يمثل شهر رمضان الكريم فرصة فريدة للتأمل والتجديد الروحي، وهو أيضًا مناسبة للتواصل الثقافي والفكري، في هذا الشهر المبارك، تتجلى القيم الإنسانية السامية من تسامح وتراحم، مما يُلهم الأدباء والشعراء والفنانين التشكيليين للإبداع والتعبير بأساليبهم الفريدة، حيث تحمل تلك الحوارات طابعًا مميزًا، وتكشف عن رؤياهم الروحية وتأملاتهم الفكرية، ومن خلال تلك المناسبة تستعرض بوابة دار الهلال مجموعة من الحوارات مع مختلف الأدباء والشعراء والفنانين.
وفي السطور التالية نلتقي مع الكاتب الكبير يوسف القعيد، لنتعرف عن ذكرياته في شهر رمضان المبارك وأهم ما أثر على كتاباته.
ما هي أبرز ذكرياتك في شهر رمضان؟
ذكرياتي في رمضان تعود إلى قريتي التي ولدت ونشأت وعشت بها، وكتبت عنها في رواياتي، وهي قرية الظاهرية، التابعة لمركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة، اسمها يعود إلى الظاهر بيبرس، الحاكم الذي ترك أثره في العديد من البلدان.
في قريتي عرفت الصيام لأول مرة، وتذوقت عظمته وجماله، لأنه تدريب نفسي نادر يمنح الإنسان على التحمل والصبر، ويعلمه فعل شيء بإرادته الحرة، لا لإرضاء الآخرين، بل لإرضاء نفسه وربه واخرته ودنيته.
هل الأجواء الروحانية ساعدت على صفو ذهنك أثناء الكتابة؟
من الذكريات المميزة جلوسي مع الأديب جمال الغيطاني في سيدنا الحسين في رمضان، حيث نجتمع وننتظر أذان المغرب لا المدفع على المقاهي والمطاعم المحيطة بالميدان، وهي عادة جميلة تمنح رمضان طابعًا خاصًا، فهي من الطقوس الرائعة التي كنا نقوم بها معا.
أما في قريتي كنا نقضي الكثير من الوقت في المسجد طوال النهار، ليس فقط لأداء الفرائض، بل لتعميق فكرة الصيام ومعايشتها والتعامل معها كجزء من عبقرية الإسلام.
هل انعكست أجواء رمضان على أعمالك الأدبية؟
نعم، رمضان كان حاضرًا في كتاباتي، وأبرز مثال على ذلك روايتي الحرب في بر مصر، التي تناولت حرب السادس من أكتوبر عام 1973، والتي وقعت في العاشر من رمضان، حيث تتجلى الرمضانيات بكثرة لها، هذه الرواية تميزت بأسلوب السرد المتعدد، حيث يروي كل بطل الأحداث من وجهة نظره، ثم يأتي آخر ليكمل ما بدأه الأول، مما جعلها رواية رمضانية اكتوبرية من الدرجة الأولى، لا يجب أن ننسى أن رمضان في ذلك العام كان متداخلًا مع حدث وطني كبير "حرب أكتوبر"، مما أضفى عليه روحانية خاصة، سواء على المستوى الشخصي أو الأدبي.
ما هي طقوسك للكتابة في رمضان؟
الأجواء الروحانية متواجدة بكثرة في كتاباتي ومؤلفاتي الأدبية وسلوكي الشخصي، حيث كنت أتردد على الأحياء الشعبية دائما، وكنت أزور السيدة زينب باستمرار، خاصة أثناء ذهابي وعودتي من دار الهلال، وكنت أذهب إلي سيدنا الحسين في رمضان مع جمال الغيطاني والراحل نجيب محفوظ في مقهى الفيشاوي خلال رمضان، حيث تبادلنا الأحاديث والذكريات الأدبية، ومن الأشياء الجميلة التي أحبها هو وجود متحف نجيب محفوظ الذي أقرته الدولة والثقافة المصرية والشعب في الناحية المقابلة لسيدنا الحسين، فكلما ذهبت لهناك لابد أن أقرأ الفاتحة لمحفوظ في متحفه.
هل اختلف رمضان قديما عن الآن؟
اختلف بالطبع، فالدراما التلفزيونية أصبحت تأخذ وقت كبير وجزءًا من الطقوس، والكثيرون يتابعونها بعد الإفطار، أما من يحرصون على صلاة التراويح، فلا أظن أنهم يهتمون بمشاهدتها، رغم أنها موسمًا رمضانيا دراميًا خاصًا له طابعه المميز.
في عصر الذكاء الاصطناعي، هل يمكن أن يفرض نفسه على الساحة الأدبية؟
لا أستطيع الحكم على ذلك، بالنسبة لي، الكتابة تعني أن القلم في يدي والورق الأبيض امامي، وأمارس هذا الفعل بكل حب، أما الأشياء التي فرضها علينا العصر الحديث، فلا أعرف عنها الكثير، ولا أخجل من الاعتراف بذلك.
هل لديك مشاركات ثقافية خلال شهر رمضان؟
نعم، هناك بعض الفعاليات الثقافية التي قد أشارك بها خلال رمضان