يزخر تاريخنا الثقافي والفني بنجوم مضيئة، عاشت تتلألأ في حياتنا، من مؤلفين وممثلين ومخرجين، ونجومًا خلف الستار، أضافوا الكثير بالتزامهم وإخلاصهم و مواهبهم وإبداعهم في مسيرة المسرح المصري والعربي، و أسعدوا الجمهور بكل ما قدموا، تركوا إرثًا فنيًا في الحركة الفنية المصرية وحفروا أسماءهم في عالم الإبداع بما قدموه بعروض مسرحنا المصري.
ومع بوابة «دار الهلال» نواصل تسليط الضوء يوميًا على رحلة أحد صناع رحلة المسرح المصري على الخشبة، ومن عالمه، وخلف الستار، ومن المؤلفين والمخرجين، والمشاركين في خلق العرض، و لنسافر معه من خلال سطورنا تحت عنوان «نجوم المسرح المصري».
و اللقاء اليوم مع «الجوكر» محمود الجندي
أبدع في تجسيد أدوار لا تُنسى، فكان سيد التحول بين الكوميديا والتراجيديا بعبقرية فريدة، برع في تقديم شخصيات قريبة من القلب، تميزت بالبساطة والعمق في آنٍ واحد، بمسيرةٍ حافلةٍ بالعطاء، نقش اسمه في ذاكرة الفن العربي بموهبةٍ أصيلة وأداءٍ صادقٍ يلامس المشاعر، وصوت يلامس القلوب، رحل بجسده، لكنه بقي حاضرًا في قلوب محبيه بأعماله الخالدة التي تتحدث عنه ببلاغةٍ تفوق كل الكلمات إنه جوكر الفن المصري محمود الجندي.
الميلاد والدراسة
ولد محمود الجندي في 24 فبراير عام 1945م، في مركز «أبو المطامير» بمحافظة «البحيرة»، ودرس في مدرسة الصنايع وتخرج في قسم النسيج و عمل في أحد المصانع، ثم تقدم للالتحاق بالمعهد العالي للسينما بأكاديمية الفنون وتخرج فيه بالحصول على درجة البكالوريوس عام 1967م
بدأ حياته الفنية في النصف الأول من سبعينات القرن الماضي، بعدما أنهى فترة تجنيده بسلاح الطيران، التي استمرت سبع سنوات كاملة، نال خلالها شرف المشاركة في حرب العبور في عام 1973م، وتحرير سيناء.
حي في ذاكرة الجمهور
بدأ محمود الجندي حياته العملية في رحلته الفنية مع فرقة «مسرح الطليعة» عام 1974م، وشارك من خلالها في بطولة العديد من المسرحيات، ثم شارك بعد ذلك بعدد من عروض القطاع الخاص، وبدأت مشاركاته محمود الجندي السينمائية مبكرا في عام 1976م، وقدم العديد من الشخصيات الدرامية المتميزة في العديد من الأفلام المهمة التي عاشت وظلت في ذاكرة الجمهور منها..«حكايات الغريب، حدوتة مصرية، التوت والنبوت، واحد من الناس، كباريه، ليلة البيبي دول، الفرح، قلب الليل».
وساهم محمود الجندي في إثراء الدراما التلفزيونية بالمشاركة في عدد من المسلسلات المهمة منها.. «الشهد والدموع، أبنائي الأعزاء شكرا، عيلة الدوغري، أبو العلا البشري، عصفور النار، ضمير أبلة حكمت، حديث الصباح والمساء، الجماعة، رمضان كريم».
الأدوار الرئيسية المؤثرة
شارك الفنان القدير محمود الجندي بأداء بعض أدوار البطولة الثانية وبعض الأدوار الرئيسية المؤثرة في عدد كبير من الأفلام السينمائية التي قد يزيد عددها على مائة فيلم وكذلك شارك في الكثير من المسلسلات بالتلفزيون و تمتع بصوت عذب معبر حتى أنه اشتهر بإجادته لغناء المواويل، التي كان يقوم أحيانًا بتوظيف مقاطع غنائية منها ببعض أعماله الفنية والمسرحية، كما قدم ألبوما غنائيًا بعنوان: اسم«فنان فقير»عام 1990م.
على خشبة المسرح المصري
شارك محمود الجندي في العديد من العروض المسرحية وعلى الرغم من قلتها مقارنة مقارنة بمشاركاته السينمائية والتلفزيونية الكثيرة ، لكن ظل المسرح الفن المحبب للممثل القدير محمود الجندي و قضى في العمل به كممثل محترف أكثر من نصف قرن، شارك خلالها بعروض بعض الفرق المسرحية المهمة والمتميزة، وابتعد «الجندي» عن المسرح سنوات طويلة قام بتركيز جهوده خلالها على مشاركاته بالسينما والتلفزيون لكنه كان يعود للمشاركة بالعروض المسرحية، وتتمثل مشاركاته في المسرح المصري فيما يلي..
فرق مسرح الدولة
فرقة «مسرح الطليعة».. مسرحيات «محاكمة عم أحمد الفلاح» 1974م، «دون كيشوت»، «الحب بعد المداولة» 1975م، «مولد الملك معروف»، «حسن ونعيمة»، «شكسبير في العتبة» 1976م، «ياعنتر» 1977م.
فرقة «المسرح القومي».. مسرحيتي «ولاد اللذينة» 2007م، «اضحك لما تموت» 2018 م، ومع فرقة «القاهرة للعرائس» شارك في مسرحية «علاء والمصباح» 1978م.
ومع فرقة «مسرح التلفزيون» شارك في «ثرثرة فوق النيل» 1990م.
فرقة «الغنائية الاستعراضية».. مسرحيات «ست الحسن» 1992م، «عجايب»1994م، «بلد السلطان» 2016م، ومع فرقة «المسرح الحديث» في مسرحيات «حلاق بغداد» 2002م، «سي علي وتابعه قفة» 2009م، «ملك الشحاتين» 2010م.
ومع فرقة «القومي للأطفال» شارك في «أمير الخيال» 2006م، ومع فرقة «الغد» شارك في «يا عزيز عيني» 2006م ، ومع فرقة «الشباب» شارك في«اللي بنى مصر» 2014م
فرق القطاع الخاص
شارك محمود الجندي في مسرحيات عديدة حيث شارك مع فرقة «المسرح الجديد» في عرض «مبروك» 1977م، ومع فرقة «الكوميدي المصرية» شارك في «إنها حقا عائلة محترمة»1977 م.
ومع فرقة «الفنانين المتحدين» شارك في مسرحية «علشان خاطر عيونك»1987م، ومع فرقة «مسرح الفن» شارك في «المليم بأربعة» 1989م، «باحبك يا مجرم» 1990م، «تتجوزيني يا عسل» 1992م، «برهومة وكلاه البارومة» 2005م.
ومع فرقة «المصري المسرحية» شارك محمود الجندي في«عالم يهوس» 1981م، ومع فرقة «الريحاني» شارك في مسرحية «الرعب اللذيذ» 1983م، ومع فرقة «يسري الإبياري» شارك في«وراك وراك» 1984م، وقدم مع فرقة «المصرية للكوميديا» في مسرحية «ما حدش يقدر عليهم» 1986م، ومع فرقة «كنوز» شارك في «البرنسيسة» 1986م، «حالة طوارئ» 1988م، ومع فرقة «الصقر» شارك في «حظ نواعم» 1995م.
ومع فرقة «عصام إمام» شارك في مسرحيات.. «باللو» 1996م، «شبورة» 1998م، «هالاهوطة بركوتة» 2000م، ومع فرقة «الكوميدي شو» شارك في مسرحيات «على كيفك ياقمر» 1999م.
ومع فرقة «أوسكار» شارك في مسرحية «طرائيعو» 2002، ومع «شريف عبد العظيم»، شارك في «شيء في صبري» 2002م، ومع فرقة «نجم» شارك في مسرحية «عفيفي بقى فيفي»2011م.
المسرحيات المصورة
وشارك محمود الجندي في العديد من المسرحيات المصورة التي أنتجت خصيصا للعرض التلفزيوني ومن بينها..
«ليلة بمبي» 1980م، «مجنون عاقل جدا»، «عصفور في التلفزيون»، «جوزي على كف عفريت» بعام 1984م، «جنان في جنان»، «دكتور مزيف»، «افتح المحضر»، «انتبهوا أيها الأزواج» 1986م، «عصفور طار عقله» 1987م، «جواز البنات» 1988م، «الصفعة» 1989م.
«بخيل بالوراثة» 1990م، «المحامي والطبيب والنجم»، «مصيدة المجانين»، «مطلوب حيًا أو ميتًا»، «جيران الهنا» 1992م، «العين السحرية»، «الفخ»، «الغريب»1993م، «عائلة الفك المفترس» 1995م، «الشمس بترجع من تاني» 2002م، «اللي عايزني يجيني»، «إيه اللي حصل في شهر العسل»،«عيب يا محترم»، «وما زالت العائلة تنتظر».
ثمار الرحلة
نال الفنان القدير محمود الجندي العديد من الجوائز والأوسمة وشهادات التقدير في مصر و من بعض الدول العربية منها.. درع مهرجان «المسرح العربي» للجمعية المصرية لهواة المسرح في دورته السابعة عام 2008، تكريم «المجلس الأعلى لحقوق الإنسان» على مشاركته التلفزيونية المتميزة بمسلسل «بعد البداية» 2015م، درع قطاع الإنتاج الثقافي 2017 م بمناسبة احتفالات نصر «العاشر من رمضان» لما قدم للوطن بأدائه الرائع لدوره في فيلم «حكايات الغريب».
وكرم في مهرجان «النهج السينمائي الدولي» بدورته الثالثة في «كربلاء» بالعراق عام 2017م، وحصل على جائزة التميز والإبداع الفني بمهرجان «السياحة العربية» بدورته الحادية عشر 2018.
وكان آخر تكريم حظي به الفنان محمود الجندي من قبل «الهيئة العامة لقصور الثقافة» 2019 تقديرًا لجهوده العديدة والمتميزة في إثراء مسارح الأقاليم، تم إهدائه درع الهيئة وإطلاق اسمه على فرقة «أبو المطامير» التي كان له فضل تأسيسها.
رحيل وأثر باق
رحل عن عالمنا الفنان القدير محمود الجندي في الساعات الأولى من صباح يوم الخميس 6 شعبان 1440 هـ/ 11 أبريل 2019 م عن عمر يناهز 74 لكنه ظل باقيا في حياتنا وفي وجداننا بكل ما قدمه برحلته الفنية الثرية التي خلدت اسمه وأدواره في ذاكرتنا وحفرت بها.