أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، أنه سيزور يوم الثلاثاء المقبل القاهرة للمشاركة في مؤتمر القمة الاستثنائي لجامعة الدول العربية لمناقشة إعادة إعمار غزة.
وأشار جوتيريش في تصريحات له نقلها المكتب الإعلامي للأمم المتحدة بالقاهرة، إلى أنه ومنذ هجمات 7 أكتوبر، جرّت الأعمال العدائية التي أعقبت ذلك مستويات غير مسبوقة من الموت والدمار في غزة، فأصبحت غزة بؤرة للموت والنزوح والجوع والمرض، ودُمّرت المستشفيات والمدارس ومرافق المياه وتحولت إلى أنقاض، ويحدق بالسكان خطر التعرض للمزيد من الدمار.
وأعتبر جوتيريش أن مؤتمر القمة الذي سيُعقد الثلاثاء يمثل فرصة ليجتمع قادة العالم العربي ويناقشوا العناصر المطلوبة لتحقيق السلام والاستقرار في غزة، وسيساعد موقفهم الموحد في توجيه سُبل المضي قدما.
وتناول جوتيريش الأولويات الرئيسية التي سيستعرضها أمام القمة، حيث يجب أن يصمد اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، مؤكدا أن الأيام القادمة حاسمة، وأنه لا يجب على الطرفين ادّخار أي جهد لتجنب انهيار هذا الاتفاق.
وحث الطرفين على الوفاء بالتزاماتهما وتنفيذها بالكامل، مؤكدا أنه يجب إطلاق سراح جميع الرهائن فورا ودون شروط وبطريقة تصون كرامتهم، ويجب على الطرفين ضمان المعاملة الإنسانية لجميع المحتجزين تحت سلطتهم، ويجب الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية وحمايتها وتمويلها والسماح بإيصالها دون عوائق إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها.
وقال جوتيريش إن كل لحظة يصمد فيها وقف إطلاق النار تعني الوصول إلى عدد أكبر من الأشخاص وإنقاذ المزيد من الأرواح.
وأضاف الأمين العام أنه منذ وقف إطلاق النار، تمكّن العاملون في المجال الإنساني من تكثيف عملياتهم في غزة وتوسيع نطاقها، بما في ذلك إلى المناطق التي تعذّر الوصول إليها أثناء القتال، وبالتعاون مع شركائنا، وصلت الأمم المتحدة إلى مئات الآلاف من الأشخاص.. ووفّرت الغذاء لجميع السكان في غزة تقريبا.. وأوصلت مستلزمات الإيواء والملابس وغيرها من المواد الأساسية لعشرات الآلاف من النازحين.. وضاعفت كمية المياه النظيفة المتاحة للناس في غزة.
وتابع أنه وفي الوقت نفسه، قام شركاء الأمم المتحدة بتوزيع الإمدادات الطبية لتصل إلى حوالي 1,8 مليون شخص، مما ساعد المرافق الصحية على مواصلة عملها المنقذ للحياة.
وأكد قائلا: إذا ما توفرت لنا الظروف المناسبة وأُتيح لنا الوصول، يمكننا القيام بأكثر من ذلك بكثير، ويجب أن يصمد وقف إطلاق النار، ويجب أن نُبقي شريان الحياة الإنساني مفتوحا.
وفي هذا الإطار، ناشد جوتيريش مرة أخرى بتقديم الدعم العاجل والكامل لعمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والحفاظ على دور (الأونروا) الفريد من نوعه.
وأكد جوتيريش أن إنهاء الأزمة الآنية ليس سوى الخطوة الأولى، ويجب أن يكون هناك إطار سياسي واضح يُرسي الأسس اللازمة للتعافي وإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار الدائم في غزة، ويجب أن يستند هذا الإطار إلى مبادئ واضحة، وهذا يعني الالتزام بأسس القانون الدولي، ومنع أي شكل من أشكال التطهير العرقي، وهو ما يعني أنه ينبغي ألا يكون هناك وجود عسكري إسرائيلي طويل الأمد في غزة، بالإضافة إلى معالجة الشواغل الأمنية المشروعة لإسرائيل، وكذلك المساءلة عن انتهاكات القانون الدولي، وبقاء غزة جزءا لا يتجزأ من دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية وذات سيادة، دون أي انتقاص من أراضيها أو نقل قسري لسكانها.
وشدد الأمين العام على أنه يجب التعامل مع قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة - بما في ذلك القدس الشرقية - ككيان واحد - سياسيا واقتصاديا وإداريا...تحكمهما حكومة فلسطينية يقبلها الشعب الفلسطيني ويدعمها، ويجب أن تصمم أي ترتيبات انتقالية بهدف التوصّل إلى حكومة فلسطينية موحدة في إطار زمني دقيق ومحدود.
وأشار الأمين العام إلى أنه يدعو كذلك إلى تهدئة عاجلة للوضع المثير للجزع في الضفة الغربية، فالمنازل والبنية التحتية المدنية تُدمّر، والمدنيون يُقتلون، والمجتمعات المحلية تُهجّر وتُمنع من العودة، ويُمنع الوصول إلى الرعاية الصحية، ويجب أن تتوقف الأعمال أحادية الجانب، بما في ذلك التوسع الاستيطاني والتهديدات بالضم.
ودعا جوتيريش أيضا إلى وضع حد للهجمات على المدنيين وممتلكاتهم، واتخاذ خطوات ملموسة - الآن - نحو تحقيق حل الدولتين.
وقال إنه يجب أن يتمتع الشعب الفلسطيني بالحق في أن يحكم نفسه بنفسه، وأن يرسم مستقبله بنفسه، وأن يعيش على أرضه في حرية وأمان، والطريق الوحيد لتحقيق السلام الدائم هو الطريق الذي تعيش فيه دولتان - إسرائيل وفلسطين - جنبا إلى جنب في سلام وأمن، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتكون القدس عاصمة للدولتين.
واختتم جوتيريش تصريحاته قائلا: إن الفلسطينيين يستحقون الاستقرار الدائم والسلام العادل والقائم على المبادئ، ويستحق شعب إسرائيل أن يعيش في سلام وأمن، وفي هذه اللحظة الهشة، يجب أن نتجنب استئناف الأعمال العدائية التي من شأنها أن تعمّق المعاناة وتزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة هي أصلا على شفا هاوية.. نحن بحاجة إلى إعادة إعمار مستدامة وحل سياسي موحد وواضح وقائم على المبادئ.. وهذا ما سأدعو إليه في القاهرة الأسبوع المقبل.