الثلاثاء 4 مارس 2025

ثقافة

حكايات على ألسنة الحيوانات «كليلة ودمنة».. قصة «الأسد والثور» (4-30)

  • 4-3-2025 | 11:51

كليلة ودمنة

طباعة
  • فاطمة الزهراء حمدي

يُعَدُّ كتاب «كليلة ودمنة» من أشهر الكتب العالمية التي تحمل بين طياتها عالماً واسعًا من الحكايات والحكم. يضم الكتاب مجموعة متنوعة من القصص التي ترجمها عبد الله بن المقفع من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية في العصر العباسي، وتحديدًا في القرن الثاني الهجري، مضيفًا إليها أسلوبه الأدبي المميز. ويُجمِع العديد من الباحثين على أن أصل الكتاب يعود إلى التراث الهندي، حيث تُرجم في البداية إلى الفارسية، ثم نقله ابن المقفع إلى العربية بأسلوبٍ راقٍ ومبدع.

 

يُروى أن سبب تأليف «كليلة ودمنة» يعود إلى رغبة ملك هندي يُدعى دبشليم في تعلم الحكمة بأسلوب مشوّق ومسلٍ، فطلب من حكيمه بيدبا أن يضع له هذا الكتاب، فجاءت الحكايات في قالبٍ أدبي رائع استخدم فيه بيدبا أسلوب الحكايات على لسان الحيوانات، لتقديم دروسٍ أخلاقية وحِكَمٍ إنسانية خالدة.

 

أصبحت النسخة العربية من «كليلة ودمنة» محطةً هامةً في تاريخ الأدب، حيث أسهمت بشكل كبير في انتشار الكتاب وترجمته إلى العديد من لغات العالم. ويصنّفه النقاد العرب القدامى ضمن الطبقة الأولى من كتب الأدب العربي، ويعدونه واحدًا من أبرز أربعة كتب مميزة.

يتألف الكتاب من خمسة فصول تحتوي على خمسة عشر بابًا رئيسيًا، تتناول قصصًا تراثية تعكس تجارب البشر من خلال حواراتٍ شيقة على ألسنة الحيوانات.

 

تُقدّم بوابة «دار الهلال» لقرائها طوال شهر رمضان المبارك لعام 1446 هـ حكاياتٍ يومية من كتاب «كليلة ودمنة»، في إطار سلسلةٍ مميزة تستعيد من خلالها عبق التراث الأدبي. وتُقدَّم اليوم قصة بعنوان «الأسد والثور»، لتستمر الرحلة الممتعة مع عالم الحكايات والحكمة.

وجاء فالقصة: زعم أن أسدا مهابا كان يحكم غابة، وكان له مستشار وصديق لا يفارقه أبدا، وهو ثعلب يدعى "دمنة" وبينما هما يتسامران خار الثور "شتربه" خوارا شديدا في المرج المجاور، فخاف الأسد من صوت الخوار، وحاول جاهدا تمالك نفسه، ولاحظ "دمنة" بفطنته خوف الأسد، وعرض عليه أن يذهب ويستطلع الأمر، فرحب الأسد بذلك.

عاد "دمنة" ووصف الثور للأسد وصفا دقيقا، وطمأنه قائلا: لم أجد للثور قوة تتناسب مع صوته، وإن شئت أحضرته لك خادما مطيعا، وبالفعل ذهب للثور ودعاه لملاقاة الملك ملك الوحوش والسباع، فرد الثور على "دمنة": إن أعطيتني الأمان ذهبت معك، أعطاه "دمنة" الأمان، وانطلقا معا للأسد، وبعد لقاء الثور بالأسد أصبحا صديقين، وقرّبه الأسد منه وأصبح مستشاره الخاص وكاتم أسراره، فاغتاظ "دمنة" لذلك، وقرر أن يكيد للثور بدهائه، فذهب للأسد بعدما تغيب عنه عدة أيام، وقال له: حدّثَني صديقي الصدوق بأن الثور "شتربه" اجتمع سرا بقادة جندك وعازم على قتلك والإنفراد بالملك من بعدك.

 فقال الأسد: وما أدراني أنه يريد بي شرا؟ فأجابه "دمنة": إن من علامات ذلك أن ترى لونه متغيرا، وتراه يهز قرنية، ويلتفت خوفا من الغضب. وفي نفس الوقت انطلق للقاء "شتربه" وقال له: أنت تعلم أني قد أعطيتك عهدا بالأمان على نفسك، وجئت لأحذرك من الأسد، لقد عزم أن يتغذى بك مع أصدقائه، وعلامة ذلك أنك سترى الأسد حين ستدخل عليه رافعا صدره، مرهفا أذنيه للسمع، مارا يبصر نحوك غاضبا.

 وهكذا أوغر "دمنة" صدري الصديقين، وما أن دخل الثور على الأسد وتحقق كل منهما من العلامات التي ذكرها "دمنة" حتى وثب كل منهما على صاحبه لقتله، وبالنهاية وثب الأسد على الثور وثبة قوية، فقتله، وجلس حزينا على فقد أعز أصدقائه.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة