بخطى متسارعة، تسابق مصر الزمن بغية إنهاء تصورها بشأن إعادة إعمار قطاع غزة، الذي دمرته حرب الإبادة الإسرائيلية التي امتدت لأكثر من 15 شهرًا، بما يحول دون تنفيذ المخططات الأمريكية الإسرائيلية التي تستهدف تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وهو ما يحافظ في الوقت نفسه على حق هذا الشعب في البقاء على أرضه، حتى يتسنى له الحصول على كافة حقوقه وفق قرارات الشرعية الدولية.
إعمار قطاع غزة
وترتكز الرؤية المصرية في ملف إعادة إعمار قطاع غزة على ضرورة البدء بشكل فوري في ذلك، ودون خروج الفلسطينيين من أرضهم، وهو ما أكدت عليه مصر من كافة المستويات السياسية، ولقي دعمًا دوليًا واسعًا، خاصة في الأوساط العربية.
تستهدف رؤية مصر تلك في الدرجة الأولى الحيلولة دون تنفيذ المخططات التي تستهدف تهجير الفلسطينيين من أرضهم، حيث من شأن ذلك أن يحافظ على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.
في غضون ذلك، تجري مصر اتصالاتها المكثفة بغرض تشكيل لجنة مؤقتة للإشراف على عملية إعادة إعمار القطاع الفلسطيني، وفق ما صرح به مصدر رفيع المستوى لقناة "القاهرة الإخبارية".
ومن المقرر أن تطرح مصر في أقرب وقت ممكن تصورًا متكاملًا لإعادة إعمار قطاع غزة بشكل يستهدف تقديم الدعم إلى أهالي هناك من خلال تنفيذ برامج ومشروعات للتعافي المبكر وإزالة الركام وإعادة الإعمار، بوجودهم على أرضهم.
ويرجح أن تتكشف ملامح هذا التصور بشأن إعمار قطاع غزة، والمدعوم بالإرادة الدولية، خلال القمة العربية المقرر لها نهاية الشهر الجاري، بيد أن وكالة "رويترز" للأنباء رجحت أن يتم الكشف عنها قبل الاجتماع العربي.
المصادر تتحدث عن أن هناك خطتين مصريتين لإعادة بناء غزة دون المساس بسكانها، مؤكدين أن رؤية مصر للحل لا تتضمن أي شكل من أشكال التهجير، وفق ما أفادت به قناة "إكسترا نيوز..
في سياق متصل، أكدت المصادر، أن مصر ترفض أي مقترح لتخصيص أرض لسكان قطاع غزة، وتتمسك بعدم إخراج الفلسطينيين من أراضيهم أو توطينهم في أي مكان آخر، وتشدد على أن أي حلول للأزمة يجب أن يتضمن بقاء سكان القطاع داخل أراضيهم.
رؤية مصر للإعمار
الخطة المصرية في شأن إعادة إعمار قطاع غزة، بحسب مصادر إعلامية، ستكون في مواجهة مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتهجير أهالي القطاع، واستغلاله في مشاريع عقارية تحول المنطقة إلى ما أسماه بـ"ريفييرا الشرق الأوسط".
وفي هذا الإطار، قالت المصادر، إن أحدث مقترح قدمته القاهرة يتضمن تشكيل لجنة فلسطينية لحكم قطاع غزة دون مشاركة حركة حماس، وتعاونًا دوليًا في إعادة الإعمار دون تهجير الفلسطينيين، إضافة إلى المضي نحو حل الدولتين.
من جانبه أكد مصدر مطلع لقناة "القاهرة الإخبارية"، أن حماس تؤكد التزامها باتفاق وقف إطلاق النار بمراحله الثلاث، وعدم مشاركتها في إدارة القطاع خلال المرحلة القادمة.
وينص المقترح على أنه بمجر إزالة الأنقاض سيتم إقامة 20 منطقة إسكان مؤقت، حيث ستعمل نحو 50 شركة مصرية وأجنبية أخرى من أجل إنجاز ذلك.
ونقلت المصادر، قولهم إنهم "يعتقدون أن الخطة كافية لتغيير رأي ترامب، ويمكن فرضها على حركة حماس والسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس".
وتأتي التحركات المصرية المتسارعة في إطار مواجهة ما يروج له الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول تهجير فلسطينيي قطاع غزة إلى دول مجاورة، كالأردن ومصر، وهو ما رفضه البلدان.
ولمواجهة تلك الدعاوي أيضًا، أكدت مصر دعمها الكامل لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بحقوقه المشروعة في أرضه ووطنه، وبمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وشددت على رفضها لأي مساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواءً كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل، وبما يهدد الاستقرار، وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلي المنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها.
مصر الداعم الأول
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، حرصت مصر على تقديم كافة أوجه الدعم للأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، سواء فيما يتعلق بالصعيد الإنساني بما فيه من إدخال المساعدات وعلاج المرضى، أو فيما يتعلق بالصعيد "الدبلوماسي" بما فيه من العمل على تقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع.
وعلى الصعيد الأممي والدولي، حظي الموقف المصري بإشادة واسعة، لا سيما فيما يتعلق بجهود الإغاثة التي قدمت للأشقاء في غزة، بما يعينهم على مواجهة تداعيات حرب الإبادة الجماعية، التي أتت على 88 بالمائة من مساحة القطاع الفلسطيني.
ولأكثر من 75 عامًا، كانت مصر قيادة وشعبًا الداعم الأكبر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه، حتى باتت تُعرف بأنها "صاحبة الملف"، التي صاغت له ثوابت ومحددات لا يمكن أن تُزحزح عنها.
ومرارًا وتكرارًا، أكدت مصر على أن دعمها سيستمر للقضية الفلسطينية حتى يتم التوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني، ولا سيما ما يتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
وما بين نكبة عام 1948، وطوفان الأقصى عام 2023، يبقى الشعب الفلسطيني شاهدًا ومُقدرًا لدور المصري في دعم تمسكه بأرضه، حيث يبقى ذلك خير حافظ وشاهد لتلك القضية في مواجهة التطرف الصهيوني.