كشفت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن أربع شركات تشغيل أقمار صناعية أوروبية كبرى هرولت مسرعة للعمل على تزويد أوكرانيا بخدمات نطاق شبكات الأقمار الصناعية، بعد قيام الولايات المتحدة بسحب دعمها العسكري والاستخباراتي لكييف هذا الأسبوع.
وأكدت الشركات الأووربية الكبرى المشغلة للأقمار الصناعية – "إس إي إس" من لوكسمبورج، و"هيسديسات" الإسبانية، و"فياسات" المالكة للقمر الصناعي البريطاني "إنماراسات"، و"يوتيلسات/وان ويب" الفرنسية- لصحيفة "فاينانشيال تايمز" أنها انخرطت في مباحثات مع الحكومات ومؤسسات الاتحاد الأوروبي حول كيفية تزويد خدمات الأقمار الصناعية للدعم الاحتياطي لأوكرانيا ، بدلاً من خدمات شركة "ستارلينك"، الأمريكية المملوكة للملياردير إيلون ماسك، المقرب للرئيس دونالد ترامب.
لكن عملية إحلال الأجهزة الصغيرة بحجم اللابتوب والمنتشرة في كل مكان، التي أصبحت حيوية للغاية لأغراض الدفاع الأوكراني ضد الغزو الروسي، لازالت مسألة طويلة الأمد. فهناك أكثر من 40 ألف جهاز قيد التشغيل منتشرة عبر الجيش، والمستشفيات، والشركات، ومنظمات الإغاثة، وفق تصريح وزير الرقمنة الأوكراني، مايخايلو فيدوروف.
وبيّن الرئيس التنفيذي للشركة المزودة لخدمات الأقمار الصناعية للحكومة الإسبانية "هيسديسات"، ميجيل أنجيل جارسيا بريمو، أن شركته على اتصال بالعديد من المسؤولين الأوروبين، قائلاً "إننا جزء من تلك المبادرة".
وأضاف بريمو أن المشادة الساخنة التي جرت الأسبوع الماضي في المكتب البيضاوي بين دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، شجعت على إجراء "نقاشات فورية حول هل بمقدور الاتحاد الأوروبي تقديم البدائل."
واحتشد زعماء أوروبيون هذا الأسبوع خلف زيلينسكي في قمة بروكسل، وتعهدوا أيضاً بزيادة جوهرية في قدراتهم الدفاعية. وعلى نحو مواز، أجرى وزير الدفاع الأوكراني، رستم أوميروف، محادثات مع نظيره الألماني، بوريس بيستوريوس، في برلين، تطرقت إلى الجهود الرامية لتقديم دعم احتياطي أوروبي بديلاً لنظام "ستارلينك".
ومن المقرر أن يبدأ زيلينسكي مباحثات مع الولايات المتحدة الأسبوع المقبل بشأن إنهاء الحرب، لكن لا زالت هناك مخاوف بأن الوصول إلى خدمات "ستارلينك"، يمكن استخدامها للضغط على كييف لدفعها إلى الموافقة على اتفاق غير مرغوب فيه.
وتعد سرعة خدمات "ستارلينك" وموثوقيتها جانباً مكملاً وحيوياً للطريقة التي تم من خلالها خوض الحرب في أوكرانيا. ففي مراكز القيادة المشيدة في أروقة محصنة تحت الأرض، تمكن الضباط من الحصول على تدفق إشارات فورية في الوقت الحقيقي للقطات المستخدمة لتوجيه ضربات المدفعية والمسيرات.
ويقول الخبير العسكري الأوكراني، بافلو ناروزني، إن القوات الأوكرانية استخدمت "ستارلينك" أيضاً لأنها أقل قابلية للاختراق من جانب أجهزة التشويش الروسية مقارنة بالاتصالات عبر ترددات موجات الراديو التقليدية.
لكن الخدمة لم تعد منتظمة بما فيه الكفاية في الأشهر الأخيرة، خصوصاً في المناطق القريبة من خطوط المواجهة في الجبهات الأمامية، حسبما قال أحد مشغلي المسيّرات بالقرب من جبهة منطقة بوكروفسك في شرقي أوكرانيا، التي تكثف القوات الروسية هجماتها عليها في محاولة للسيطرة عليها منذ العام الماضي.
ويقول مدير البحوث في شركة "أناليسيز ماسون" للاستشارات الفضائية، لوك باليرم سيرا: "هناك بدائل، لكن لا يتوافر من يستطيع أن يقدم المستوى ذاته من الخدمة التي تقدمها ستارلينك"، لافتاً إلى أنه حتى لو احتشدت القدرات الأوروبية جميعها فوق أوكرانيا، فإنها لن توازي ما تقدمه "ستارلينك".
ولفت إلى أن "ستارلينك" تشغل أكثر من 7 آلاف قمر صناعي في مدارات منخفضة على ارتفاع 550 كيلومترا فوق سطح البحر.
وتتحرك تلك الأقمار الصناعية بسرعة فائقة فوق أي بقعة يراد تغطيتها على الكرة الأرضية، لذا تتوافر قدرة فورية للوصول إلى الإشارات من على الأرض.
وتتسم أجهزة "ستارلينك" بأن الإشارات التي تنطلق في رحلتها من الأرض إلى الفضاء وعودتها مرة أخرى، أسرع من خدمات المنافسين الذين يعتمدون على أعداد قليلة من الأقمار الصناعية التي تدور في مدارات أكثر ارتفاعاً. لكن الاختلافات في تلك الحالات قد تكون مجرد أجزاء من الثانية، لذا فإن التأخير ربما يكون مسألة حرجة بالنسبة لبعض التطبيقات.
من جانبها، اعتبرت شركة "فياسات" أنه من الممكن تلبية احتياجات أوكرانيا. وقال المتحدث باسم الشركة لـ"فاينانشيال تايمز"، إن "هناك قدرات مهمة.. متوافرة لدى مجموعة من المصادر الأخرى. حتى أن المزيد يمكن توافرها خلال فترة وجيزة. لدينا السعة والقدرات للمساعدة، وسعداء أن نفعل ما نستطيع فعله لمساعة وعلاج هذه المسألة الأمنية الحرجة في أوكرانيا وفي أوروبا بوجه عام."
وكان المشرعون في البرلمان الأوروبي زادوا من ضغوطهم على المفوضية للإسراع في تنسيق الجهود بشأن التكنولوجيات المتوافرة وطرحت مبادرة "جوفساتكوم"- لتجميع قدرات الأقمار الصناعية المؤمَنة حكومياً، لكن كان من المتوقع دخولها حيز التنفيذ بحلول العام المقبل.
وصرح المتحدث باسم المفوضية الأوروبية في وقت سابق هذا الأسبوع، "إننا نبحث كيفية الدعم الأمثل لأوكرانيا"، لافتاً إلى أن مبادرة "جوفساتكوم يمكنها علاج الاحتياجات الفورية للاتصالات المؤمَنة عبر تجميع قدرات الأقمار الصناعية للدول الأعضاء."
على نحو منفصل، أعلنت شركة "ماكسر تيكنولوجيز"، المزود الأكبر للتصوير عبر الأقمار الصناعية التجارية للحكومة في الولايات المتحدة، وقف خدماتها في أوكرانيا هذا الأسبوع.