الثلاثاء 18 مارس 2025

ثقافة

حكايات على ألسنة الحيوانات«كليلة ودمنة».. قصة «في التأني السلامة وفي العجلة الندامة» (18ــ30)

  • 18-3-2025 | 11:38

كليلة ودمنة

طباعة
  • فاطمة الزهراء حمدي

يُعَدُّ كتاب «كليلة ودمنة» من أشهر الكتب العالمية التي تحمل بين طياتها عالماً واسعًا من الحكايات والحكم. يضم الكتاب مجموعة متنوعة من القصص التي ترجمها عبد الله بن المقفع من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية في العصر العباسي، وتحديدًا في القرن الثاني الهجري، مضيفًا إليها أسلوبه الأدبي المميز. ويُجمِع العديد من الباحثين على أن أصل الكتاب يعود إلى التراث الهندي، حيث تُرجم في البداية إلى الفارسية، ثم نقله ابن المقفع إلى العربية بأسلوبٍ راقٍ ومبدع.

يُروى أن سبب تأليف «كليلة ودمنة» يعود إلى رغبة ملك هندي يُدعى دبشليم في تعلم الحكمة بأسلوب مشوّق ومسلٍ، فطلب من حكيمه بيدبا أن يضع له هذا الكتاب، فجاءت الحكايات في قالبٍ أدبي رائع استخدم فيه بيدبا أسلوب الحكايات على لسان الحيوانات، لتقديم دروسٍ أخلاقية وحِكَمٍ إنسانية خالدة.

أصبحت النسخة العربية من «كليلة ودمنة» محطةً هامةً في تاريخ الأدب، حيث أسهمت بشكل كبير في انتشار الكتاب وترجمته إلى العديد من لغات العالم. ويصنّفه النقاد العرب القدامى ضمن الطبقة الأولى من كتب الأدب العربي، ويعدونه واحدًا من أبرز أربعة كتب مميزة. يتألف الكتاب من خمسة فصول تحتوي على خمسة عشر بابًا رئيسيًا، تتناول قصصًا تراثية تعكس تجارب البشر من خلال حواراتٍ شيقة على ألسنة الحيوانات.

تُقدّم بوابة «دار الهلال» لقرائها طوال شهر رمضان المبارك لعام 1446 هـ حكاياتٍ يومية من كتاب «كليلة ودمنة»، في إطار سلسلةٍ مميزة تستعيد من خلالها عبق التراث الأدبي. وتُقدَّم اليوم قصة بعنوان « في التأني السلامة وفي العجلة الندامة »، لتستمر الرحلة الممتعة مع عالم الحكايات والحكمة.

وجاء فالقصة: زعموا أن حمامتين ذكراً وأنثى ملا عشهما من الحنطة والشعير، فقال الذكر للأنثى: إنا إذا وجدنا في الصحارى ما نعيش به فلسنا نأكل مما هاهنا شيئاً. فإذا جاء الشتاء ولم يكن في الصحارى شيء رجعنا إلى ما في عشنا فأكلناه. فرضيت الأنثى بذلك.

 وقالت له: نعم ما رأيت.

 وكان ذلك الحب ندياً حين وضعاه في عشهما، فانطلق الذكر فغاب، فلما جاء الصيف يبس الحب وانضمر، فلما رجع الذكر رأى الحب ناقصاً.

 فقال لها: أليس كنا أجمعنا رأينا على ألا نأكل منه شيئاً؟ فلم أكلته؟

 فجعلت تحلف أنها ما أكلت منه شيئاً، وجعلت تعتذر إليه، فلم يصدقها.

 وجعل ينقرها حتى ماتت، فلما جاءت الأمطار ودخل الشتاء تندى الحب وامتلأ العش كما كان، فلما رأى الذكر ذلك ندم.

 ثم اضطجع إلى جانب حمامته وقال: ما ينفعني الحب والعيش بعدك إذا طلبتك فلم أجدك، ولم أقدر عليك، وإذا فكرت في أمرك وعلمت أني قد ظلمتك، ولا أقدر على تدارك ما فات.

 ثم استمر على حزنه فلم يطعم طعاماً ولا شراباً حتى مات إلى جانبها.

 والعاقل لا يعجل في العذاب والعقوبة، ولا سيما من يخاف الندامة، كما ندم الحمام الذكر.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة