الثلاثاء 15 ابريل 2025

ثقافة

نساء في الإسلام (12 ـ 30)| «أم سلمة».. حكمة المؤمنات ووحدة الأمة

  • 12-3-2025 | 15:34

أم سلمة

طباعة
  • همت مصطفى

في أروقة التاريخ وإشراقة الحضارة، تتلألأ صور «نساء الإسلام» كنجومٍ سطعت في سماء الإيمان والعطاء، خلدهن إيمانهن و مواقفهن القوية دفاعًا عن ديننا الحنيف ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها فتركن أثرًا كبيرًا  محفوظًا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق.

ومع بوابة «دار الهلال» في أيام شهر رمضان الكريم لعام 1446 هجريًا  نقدم كل يوم حلقة من سلسلة «نساء في الإسلام» لتأخذنا إلى عمق النفوس، حيث تتجسد شجاعة المرأة وعزمها في مواجهة تقلبات الزمان، في كل حلقةٍ، نكتشف حكاياتٍ نسجت بخيوط العزيمة والإيمان، رسمت بمسحاتٍ من النور ملامح الحضارة الإسلامية هنا، يتلاقى الجمال الروحي مع القوة الإنسانية، وتنبثق من رحم التحديات أروع معاني التضحية والكرامة، لتكون المرأة ركيزة لا غنى عنها في بناء حضارتنا وإرثها العريق.

ولقاءنا في اليوم الثاني عشر عشر من رمضان 1446 هجريًا الموافق 12 مارس 2025 ميلاديًا مع الصحابية الجليلة.. أم المؤمنين السيدة  مارية القبطية رضي الله عنها. 

زوجات النبي.. أمهات المؤمنين

حلقة اليوم هعن السيدة «أم سلمة» وهي هند بنت أبي أمية المخزومية، إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وإحدى أمهات المؤمنين حيث يطلق على زوجات الرسول كذلك تكريمًا لشأنهنَّ وإعلاءً لقدرهنَّ.

كانت هند بنت أبي أمية، من السابقين الأولين في الإسلام، وقبل الإسلام، تزوجت من ابن عمها  أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وكان معها من السابقين إلى الإسلام، ولما اشتد أذى أهل مكة للمسلمين، هاجرت مع زوجها إلى الحبشة.

 أم سلمة ورجاحة الرأي

وقيل ويذكر: أن  «أم سلمة» أوَّل امرأة خرجت مهاجرةً إلى الحبشة، وأنجبت ولدها سلمة هناك، ثم عادا إلى مكة بعد أن بلغ المسلمين في الحبشة أن الإسلام قد انتشر، وحين عادوا إلى مكة، وجدوا قريش لا تزال تسيطر، فلم يدخل أحد منهم مكة إلا في جوار أحد أشراف مكة، ودخل أبو سلمة وزوجته أم سلمة في جوار خاله أبي طالب، وبقيا في مكة حتى هاجر النبي محمد إلى يثرب، فهمّا بالهجرة، لكن أهلها منعوا أبو سلمة من السير بها إلى يثرب، فهاجر منفردًا بابنه سلمة، وظلت أم سلمة في حزن تبكيهم، حتى رقّ أهلها لحالها، وتركوها تلحق بهم إلى يثرب.

 خرجت «أم سلمة»  تنوي الهجرة إلى يثرب دون رفيق، فرآها عثمان بن طلحة، وسألها عن وجهتها، فأخبرته فأخذ بخطام دابتها، ورحل بها إلى مشارف يثرب، وقفل راجعًا.

وفي يثرب المدينة   أنجبت أم سلمة ثلاثة أبناء درة وعمر وزينب، وفي سنة 3 هـ، أصيب زوجها في غزوة أحد بجرح بليغ، ظل ملازما له حتى توفي في 8 جمادى الآخرة 4 هـ، وتزوجها النبي  بعد ذلك.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستحسن رأي السيدة  «أم سلمة» ويأخذ به، وعرف عنها أنها كانت من أكمل النساء عَقْلًا وخُلُقًا، وكانت نموذجًا للمرأة صاحبة العقل الصائب، والفضل في حفظ كيان الجماعة من التصدُّع، فكانت" «أم سلمة» حريصة على وحدة صف المسلمين، فحين قدم بُسر بن أرطاة إلى المدينة في خلافة معاوية، ورفض أن يُبايع، أتته أم سلمة، وقالت له: «بايع، فقد أمرت عبد الله بن زمعة ابن أخي أن يُبايع» كما عُرف عنها الفصاحة والبلاغة والإيجاز وتمكنها من اللغة.

وذكر الذهبي: أن  السيدة  «أم سلمة»  كانت تُعَدُّ من فُقَهاء الصَّحابيَّات ويُذكر  أنها قد بلغ مجموع ما روته من أحاديث للنبي صلى الله عليه وآله وسلم 378 حديثًا.

«أم سلمة»الفقيهة 

وبعد وفاة الرسول لزمت  «أم سلمة» بيتها، وعكفت على العبادة، ولجأ الكثيرون إليها لسماع الحديث والتفقه في الدين لعلمها بأحكام الشريعة، فقد سمعت «أم سلمة» من النبي محمد وابنته فاطمة، كما روت عن زوجها الأول أبو سلمة بن عبد الأسد، كما يُذكر أنه قد روى عنها كثير من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنهم أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر، وأبي سعيد الخدري وابنها عمر بن أبي سلمة،  أنس بن مالك،  بريدة بن الحصيب الأسلمي، وسليمان بن بريدة وأبو رافع وابن عباس.

توفيت «أم سلمة» في ذي القعدة 59 هـ وقيل 60 هـ وقيل 61 هـ وقيل 62 هـ، فكانت آخر زوجات النبي محمد وفاة، ودفنت بالبقيع، وكانت قد أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد، لما مرضت، ولكنه مات قبلها.

الاكثر قراءة