استهلت إسرائيل اليوم الـ58 على سريان اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، باستئناف الحرب مرة أخرى، عبر إطلاق عملية عسكرية تحت اسم "العزة والسيف"، وبغض النظر عن أي مزاعم ساقتها الحكومة العبرية في هذا الخصوص، فإن من المؤكد أن هذه العملية تستكمل بها إسرائيل مسلسل إبادة الشعب الفلسطيني، الذي بدأ في السابع من أكتوبر 2023.
وبعد مرور ساعات على بدء العملية الإسرائيلية، أفادت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، في حصيلة أولية، بأنه وصل إلى المستشفيات 404 شهداء، بجانب 562 مصابًا، جراء الهجمات الإسرائيلية، بينما ما زال عدد من الضحايا تحت الركام وجارٍ العمل على انتشالهم.
ويُضاف هؤلاء إلى أكثر من 160 ألف فلسطيني، خلفتهم الهجمات الإسرائيلية بين شهيد وجريح، منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023.
الطريق نحو الحرب
ومهدت إسرائيل طريقها لاستئناف الحرب من خلال التنصل في البداية من الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، التي بموجبها تنتهي الحرب، وما أعقب ذلك من رغبتها في تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق حتى انتهاء عيد الفصح اليهودي، وهو ما لم تقبله حركة حماس.
لتُعلن فجر اليوم الثلاثاء، انتهاء وقف إطلاق النار الساري في قطاع غزة مع حركة حماس، منذ الـ19 من يناير الماضي، معلنة أن سلاح الجو يهاجم أهدافًا هناك.
وجاء في بيان صادر عن جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز الأمن العام "الشاباك"، أن قواتهم تشن بتوجيهات من المستوى السياسي، هجومًا واسعًا، زاعمًا أنه على أهداف تابعة لحركة حماس في أنحاء قطاع غزة، غير أن الحقيقة خلاف ذلك تمامًا.
وأعقب ذلك، مطالب إسرائيلية بإخلاء فوري لبيت حانون شمال قطاع غزة، وخربة خزاعة، وعبسان الكبيرة والجديدة جنوبًا، استعدادًا لشن هجوم قوي فيها، حيث إنها مناطق قتال خطيرة، طبقًا لما أورده جيش الاحتلال الإسرائيلي، فيما سبق ذلك، إغلاق الجانب الفلسطيني من معبر رفح أمام خروج المرضى والجرحى من قطاع غزة، بحسب هيئة البث الإسرائيلية.
ولحق ذلك تأكيد جيش الاحتلال، مساء الثلاثاء، أن هجماته ستستمر ضد قطاع غزة، حتى يتم إعادة جميع المحتجزين لدى حركة حماس، وإزالة أي تهديد لمستوطنات الجنوب الإسرائيلية بمحاذاة قطاع غزة.
وفي معرض تبريره لمعاودة الحرب، ادعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن ذلك جاء على إثر رفض حركة حماس المتكرر لإطلاق سراح المحتجزين، ورفضها جميع المقترحات التي تلقتها من المبعوث الرئاسي الأمريكي ستيف ويتكوف والوسطاء.
ويدحض مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي برمتها حديث وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، اليوم، بأن بلاده بدأت التخطيط لاستئناف حرب الإبادة على قطاع غزة خلال الأسابيع الماضية، وذلك مع تولي الرئيس الجديد لأركان الجيش إيال زامير منصبه مطلع الشهر الحالي.
وأكدت الولايات المتحدة الأمريكية، التي من المفترض أنها أحد ضامني اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أنها كانت على علم مسبق بالهجمات الإسرائيلية ضد قطاع غزة.
وتلى ذلك، تأكيد إسرائيل، أنها أبلغت أبلغت الولايات المتحدة مسبقًا بقرار شن الغارات على غزة، وأعطت واشنطن موافقتها على العملية.
وتعقيبًا على ذلك، أكدت حركة حماس الفلسطينية، أن ذلك يجعل من الولايات المتحدة شريكة في جرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، مشددة في ذات السياق أنها التزمت بكامل بنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وسعت لتثبيته والانتقال إلى المرحلة الثانية، لكن الاحتلال رفض وواصل ارتكاب المجازر.
وفي توضيح لموقفها، أكدت حماس، أنها لم ترفض مقترح "ويتكوف"، حيث إنها كانت على اتصال دائم مع الوسطاء، وتتعامل بمسؤولية عالية وإيجابية فيما يُطرح لوقف العدوان ورفع الحصار.
وأما السلطة الفلسطينية، فقد دانت بأشد العبارات الهجوم الوحشي المتواصل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مؤكدة أن ذلك بمثابة هروب رسمي إسرائيلي من استحقاقات تثبيت وقف حرب الإبادة والتهجير، وانسحاب جيش الاحتلال من القطاع.
وشددت على أن هذا التصعيد يعد تعطيلًا للجهود الدولية الداعمة لخطة إعادة الإعمار، وتوحيد شطري الوطن، وتجسيد الدولة الفلسطينية.
تنديد دولي
وعلى الصعيد الدولي، دانت العديد من الأطراف السياسية والدولية استئناف إسرائيل حربها ضد قطاع غزة، في مقدمتها مصر وتركيا وإيران والسعودية والأردن وقطر، بالإضافة إلى دول أوروبية والصين وروسيا والأمم المتحدة.
وبدورها، أدانت مصر بأشد العبارات استئناف إسرائيل حربها ضد قطاع غزة، معتبرةً ذلك انتهاكًا صارخًا لاتفاق وقف إطلاق النار وتصعيدًا خطيرًا يُنذر بعواقب وخيمة على استقرار المنطقة.
وعاودت مصر تأكيدها على رفضها الكامل لكافة الاعتداءات الإسرائيلية الرامية إلى إعادة التوتر إلى المنطقة، والعمل على إفشال الجهود الهادفة للتهدئة واستعادة الاستقرار.
أما تركيا، فقد أكدت أن إسرائيل تتحدى الإنسانية بأبشع انتهاك للقانون الدولي والقيم العالمية من خلال معاودة هجماتها على الفلسطينيين في قطاع غزة، في مرحلة جديدة من الإبادة الجماعية.
وعلى النحو ذاته، اعتبرت إيران أن استئناف الهجمات الإسرائيلية ضد قطاع غزة استمرارًا لـ"جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي" المرتكبة ضد الفلسطينيين.
كما استنكرت المملكة العربية السعودية، بأشد العبارات، استئناف قوات الاحتلال الإسرائيلية العدوان على قطاع غزة، وقصفها المباشر على مناطق مأهولة بالمدنيين العزّل، دون أدنى اعتبار للقانون الدولي الإنساني.
الأردن كذلك، أدانت استئناف إسرائيل حربها ضد قطاع غزة الفلسطيني، وشنها غارات على أجزاء متفرقة منه، مؤكدةً على ضرورة الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، الذي أنجز بجهود قطرية مصرية أمريكية.
ومن جانبها، عدّت قطر، استئناف إسرائيل حربها ضد قطاع غزة، تحديًا سافرًا للإرادة الدولية الداعمة للسلام، بما في ذلك اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة على الحاجة الماسة إلى استئناف الحوار من أجل تنفيذ مراحل اتفاق وقف إطلاق النار، وصولاً إلى إنهاء الحرب على قطاع غزة.
بينما أكدت الكويت، أن التصعيد الإسرائيلي الحاصل في قطاع غزة، يمثل انتهاكًا صارخًا لاتفاق وقف إطلاق النار هناك، وتجاهلًا متعمدًا للقوانين والمواثيق الدولية.
ومن ناحيتها، اعتبرت الجزائر، أن استئناف إسرائيل حربها في غزة، انتهاكًا فاضحًا لاتفاق وقف إطلاق النار، دون أدنى اعتبار للمواثيق والأعراف الدولية، وذلك بعد أن أدانته.
دوليًا، طالب الاتحاد الأوروبي، إسرائيل بإنهاء عملياتها العسكرية، وضبط النفس والسماح باستئناف دخول المساعدات الإنسانية، وفي ذات الوقت، طالب حركة حماس بالإفراج "الفوري" عن الأسرى.
كما شدد على ضرورة التزام جميع الأطراف بالقانون الإنساني الدولي، قبل أن يحذر من تداعيات استمرار التصعيد في المنطقة.
وفي الإطار نفسه، دعت الصين، جميع الأطراف إلى الاستمرار في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدة أنه يجب تجنب الخطوات التي من شأنها زيادة التوترات والتسبب في كارثة إنسانية أكبر.
روسيا كذلك، دانت استئناف إسرائيل حربها ضد قطاع غزة، قائلة:"ندين بشدة الأعمال العسكرية التي تؤدي إلى مقتل المدنيين وتدمير البنية التحتية في غزة".
من طرفها، دعت الأمم المتحدة، التي أعرب أمينها العام أنطونيو جوتيريش عن صدمته جراء مقتل مئات المدنيين الفلسطينيين في الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة، إلى احترام وقف إطلاق النار في غزة، واستئناف تدفق المساعدات الإنسانية، وتبادل الأسرى.
كما دانت العديد من الأطراف الدولية والأممية، بالإضافة إلى قوة سياسية استئناف إسرائيل حربها ضد قطاع غزة، معتبرين ذلك انتهاك "فاضح" لاتفاق وقف إطلاق النار.