التاريخ المصري زاخر بنخبة من المبتهلين الذين تميزوا بالصوت الجميل ومن ثم كانوا صابونة إيمانية للنفس البشرية فنبض القلب بالإيمان والخشوع، إذ خلدت أصواتهم وسيرتهم في فن الابتهال ومنهم:
الشيخ علي محمود.. المؤسس
إمام المبتهلين والمنشدين وسيد القراء الشيخ على محمود وهو من مواليد عام 1880م في درب الحجازى بالجمالية القريب من المشهد الحسينى لأسرة ميسورة حرصت على التحاقه بكتاب مسجد أم الغلام نظراً لكف بصره فى سن الخامسة وحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ أبو هاشم الشبراوى وتعلم التجويد على يد الشيخ مبروك حسنين ولم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره وعلى يد عبده الحامولى تعلم أصول الغناء وعلى يد على المغربى تعلم المقامات وعلى يد الشيخ عبدالرحيم المسلوب حفظ العديد من الموشحات الدينية، وقد عرف الناس الشيخ على محمود من خلال مسجد الإمام الحسين رضى الله عنه حيث كان يؤذن للصلاة بصوت جميل بالإضافة إلى مشاركته فى الأمسية التى كان يقيمها الشيخ أحمد ندا أحد رواد التلاوة ووالد المطربة شريفة فاضل وأمسية الموسيقار أمين مهدى وكان للشيخ على محمود بطانته والتى خرج منها قراء كبار منهم الشيخ طه الفشنى والشيخ كامل يوسف البهتيمى والشيخ محمد الفيومى والشيخ عبدالسميع بيومى والشيخ زكريا أحمد وعندما أنشئت رابطة القرآن الكريم فى عام 1926م تولى رئاستها وفي عام 1939 تم اعتماد الشيخ على محمود بالإذاعة المصرية وقد قال عنه عبدالعزيز البشرى: إن صوت الشيخ على محمود من أسباب تعطيل حركة المرور فى الفضاء لأن الطير السارح فى سماء الله لا يستطيع أن يتحرك إذا سمع صوت الشيخ وقال الأديب الراحل محمد فهمى عبداللطيف: كان الشّيخ على محمود سيّدَ المنشدين على الذكر والمغنين للموالد والمدائح النبوية وكأنى بهذا الرجل كان يجمع فى أوتار صوته كل آلات الطّرب .. فإذا شاء جرى به فى نغمة العود أو الكمان أو شدا به شدو الكروان وقد حباه الله ليناً فى الصوت وامتداداً فى النَّفَس.
يعد الشيخ على محمود مؤسس فن الابتهال والإنشاد فى الربع الأول من القرن العشرين ورائداً من رواد فن الإنشاد الدينى ومن أعظم المنشدين والملحنين للقصائد والمدائح والتواشيح الدينية والتاريخ يذكر أن الشيخ على محمود عندما غادر منزل والده بدرب الحجازى ليقيم بشارع الباب الأخضر كان يصعد إلى المنارة القديمة بمسجد الإمام الحسين رضى الله عنه ليؤذن للصلوات الخمس وعند قدومه إلى ساحة الميدان كان يخلع نعليه تأدباً وإجلالاً للمكان وقد بذل الشيخ علي محمود كل ثروته فى مساعدة الفقراء والمحتاجين وشباب المقرئين والمنشدين والعازفين وقد اكتشف الشيخ محمد رفعت قارئ القرآن الكريم الذي قلما يجود الزمان بمثله ويوم 21 ديسمبر عام 1942م انتقل الشيخ على محمود إلى الدار الآخرة.
النقشبندي.. عملاق الابتهال
أيضا من عمالقة الابتهالات الشيخ سيد النقشبندي وهو من مواليد 12 مارس عام 1920 بقرية دميرة التابعة لمركز طلخا بالمنصورة محافظة الدقهلية وكان والده الشيخ محمد النقشبندى إماما وواعظا دينيا يؤم الناس ويخطب الجمعة وبعد مولد الشيخ سيد بـ 4 سنوات حدث الطلاق بين والده ووالدته السيدة قسمة وانتقلت الأم بابنها إلى مسقط رأسها بطهطا محافظة سوهاج وتزوجت الشيخ الموردى وعاش الشيخ سيد مع أمه وحفظ القرآن على يد الشيخ أحمد خليل وأتم حفظه فى سن 10 سنوات وأصبح للشيخ سيد إخوة من الأم والأب ودرس بالأزهر ولكن لم يلتحق بكلية، وكان والده يعيش فى وجه بحرى حيث انتقل إلى قرية سجين بالمنوفية وكان الشيخ سيد يزوره دائما ويذهب معه لزيارة الأولياء الصالحين.
عندما أصبح الشيخ سيد شابا زوجه والده من ابنة أخته وأقام فى قلين بكفر الشيخ وأنجب كبرى بناته وهى ليلى وبعدها سافر إلى طهطا ليعيش مع والدته وأنجب باقى أبنائه محمد وأحمد وسعاد وفاطمة وفى إحدى الليالى حلم برؤية السيد البدوى يقول له: تعالى اقعد معايا ياسيد فأخذ أولاده وزوجته وذهب إلى طنطا وعاش فى بيت إيجار مواجه للسيد البدوى وظل مقيما بطنطا حتى وفاته وكان وقتها ينشد فى الليالى وذاعت شهرته قبل أن يعرف الإذاعة ووصلت هذه الشهرة إلى بعض الدول العربية حتى إنه عندما سافر للحج قابل هناك مشايخ وأدباء سوريين ودعوه لزيارة سوريا فزارها عام 1957 وتم استقباله استقبالا كبيرا وقابله الشيخ محمد جميل العقاد أحد كبار الأدباء ومن خريجى الأزهر وكان يكتب شعرا فى حب الشيخ سيد ومنها قصيدة العود الحميد وذاعت شهرة الشيخ سيد فى سوريا قبل أن تعرفه الإذاعة وكان الشيخ سيد النقشبندي يعرف أدباء كثيرين فى مصر مثل محمد على ماهر المؤلف والكاتب الإسلامى والسيد ندا الشاعر المتصوف وغيرهما.
الموسيقار حلمى أمين عندما سمع الشيخ سيد فى عزاء أعجب بصوته ووجد فيه إمكانيات ومساحات صوتية نادرة وذات مرة كان الإعلامي أحمد فراج في الحسين فسمع الشيخ سيد النقشبندي وهو يبتهل بعد صلاة الجمعة فأعجب بصوته ودعاه للإذاعة حتى يسمعه الإذاعي محمد محمود شعبان الشهير ببابا شارو وعندما سمعه تم اعتماده بالإذاعة والتليفزيون وذات مرة استمع الرئيس محمد أنور السادات للشيخ سيد النقشبندي فى مسجد الدكرورى بالسويس قبل توليه الرئاسة وقد سمعه من خارج المسجد بسبب شدة الزحام وبعد أن تولى السادات رئاسة الجمهورية تحدث مع طبيبه الخاص الدكتور محمود جامع وهو من طنطا عن مدى إعجابه بصوت الشيخ سيد النقشبندى وفي زيارة للرئيس السادات لبلدته ميت أبو الكوم بالمنوفية طلب إحضار الشيخ سيد من طنطا إلى ميت أبو الكوم واعتاد أن يرسل له ليسمعه كلما زار ميت أبو الكوم وفى عام 1972 كان الرئيس السادات يحتفل بخطبة إحدى بناته فى القناطر الخيرية وكان الشيخ سيد النقشبندى موجودا فى الاحتفال الذى حضره بليغ حمدى ووجدي الحكيم كمسئول فى الإذاعة المصرية فإذا بالرئيس السادات ينادى لبليغ ويقول له: عاوز أسمعك مع النقشبندى ثم كلف وجدي الحكيم بفتح استديو الإذاعة لهما فقال الشيخ سيد النقشبندي للإذاعي وجدي الحكيم: ياوجدي.. بليغ حمدى ألحانه راقصة وعلى آخر الزمن أغني أغاني راقصة؟ فقال الإذاعي وجدي الحكيم: طلب الرئيس السادات تكليف.. ولكن سوف أفتح استديو الإذاعة وأتركك مع بليغ في الاستديو لمدة 30 دقيقة وعندما أحضر إذا وجدت عمامتك غير موجودة على رأسك فهذا معناه أن ألحان بليغ قد أعجبتك وإذا وجدت عكس ذلك فمعناه أن الألحان لم تعجبك وهنا أعتذر لبليغ حمدي بحجة أن الاستديو فيه عطل فني وبعد مرور الوقت المتفق عليه كان الإذاعي وجدي الحكيم في الاستديو فوجد الشيخ سيد النقشبندي خالع العمامة والجبة والقفطان وقال للإذاعي وجدي الحكيم: يا وجدي بليغ جن وفي هذه الجلسة لحن الموسيقار بليغ حمدى للشيخ سيد النقشبندى مجموعة من الابتهالات والأدعية حيث اختارها وجهزها وأعدها بالاتفاق مع كاتبها الشاعر عبدالفتاح مصطفى قبل أن يجلس مع الشيخ سيد النقشبندي ومن تلك الابتهالات مولاي إني ببابك:
مَولاي إنّي ببابكَ قَد بَسطتُّ يَدي
مَن لي ألوذُ به إلاك يا سَندي
أقُومُ بالليل والأسحارُ سَاهيةٌ
أدعُو وهَمسُ دعائي بالدُّموُع نَدي
بِنورِ وَجهِكَ إني عَائذٌ وجل
ومن يعُذ بك لن يَشقى إلى الأبدِ
مَهما لَقيتُ من الدُنيا وعَارِضِها
فَأنتَ لي شُغلٌ عمّا يَرى جَسدي
تَحلو مرارةُ عيشٍ في رضاك
ومَا أُطيقُ سُخطاً على عيشٍ من الرّغَدِ
مَنْ لي سِواك ومَنْ سِواك يَرى قلبي
ويسمَعُه كُلّ الخَلائِق ظِلٌّ في يَدِ الصَمدِ
أدعوكَ يَا ربّ فاغفر زلَّتي كَرماً
واجعَل شَفيعَ دُعائي حُسنَ مُعْتَقدي
وانظُرْ لحالي في خَوفٍ وفي طَمعٍ
هَل يَرحمُ العَبدَ بَعْدَ الله من أحد.
أجمع خبراء الأصوات على أن صوت الشيخ سيد النقشبندي من أعذب الأصوات التى قدمت الابتهال والدعاء الدينى فصوته مكون من ثمانى طبقات وكان يقول الجواب وجواب الجواب وجواب جواب الجواب وصوته يتأرجح ما بين الميتزوسوبرانو والسبرانو وكان الشيخ سيد النقشبندي يحب صوت كوكب الشرق أم كلثوم وكان يقلدها وهو شاب ويغنى أغانيها وخاصة رباعيات الخيام وولد الهدى وبعد شهرته جاءت أم كلثوم فى زيارة لطنطا وقابلها الشيخ سيد فى غرفة الإمام بمسجد السيد البدوى وزارت مقام السيد البدوى ومقام سيدى عبدالمتعال ودعاها لزيارة أسرته فى البيت.. حيث جاءت أم كلثوم إلى البيت واستقبلها أبناء الشيخ وزوجته استقبالا حارا كما ربطت الشيخ سيد النقشبندي والموسيقار بليغ حمدي علاقة قوية وكان يزوره فى البيت كما كان من أصدقائه وجدى الحكيم وعدد كبير من المؤلفين والشعراء وكان الشيخ الشعراوى من أقرب الأصدقاء للشيخ سيد النقشبندي.
في أوائل السبعينيات توفى الشيخ إبراهيم شقيق الشيخ سيد النقشبندي وقد كان رفيق رحلة كفاحه وكان دائما إلى جواره ويسانده فى البطانة فتأثر الشيخ سيد كثيرا كما أصيبت زوجة الشيخ سيد وابنة عمته بالسكر والغرغرينا وتم بتر أصابعها وتوفيت بعد شقيقه بعام واحد فحزن الشيخ سيد النقشبندي كثيرا وعرض عليه أبناؤه الزواج بعد وفاة والدتهم وبالفعل زوجوه من سيدة كانت تعيش في المنصورة وعاشت مع الشيخ سيد في بيته بطنطا وقبل وفاته بعامين تصدع البيت فعرض عليه محافظ الغربية شقة من شقق المساكن الشعبية بمنطقة قحافة وسكن فيها الشيخ سيد وتوفى بعدها بعام.
أنجب الشيخ سيد النقشبندي من زوجته الثانية ثلاثة أبناء هم: إبراهيم ورابعة والسيد ولكنه توفى قبل ميلاد ابنه الأصغر السيد وترك والدته حاملا فيه بينما كان عمر إبراهيم لا يتجاوز 3 سنوات ورابعة عام ونصف ويوم 13 فبراير عام 1976 كان الشيخ سيد النقشبندي يقرأ القرآن فى مسجد التليفزيون وأذن لصلاة الجمعة على الهواء وبعد صلاة الجمعة ذهب مسرعا إلى منزل شقيقه من والدته سعد المواردى فى العباسية وقال له: هات ورقة وقلم وكتب بضعة أسطر وأعطاه الورقة وقال له: لا تقرأها إلا ساعة اللزوم ثم عاد إلى بيته فى طنطا وفي اليوم التالي أي يوم 14 فبراير 1976 شعر الشيخ سيد النقشبندي ببعض التعب وذهب للدكتور محمود جامع فى مستشفى المبرة بطنطا وقال له: أشعر بألم فى صدرى ثم فاضت روحه وتوفى الشيخ سيد النقشبندي فى غرفة الكشف وكان في جيبه 3 جنيهات وبعدها فتح أخوه الورقة فوجدها وصية كتبها الشيخ سيد يوصى فيها بأن يدفن مع والدته فى مقابر الطريقة الخلوتية بالبساتين حيث كان متعلقا بها كما كتب لا تقيموا لى مأتما ويكفى العزاء والنعى بالجرائد وأوصى برعاية زوجته وأطفاله وأثناء تشييع جنازة الشيخ سيد النقشبندي كانت الإذاعة المصرية تذيع ابتهاله سبحانك ربي سبحانك وأذكر أيضا تصادف أثناء عودة الشيخ سيد النقشبندي من القاهرة فى المرة الأخيرة أنه شهد سرادقا كبيرا لعزاء أحد كبار تجار الفراشة بطنطا فقال لبطانته: إيه السرادق العظمة ده؟ وبعد وفاته كان هذا السرادق ما زال مقاما وبعد أن صلى الآلاف على الشيخ سيد النقشبندي بمسجد السيد البدوى وتم دفنه بالقاهرة أمر محافظ الغربية بأن يبقى السرادق مقاما لعزاء الشيخ سيد النقشبندي.
الشيخ سيد النقشبندي لم يترك أموالا وعقارات بل كل أمواله كان ينفقها على الفقراء وتحمل أحمد ابن الشيخ سيد نفقات أشقائه الصغار وعندما اشتد عود إبراهيم عمل لينفق على والدته وشقيقته وشقيقه خاصة مع عدم وجود أى مصدر دخل للأسرة وعدم صرف معاش من الإذاعة وعاشت أسرة النقشبندى حياة بسيطة جدا بعد وفاته وما يعرض من أعمال الشيخ سيد النقشبندي أقل القليل مما قدمه للإذاعة حيث كان يقدم خلال شهر رمضان فقط 30 ابتهالا واستمر على ذلك لمدة 6 سنوات منتظمة خلال الفترة من 1969 وحتى 1975 وكل هذه الكنوز موجودة بالإذاعة وكان الشيخ سيد النقشبندي يدون يوميا الأعمال التى يقدمها ويعطى لنفسه تقييما ودرجات وكتب عن هذه الروائع التى قدمها للإذاعة والمفاجأة أن الشيخ سيد قام ببطولة فيلم سينمائى بعنوان الطريق الطويل يحكى قصة حياة منشد دينى وكان الفيلم إخراج مصطفى كمال البدرى وإنتاج عباس حلمى وقدم فيه الشيخ سيد النقشبندي عددا من الابتهالات من تلحين حسين فوزى ولكن لسوء الحظ توفى المخرج بعد تصوير جزء كبير.
قال الدكتور مصطفى محمود رحمه الله عن الشيخ سيد النقشبندى: حالة فريدة لم يأتِ ولن يأتى مثلها فصوته مثل النور الكريم الفريد الذى لم يصل إليه أحد كما كان صوت الشيخ يجعله يعيش فى عُزلة عن الجميع فهو يمتلك الصوت الذى لم يمتلكه أحد غيره بهذه الطبقة فهو يمتلك صوتاً مكوناً من 8 طبقات وأشبه بصوت نزل من السماء لم يكن له مثيل جعله يتحول إلى علامة رمضانية، وقال الإذاعي القدير وجدي الحكيم رحمه الله: الشيخ الراحل سيد النقشبندى هو سيد المداحين بلا منافس وكان يمتلك حنجرة إيمانية تملأ القلوب والآذان راحة وسكينة وخشوعاً وكل من يسمعه يعرف أنها حنجرة الشيخ المبتهل سيد النقشبندى وكان له صوت وشخصية نادراً ما تجتمع فى شخص واحد فكان يذوب عشقاً فى الوصول والاتصال بالمديح الذى كان يربطه برب السماء سبحانه وتعالى وقال الموسيقار بليغ حمدي رحمه الله: كان الشيخ يخشى التعاون بيننا لأننى كنت أقوم بالتلحين لكبار المطربين فخشى أن أحول ابتهالاته إلى غناء ولكنى كنت أثق أن صوته الرائع يمكن أن يرتبط بلحنى ويعيش لسنوات بالأذهان فصوت الشيخ سيد النقشبندي كان بالفعل يمثل لى نموذجاً فريداً فى الطبقات الصوتية وبعدما طلب الرئيس السادات ذلك قلت للشيخ سيد: هعملك لحن يعيش لـ 100 عام وبالفعل لحنت له مجموعة ابتهالات أشهرها مولاي إني ببابك وقالت الإذاعية هاجر سعد الدين الرئيس الأسبق لإذاعة القرآن الكريم: صوت الشيخ سيد النقشبندى صوت جميل وخفيف وقوى لا يخلو من الشجن لذلك كنت دائماً أستعين بمقاطع مختلفة من الابتهالات التى قدّمها طوال حياته فى أغلب برامج الإذاعة لا سيما أنها تُمثل حالة خاصة لدى المستمع فضلاً عن ارتباط هذه الابتهالات بشهر رمضان الكريم مع جميع المواطنين فى أنحاء مصر.
نصر الدين طوبار..
صوت يضرب على أوتار القلب
أيضا من المبتهلين الذين سكنوا القلوب الشيخ نصر الدين طوبار وهو من مواليد 20 فبراير عام 1920 في المنزلة بمحافظة الدقهلية وفى طفولته اكتشف والده جمال صوته ولذلك قرر تحويله من الدراسة بالمدرسة الخديوية إلى المدرسة الأولية ليتعلم اللغة العربية ويحفظ القرآن الكريم وقد انتشرت شهرة الشيخ نصر الدين طوبار فى مدن وقرى وكفور محافظة الدقهلية والمحافظات المجاورة ونصحه كل من استمع إليه بالتقدم للإذاعة وعندما تقدم لم يوفق على مدار 6 مرات متتالية إلى أن وفقه الله تعالى ودخل مجال الإنشاد الدينى مجبراً وطُلب منه الإنشاد مع الموسيقى ولذلك تعلم الموسيقى على يد الشيخ محمد إسماعيل وأصبح ماهراً فى العزف على العود.
سجل الشيخ نصر الدين طوبار للإذاعة العديد من المدائح النبوية وخلال معارك أكتوبر 1973 المتزامن مع شهر رمضان 1393 هجريا والتي خاضتها مصر ضد إسرائيل لتحرير سيناء الحبيبة قدم الشيخ نصر الدين طوبار ابتهالا لمس كل قلوب المصريين والعرب وقد اختير الشيخ نصر الدين طوبار مشرفاً وقائداً لفرقة الإنشاد الدينى التابعة لأكاديمية الفنون وفى عام 1980م شارك فى حفل عيد الفن والثقافة الذى أقيم على مسرح سيد درويش وشارك فى حفل المؤتمر الإسلامى العالمى الذى أقيم بقاعة ألبرت هول بلندن كما سافر إلى العديد من الدول العربية والإسلامية والأوروبية وأثناء زيارته لألمانيا كتبت عنه إحدى المجلات: صوت الشيخ نصر الدين طوبار يضرب على أوتار القلوب، وكرمته كل الدول التى زارها إعجابا به وتقديراً له.
من ابتهالات الشيخ نصر الدين طوبار ترحيبا بالشهر الكريم خلال حفل للإذاعة المصرية بمناسبة رمضان بمسجد سيدنا الحسين رضى الله عنه في فترة السبعينيات:
رمضان أشرق فالدنا تتطلع ظمئ لنور من كتابك يسطع
أيقظت قلبي فاستفاق ميمماً شطر الهدى
يرنو إليك يسمع سأقوم ليلك داعياً متبتلاً
وسأظل يومك خاشعاً أتضرع
يا موسم القرآن حسبك نفحة
هذا الكتاب المستبين الأرفع
هو منبع صاف لكل سعادة
الله خلده ونعم المنبع
شهر الهدى والنور والقرآن
شهر التقى والصوم والإيمان
أهلاً بنورك يا كريم الملتقى
يا ساحة الرحمات والغفران
أقبل وفي يدك البشائر والمنى
وعلى جبينك آية الرحمن
سبحانك.. سبحانك جل جلالك يا الله
تم تعيين الشيخ نصر الدين طوبار قارئاً للقرآن ومنشداً للتواشيح الدينية بمسجد الخازندار بشارع شبرا بمحافظة القاهرة ويوم 16 نوفمبر عام 1986م الموافق 14 ربيع الأول عام 1407 هجريا فاضت روح الشيخ نصر الدين طوبار إلى بارئها.