السبت 1 مارس 2025

ثقافة

نساء في الإسلام (1ـ 30)| خديجة بنت خويلد.. صدِّيقة الأمة وأمُ المؤمنين

  • 1-3-2025 | 10:53

خديجة بنت خويلد

طباعة
  • همت مصطفى

في أروقة التاريخ وإشراقة الحضارة، تتلألأ صور «نساء الإسلام» كنجومٍ سطعت في سماء الإيمان والعطاء، خلدهن إيمانهن و مواقفهن القوية دفاعًا عن ديننا الحنيف ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها فتركن أثرًا كبيرًا  محفوظًا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق.

ومع بوابة «دار الهلال» في أيام شهر رمضان الكريم لعام 1446 هجريًا  نقدم كل يوم حلقة من سلسلة «نساء في الإسلام» لتأخذنا إلى عمق النفوس، حيث تتجسد شجاعة المرأة وعزمها في مواجهة تقلبات الزمان، في كل حلقةٍ، نكتشف حكاياتٍ نسجت بخيوط العزيمة والإيمان، رسمت بمسحاتٍ من النور ملامح الحضارة الإسلامية هنا، يتلاقى الجمال الروحي مع القوة الإنسانية، وتنبثق من رحم التحديات أروع معاني التضحية والكرامة، لتكون المرأة ركيزة لا غنى عنها في بناء حضارتنا وإرثها العريق.

ولقاءنا اليوم في أول أيام رمضان 1446 هجريًا.. 1 مارس 2025 ميلاديًا  مع «خير نساء العالمين» السيدة خديجة رضي الله عنها.

صدِّيقــة الاُمــة

تحظى السيدة خديجة بنت خويلد  بمكانة كبيرة وعظيمة  في الإسلام وعند المسلمين؛ فهي صدِّيقة هذه الاُمة وأوّلها إيمانًا بالله وتصديًقاً بكتاب الله القرآن الكريم، وقوة ومواساةً لرسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم  حيث كانت أول من آمن بالرسول وصدقه قبل  العالمين، وتلقب السيدة خديجة بأم المؤمنين وتعرف أنها «خير وسيدة  نساء العالمين»، وعن أنس أن النبي قال «حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران، وخديجة من خويلد، وفاطمة بنت محمد ، وآسية  امرأة فرعون».

وكان قد قُدِّر لخديجة -رضي الله عنها- أن تتزوج مرتين قبل أن تتشرَّف بزواجها من رسول الله محمد، و مات عنها زوجاها، وتزوجها رسول الله قبل الوحي وهي  أول زوجاته، وعاشت معه خمسًا وعشرين سنة؛ فقد بدأ معها في الخامسة والعشرين من عمره، وكانت هي في الأربعين، وظلا معًا إلى أن توفاها الله وهي في الخامسة والستين، وكان عمره في الخمسين، وهي أطول فترة أمضاها النبي مع هذه الزوجة الطاهرة من بين زوجاته جميعًا، وهي، وإن كانت في سن أمِّه لكنها كانت أقرب زوجاته إليه ولم يتزوج عليها غيرها طوال حياتها، وكانت أم أبنائه  الذكور والإناث إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية رضي الله عنها، فكان له منها: القاسم وبه كان يُكنَّى، وعبد الله، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة.

فضائل السيدة خديجة

اتصفت السيدة خديجة بالكثير من الصفات الحميدة والأخلاق الفاضلة  من بينها العفّة والطهارة فرغم البيئة والمجتمع المحيط بها حينذاك كان ملئيا بالفواحش والمنكرات غير أنها لقّبت بالطاهرة، وعُرفت رضي الله عنها بالحكمة والعقلانية؛ وُصفت بالحزم والتعقّل في العديد من المصادر والمراجع لا التي تحدّثت عنها، ومن بين  المواقف التي تدل على ذلك أنها أرسلت للرسول محمد صلى الله عليه وسلم  ليتولى  أمور تجارتها   لما  عرفت عنه من الصدق والأمانة.

وعن سمة الحكمة فقد وضحت  عندما استقبلت الرسول بعد ما أُرسل الله إليه الوحي «جبريل» عليه السلام فصدقته وذهبت به إلى ورقة بن نوفل، وطمأنته بأن الله تعالى لن يخزيه أبدًا، وتميّزت السيدة خديجة بنت خويلد بأن كانت أول من ناصرت الرسول بعد بعثته لقومه وأمره بالدعوة للدين الإسلامي فكانت أوّل من آمن به وصدّقه كما أنّها نصرته في كل المواقف الصعبة والظروف والأحوال، ثمّ عاشت تؤازر الرسول في دعوته وتكافح معه في سبيل  الدعوة، والجهاد وتدعمه بكل ما تملك وكانت توفّر للرسول الطعام والشراب عندما كان يعتكف في غار حراء، وخرجت معه في أعوام الحصار التي استمرت لثلاث سنوات وخرجت مع الرسول عليه الصلاة والسلام عندما حصرت قريش  بني هاشم وبني عبد المطلب إلى شعاب مكة عندما فُرض عليهم الحصار رغم كبر سنّها وقتذاك.

عـام الحــزن

ورحلت السيدة خديجة عن عالمنا و توفيت قبل هجرة الرسول  إلى المدينة المنورة بثلاث سنوات، وكانت تبلغ من العمر خمس وستون سنة، ويذكر أن الرسول أنزلها بنفسه في حفرتها، وأدخلها القبر بيده، و يتزامن وقت وفاتها مع العام الذي تُوفِّي فيه عم الرسول أبو طالب وهو الذي كان أيضًا يدفع أيضًا عنه ويحميه بجانب سيدة نساء العالمين السيدة خديجة، ولذا فقد حزن الرسول ذلك العام حزنًا شديدًا حتى سُمي «عام الحزن» لمكانتها الغالية عند رسول الله، ومكث الرسول  فترة بعدها بلا زواج حزنا عليها وفقده.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة