لا تتوقف طموحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المقلد أمور البلاد مؤخرًا على أراضي بلاده، بل تمتد إلى النطاق الخارجي، كمسعى لتعزيز نفوذ بلاده، لا سيما في المناطق الاستراتيجية التي تعزز من قوتها أمام الصعود المتسارع للتنين الصيني.
ومنذ فترة رئاسته الأولى بين 2017 و2021، وضع دونالد ترامب أعينه صوب جزيرة جرينلاند، التي تتمتع بموقع مركزي في منطقة القطب الشمالي.
وللمفارقة، فإن "جرينلاند" جزء من قارة أمريكا الشمالية، لكنها إقليميًا تتبع "الدنمارك"، وذلك رغم تمتعها بالحكم الذاتي.
ورغم أن أحلام الرئيس دونالد ترامب وُصفت بـ"السخيفة" من قبل الدنمارك حين عرض عليها شراء الجزيرة في عام 2019، إلا أنه عاد في ولايته الثانية عازمًا على ضم هذه الأرض إلى بلاده.
فقُبيل تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة، صرح دونالد ترامب بأن "جرينلاند" يجب أن تكون تحت سيطرة بلاده، وهو لم تقبل به الجزيرة.
الرئيس الأمريكي الذي لا يستبعد استخدام القوة للسيطرة على الجزيرة واصل تصريحاته تلك، حتى أنه أكد الخميس الماضي أن حلف شمال الأطلسي "الناتو" قد يكون فعالًا في الوصول إلى هذا الهدف.
بيد أن "الناتو" أكد أنه لن يتدخل في أي مسألة تتعلق بانضمام "جرينلاند" إلى الولايات المتحدة.
وجاءت تصريحات ترامب تلك في أعقاب فوز "الحزب الديمقراطي"، الذي يدعم الاستقلال عن الدنمارك بأغلبية الأصوات في الانتخابات البرلمانية التي شهدتها الجزيرة، الثلاثاء الماضي.
لماذا يريد ترامب "جرينلاند"؟
يعد موقع جزيرة "جرينلاند" المركزي في منطقة القطب الشمالي أحد العوامل التي تدفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى "الركض" وراء ضمها، خصوصًا مع ذوبان الجليد جراء أزمة المناخ وفتح طرق تجارية هناك.
أضف إلى ذلك، ما تضمه الجزيرة من موارد طبيعية، وفي مقدمتها الثروات المعدنية، بما فيها التي تدخل في الصناعات التكنولوجية، واحتياطيات النفط، وذلك كله يدعم الولايات المتحدة في رغبتها في تقليل اعتمادها على الصين.
ومع ذلك، لا تستفيد "جرينلاند" بهذه الموارد، حيث إنها تحظر استخراج النفط والغاز الطبيعي لأسباب بيئية، كما أن تطوير قطاع التعدين فيها يواجه عراقيل جراء "البيروقراطية" ومعارضة السكان الأصليين.
وبفضل جغرافية الجزيرة، تستطيع الولايات المتحدة مراقبة ومنع أي صاروخ قادم نحوها من روسيا أو الصين أو حتى كوريا الشمالية، وبالعكس، يمكنها إطلاق الصواريخ والسفن باتجاه آسيا أو أوروبا بسهولة أكبر.
وللعلم، فإن للولايات المتحدة الأمريكية لها تواجدا عسكريا هناك، وذلك بموجب اتفاق عقدته مع الدنمارك في عام 1951، والذي أتاح لـ"واشنطن" بناء قواعد عسكرية على الجزيرة، فضلًا عن حرية نقل قواتها على أراضيها بعد إخطار الأطراف المعنية.

وبينما يظهر على المستوى الرسمي أن هذه الجزيرة ترفض دعوات الرئيس الأمريكي، نجد على المستوى الشعبي خلاف ذلك تمامًا، حيث أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة "باتريوت بولينج" في يناير الماضي أن 57.3 بالمائة من المشاركين يوافقون على أن تصبح "جرينلاند" جزءًا من الولايات المتحدة.
وفي مقابل ذلك، عارض 37.4 بالمائة عملية الانضمام المحتملة، و5.3 بالمائة "لم يقرروا بعد" بشأن هذه الخطوة، وفق نتائج استطلاعات الرأي.
ورفضت الدنمارك، من جانبها، جملةً وتفصيلًا فكرة ضم الجزيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، عبر التأكيد أنها جزء من "الكومنولث الدنماركي".
بينما شدد الاتحاد الأوروبي دعمه الكامل للدنمارك، وخاصة عندما يتعلق الأمر بسلامة أراضي دولة عضو فيه، وذلك عقب تأكيده على أنه سيواصل الدفاع عن مبادئ السيادة الوطنية والسلامة الإقليمية وحرمة الحدود وميثاق الأمم المتحدة.