025

ثقافة

دراسة علمية تكشف أسرار تحنيط المومياوات وتمهد لإعادة إحياء روائحها في المتاحف

  • 14-2-2025 | 10:53

صورة تعبيرية

طباعة
  • دار الهلال

كشفت دراسة علمية جديدة، أجراها باحثون من كلية لندن الجامعية وجامعة ليوبليانا بالتعاون مع جامعة عين شمس والمتحف المصري بالتحرير، عن تفاصيل جديدة حول ممارسات التحنيط لدى المصريين القدماء.

وأكدت الدراسة، التي استمرت لمدة عام، أن أجساد المصريين القدماء المحنطة لا تزال تفوح منها روائح زكية يمكن للأنف البشرية إدراكها، مما يفتح المجال لفهم أعمق لتقاليد التحنيط والحفاظ على التراث الأثري.

وقال الدكتور عبدالرازق النجار أستاذ علوم التراث بجامعة عين شمس والمستشار العلمي بجامعه لوبليانا بسلوفينيا وأحد المشاركين في الدراسة، لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم /الجمعة/ إن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تحليل روائح المومياوات بشكل منهجي باستخدام تقنيات علمية وحسية متطورة، تشمل "الأنف الإلكتروني" وحاسة الشم البشرية المدربة.

وأضاف أنه تم عرض نتائج تلك الدراسة ،التي أجراها فريق بحثي ضم 12 باحثا من( مصر، سلوفينيا،إنجلترا،بولندا)، في المؤتمر الدولي السابع حول "الكيمياء من أجل التراث الثقافي" الذي عقد مؤخرا بسلوفينيا، ونشرت اليوم الجمعة في مجلة JACS التابعة للجمعية الكيميائية الأمريكية.

وأشار إلى أن الدراسة شملت تحليل روائح 9 مومياوات مصرية قديمة معروضة ومخزنة في المتحف المصري بالتحرير باستخدام جهاز كروماتوجرافيا الغاز المقترن بمطياف الكتلة، إلى جانب تقييم الروائح من قبل مجموعة متدربة من "المستنشقين" من أمناء ومرممي المتحف والعاملين أيضاً لوصف جودتها وشدتها ومدى الاستحسان.

وأوضح الدكتور عبدالرازق النجار، أن التحنيط كان جزءا أساسيا من الممارسات الجنائزية المصرية القديمة، حيث اعتمد على استخدام الزيوت، الشموع، والراتنجات للحفاظ على الجسد.

وأشار إلى أن تصنيف الروائح طبقًا لمواد التحنيط أو نواتج التلف البيولوجي يساعد العاملين في المتاحف على حفظ المومياوات وإدارتها بشكل أكثر احترامًا ومنهجية.

ونوه إلى أن نتائج الدراسة كشفت عن أن الروائح المنبعثة من المومياوات يمكن أن تكون ناتجة عن مواد التحنيط الأصلية، أو الترميم والصيانة الحديثة، أو التحلل الطبيعي بسبب العوامل البيولوجية.

وأوضح أن الدراسة أثبتت كذلك إمكانية استخدام تحليل الروائح كطريقة غير متلفة لدراسة البقايا الأثرية، مما يتيح إمكانية إعادة إنتاج روائح المومياوات القديمة مستقبلاً، لتوفير تجربة تفاعلية للزوار عبر "مناظر طبيعية للرائحة".

من جانبه، قال البروفيسور ماتيا سترليتش، أستاذ الكيمياء التحليلية وعلوم التراث بكلية بارتليت للبيئة والطاقة والموارد بكلية لندن الجامعية بإنجلترا وجامعة ليوبليانا بسلوفينيا والباحث الرئيسي للدراسة، إن الروائح المنبعثة من المومياوات طالما جذبت اهتمام الخبراء والجمهور، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الجمع بين التحليل الكيميائي والتقييم الإدراكي للروائح، مما يوفر فهمًا أعمق لمواد التحنيط القديمة ويعزز طرق حفظها.

بدورها ..أوضحت الدكتورة سيسيليا بيمبيبر بكلية بارتليت للبيئة والطاقة والموارد بكلية لندن الجامعية بإنجلترا، احدى المشاركات في الدراسة ،أن الدراسة كشفت عن معلومات جديدة باستخدام الروائح، مما يبرز أهمية توظيف الحواس في دراسة التاريخ، مشيدة بأهمية التعاون مع الباحثين المصريين لضمان تمثيل خبرتهم، مؤكدةً أن هذا البحث يضع معايير أخلاقية لدراسة المومياوات بعيدًا عن المعاملة التقليدية للقطع الأثرية الأخرى.

من جهته، علق الدكتور علي عبد الحليم، مدير المتحف المصري بالتحرير، والباحث المشارك فى الدراسة بأن المصريين القدماء كانوا يولون أهمية خاصة للرائحة أثناء التحنيط، حيث ارتبطت الروائح الطيبة بالنقاء والطابع الإلهي، فيما اعتُبرت الروائح الكريهة مؤشرًا على تحلل الجسد.

وأضاف مدير المتحف "لا يزال المرممون حتى اليوم يصفون روائح المومياوات بـ"اللطيفة"، نظرًا لاعتماد التحنيط على راتنجات مثل الصنوبر، الأرز، العرعر، المر، واللبان".

ولفت إلى أن نتائج تلك الدراسة أكدت أن ممارسات التحنيط المصرية لم تكن مجرد تقنيات لحفظ الأجساد، بل كانت ذات أبعاد روحية وثقافية متكاملة، كما تسهم هذه النتائج في تعزيز أساليب الحفظ في المتاحف، وربما في المستقبل تتيح للجمهور تجربة التراث المصري القديم بشكل أكثر تفاعلية من خلال استكشاف روائح الماضي.