أنهى قادة الاتحاد الأوروبي أسبوعاً متخماً بالنقاشات من أجل قضايا الدفاع، معلناً التوصل إلى خطة تاريخية لتخصيص 800 مليار يورو (بما يعادل نحو 866 مليار دولار أمريكي) للنفقات الدفاعية الأوروبية، رغم بروز بعض الخلافات السياسية.
وأوضحت مجلة "ديفينس نيوز" أن التكتل أعرب عن أمله أن تمثل الخطة لحظة تحول مهمة في تاريخ القارة في مواجهة الحرب الروسية ضد أوكرانيا، التي يراها كثيرون في القارة أنها بداية روسية نحو تحقيق طموحات إقليمية أوسع نطاقاً، وانسحابا من الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب.
وصُممت خطة الإنفاق بهدف فض الاعتماد على الولايات المتحدة في الأسلحة والأمن، وتقول رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن أوروبا "لابد لها أن تشتري أكثر من الأصول الأوروبية"، وأن تقوي البنية الأساسية للتصنيع والتكنولوجيا الدفاعية الأوروبية.
كما انصب تركيز الخطة أيضاً على الشراء المشترك، ذلك التوجه المتنامي عبر القارة، الذي يَعد بربط الدول بعضها بعض بشكل أكثر متانة. وبموجب الخطة، فإن آلية الشراء المشترك ستكون منفتحة أيضاً على أوكرانيا وغيرها من الدول التي تقع في نطاق نفوذ الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من التوافق العام، لا يزال هناك بعض الأمور العالقة محل مساومات حول تفاصيل بعينها.
فعلى سبيل المثال، ترغب إسبانيا في إدماج الأمن السيبراني وتخفيف التغيرات المناخية في تعريف لفظة "الدفاع"، وهي المسألة التي عارضها كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي.
أما إيطاليا، التي لطالما كانت مؤيدة قوية للقروض وعمليات الشراء الأوروبي المشتركة، غيرت فجأة موقفها وانتقلت إلى الضفة الأخرى، ما أثار تساؤلات بشأن خطط الاتحاد الأوروبي، لتبدو روما أكثر انزعاجاً حيال إعطاء الاتحاد الأوروبي المزيد من السلطات التي كانت في الماضي في أيدي الحكومات الوطنية.
وفي نفس الوقت، بقيت المجر، متشبثة بموقفها الذي يقول "نعم.. للأسلحة إلى أوروبا، ولا.. للأسلحة لأي دولة أخرى"- وهو ما يعكس موقف بودابست حيال المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
ورغم الثقة التي دبت في أرجاء التكتل بشأن قضايا الدفاع، فإن التقدم بشأن تقديم الدعم لأوكرانيا لا يزال محبطاً تظرا لاستمرار الانقسامات القديمة داخل الاتحاد.
وبدورها، أفادت "ديفينس نيوز" الأمريكية المعنية بالشؤون العسكرية، بأنه غالباً ما تصدت دولتا المجر وسلوفاكيا، المعهودتان بحكوميتهما الصديقة لروسيا، لأي جهود أوروبية لدعم أوكرانيا أو فرض عقوبات جديدة على روسيا، مشيرة إلى أنه مثلما هو الحال مع اللقاء الطارئ الذي عقد في مطلع الشهر الجاري، على خلفية اللقاء الكارثي الذي جرى في البيت الأبيض بين الرئيس الأوكراني زيلينسكي والرئيس الأمريكي ترامب، فإن الاتحاد الأوروبي فشل في تحقيق الإجماع في التأكيد على مواصلة الدعم لأوكرانيا.
كانت المجر هي الدولة الوحيدة التي رفضت التوقيع على الإعلان المشترك الذي يعد بمواصلة الالتزام بتقديم المساعدة العسكرية والمالية لأوكرانيا.
وبقيت خطة الاتحاد الأوروبي لحشد 40 مليار يورو كدعم إضافي لأوكرانيا غير قابلة للتنفيذ عن العمل، كما أنه بعد أن خُفضت إلى نسخة مصغرة قيمتها 5 مليارات دولار، تركز حصرياً على ذخائر المدفعية، لم تتمكن من التمرير في اجتماع الجمعة. وأعرب دبلوماسيون أوروبيون عن أسفهم لعجزهم عن تمرير المبادرة نظراً لعدم القيام بجهد تشاوري مناسب مع الجهات المعنية، ولاسيما مع فرنسا- القوة العسكرية البارزة في الاتحاد- التي بدت مترددة في دعم المبادرة.
وتشير المجلة إلى أنه حتى الآن بلغ ما قدمه الاتحاد الأوروبي نحو 139.2 مليار يورو، من بينها 49.3 مليار يورو كمساعدات عسكرية.
وأثنت على قدرة الاتحاد على التحرك بما وصفته "بسرعة البرق"، لملء الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة بانسحابها عن تعهداتها لدعم أوكرانيا، مؤكدة أن التكتل أظهر تماسكاً مميزاً في تلك القضية.
وتجسد رئيسة المفوضية الأوروبية الموقف في التكتل في كلمة أدلت بها أمام الصحفيين في بروكسل في مطلع هذا الشهر، قائلة "ما الذي تغير.. هو الشعور الجديد بالحاجة الملحة. لأن شيئا ما محورياً قد تبدل.
لقد باتت قيمنا- الديمقراطية والحرية وحكم القانون- عرضة للخطر".