كشف الأزهر الشريف بشكل مفصل عن الحكم الشرعي في استخدام النقط أو الحقن أثناء الصيام، وهو أمر قد يلجأ إليه المرضى خلال نهار رمضان، ويختلف الرأي الفقهي في ذلك بناءً على اعتبارات معينة.
فتاوى رمضان
وفي إجابة على ما حكم وضع النقط في الأنف أو الأذن أثناء الصيام؟، أكد الأزهر، أن "وضع النقط في الأنف مفسد للصوم إذا وصل الدواء إلى الدماغ أو الحلق؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حديث لقيط بن صبرة: «... وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا»، ويجب القضاء يومًا بدلًا منه، فلا يجوز للصائم أن يقطر في أنفه ما يصل إلى معدته، فإذا لم تتجاوز الخيشوم فإنها لن تصل إلى المعدة فلا تفطر".
أما بالنسبة لنقط الأذن، فاوضح أن الفقهاء اختلفوا في صوم من صب في أذنه شيئًا أثناء الصوم؛ طبقًا لاختلافهم فيما إذا كانت الأذن منفذًا مفتوحًا موصلًا إلى الدماغ أو الحلق أم لا.
وبيّن أن الاختلاف في التصوير والتكييف ينبني عليه اختلاف في حكم المسألة؛ فمن اعتبرها منفذًا مفتوحًا موصلًا إلى الدماغ أو الحلق قال بفساد الصوم بالتقطير فيها إذا وصل شيء من ذلك إلى الدماغ أو الحلق، ومن لم يعتبرها كذلك قال بعدم فساد الصوم بالتقطير فيها، سواء وجد أثر ذلك في الحلق أم لا، وعليه، فإن استعمال قطرة الأذن من المسائل المختلف فيها.
وكشف أن المختار للفتوى، أنها لا تفطر ما دامت طبلة الأذن سليمة، تمنع وصول مكوناتها إلى الحلق مباشرة، والصوم حينئذٍ صحيح؛ سواء ظهر أثر النقط في الحلق أم لم يظهر، فإن قرر الطبيب أن فيها ثقبًا يسمح بوصول تلك المكونات إلى الحلق مباشرة، فإنها حينئذٍ تفطر، وعليه القضاء بعد الشفاء من المرض، فإن كان مزمنًا لا يُرجى شفاؤه، كان له الفطر، فعليه الإطعام عن كل يوم مسكينًا.
هل استعمال الحقنة الوريدية أو في العضل للعلاج أو التقوية مبطل للصوم؟
عن ذلك، أجاب الأزهر، بأن الحقنة، سواء أكانت في العضل أم تحت الجلد أم في الوريد، إن كانت للتداوي، اتفق الجمهور على أنها لا تفطر الصائم؛ لأنها لا تصل إلى الجوف أصلًا، ولم تدخل في منفذ مفتوح، وليس فيها غذاء للجسم ينافي حكمة الصوم.
أما إذا كانت للتغذية كالجلوكوز، فيوضح الأزهر أن العلماء اختلفوا على قولين:
القول الأول: هذا النوع من الحقن يفطر، لأنه يحمل غذاءً يصل إلى داخل الجسم وينتفع به عن طريق الدم.
القول الثاني: هذا النوع من الحقن -المغذية- لا يفطر؛ حيث إنه لم يدخل الجوف من منفذ طبيعي مفتوح، بل لم يدخل إلى الجوف أصلًا، وهذا هو الراجح؛ لأنه لا يذهب الجوع والعطش، ولا يحس من تناوله بالشبع والري؛ لأنه لا يدخل المعدة، ولا يمر بالجهاز الهضمي، أما إحساس الصائم بالانتعاش وحده فإنه لا يكفي؛ لأن هذا النشاط يحصل لمن يغتسل أثناء الصيام بماء بارد، ولم يقل أحد بأنه يفطر.
ما حكم استعمال الحقن الشرجية أثناء الصوم؟
وعن ذلك، أجاب الأزهر، بأن بعض الفقهاء (قول للمالكية ووجه عند الشافعية وقول داود الظاهري) ذهب إلى أنها لا تفطر لأنها ليست أكلًا ولا شربًا، ولا تدخل الجسم عن طريق الحلق، ولا يقصد بها التغذية، وإنما هي للتداوي.
وأوضح "قد اختار أكثر المجتمعين في الندوة الفقهية الطبية التاسعة، التابعة للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت والمنعقدة في الرباط عام 1997م، عدم فساد الصوم بما يدخل الشرج من حقنة شرجية، أو لبوس، أو منظار، أو إصبع طبيب للفحص".
وسلط الضوء على قول الشيخ حسنين مخلوف، مفتي الديار الأسبق، بأن"إدخال المواد السائلة من فتحة الشرج إلى الأمعاء مفطر شرعًا باتفاق الأئمة... قال ابن عباس وعكرمة: "الفطر مما دخل وليس مما خرج"، والمراد بالدخول هنا: المنافذ المعروفة بدلالة العرف.
بينما جاء في المجموع للإمام النووي: أن هذه الحقنة مفطرة على المذهب سواء أكانت قليلة أو كثيرة... وبه قطع الجمهور، وعليه أن يمسك بقية اليوم مراعاة لحرمة الشهر، ويُطالب بالقضاء، حسبما جاء في فتوى الأزهر.
وخلص إلى أنه يمكن تقليد القول عند المالكية لمن ابتلي بالحقنة الشرجية ونحوها في الصوم، ولم يكن له مجال في تأخير ذلك إلى ما بعد الإفطار، ويكون صيامه حينئذٍ صحيحًا، ولا يجب القضاء عليه، وإن كان يستحب القضاء خروجًا من خلاف جمهور العلماء.