الثلاثاء 25 مارس 2025

ثقافة

نساء في الإسلام (23 ــ 30)| «أم عمارة».. سيفٌ في ساحات الجهاد وقلبٌ لا يعرف الخوف

  • 23-3-2025 | 14:37

أم عمارة

طباعة
  • همت مصطفى

في أروقة التاريخ وإشراقة الحضارة، تتلألأ صور «نساء الإسلام» كنجومٍ سطعت في سماء الإيمان والعطاء، خلدهن إيمانهن و مواقفهن القوية دفاعًا عن ديننا الحنيف ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها فتركن أثرًا كبيرًا محفوظًا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق.

iframe

ومع بوابة «دار الهلال» في أيام شهر رمضان الكريم لعام 1446 هجريًا  نقدم كل يوم حلقة من سلسلة «نساء في الإسلام» لتأخذنا إلى عمق النفوس، حيث تتجسد شجاعة المرأة وعزمها في مواجهة تقلبات الزمان،

في كل حلقةٍ، نكتشف حكاياتٍ نسجت بخيوط العزيمة والإيمان، رسمت بمسحاتٍ من النور ملامح الحضارة الإسلامية هنا، يتلاقى الجمال الروحي مع القوة الإنسانية، وتنبثق من رحم التحديات أروع معاني التضحية والكرامة، لتكون المرأة ركيزة لا غنى عنها في بناء حضارتنا وإرثها العريق.

iframe

ولقاءنا في اليوم الثاني والعشرين من رمضان 1446 هجريًا الموافق 22 مارس 2025 ميلاديًا مع الصحابية الجليلة المجاهدة الصابرة.. نسيبة بنت كعب«أم عمارة »  رضي الله عنها

العائلة والأصل

السيدة نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار إلى بني الخزرج، وهي القبيلة التي كانت تسكن بالمدينة المنورة بجانب قبيلة الأوس، وبالتحديد من بطن بني النجار أخوال عبد المطلب بن هاشم جد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمها هي الرباب بنت عبد الله بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جُشم بن الخزرج، وقيل أن والدة نسيبة بنت كعب، شاركت فى غزوة أحد، وتكنى نسيبة بنت كعب  بــ  «أم عمارة».

iframe

وفي شهر ذي الحجة قبل الهجرة إلى المدينة بثلاثة أشهر، خرج ثلاثة وسبعون رجلًا وامرأتان من الأنصار في موسم الحج الأولى هي «أم عمارة» نسيبة بنت كعب رضي الله عنها، والثانية «أم منيع» أسماء بنت عمرو رضي الله عنها»، وبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على نصرته، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر، وألا ينازعوا الأمر أهله، وأن يقولوا كلمة الحق أينما كانوا، وألا يخافوا في الله لومة لائم، وتمت تلك البيعة المباركة، وبايعت  «أم عمارة» رسول الله ، ثم عادت إلى يثرب «المدينة المنورة »، وهي تحمل أمانة هذا الدين العظيم، فما إن وصلت إلى المدينة حتى قامت لتنشر الإسلام بين النساء في المدينة وبين أولادها وأهلها وقومها.

أوائل أهل يثرب دخولًا في الإسلامiframe

أوائل أهل يثرب من المسلمين

وكانت السيدة «أم عمارة »  رضي الله عنها من أوائل أهل يثرب دخولًا في الإسلام، وعندما هاجر رسول الله إلى المدينة «يثرب»، كانت من المخلصات في نشر الدين، وعاهدت الله على السير قدمًا فى طريق الدعوة فصدقت الوعد والعهد، و جاهدت مع الرسول فى سبيل الله فى كثير من الحروب والغزوات، فقال عنها رسول الله  «فلم تبال بجراحها أو خسارتها التى أصابتها في سبيل إعلاء كلمة الله».

 جسدٌ جُريح وروح لم تُهزم

تزوجت السيدة «أم عمارة» قبل الإسلام زيد بن عاصم الأنصاري وهو من الصحابة الذين شهدوا «بيعة العقبة»  وغزوتي «بدر» ثم «أحد» ، وأنجبت «أم عمارة» للصحابي زيد بن عاصم، ولدين الأول «حبيب» الذي شهد بيعة العقبة وأحد والخندق، وباقي الغزوات مع رسول الله، وبعثه رسول الله  إلى مسيلمة بن حبيب «مسليمة الكذاب» في معركة «اليمامة» لما تنبأ فقطّع «مسيلمة» أطرافه، وألقاه في النار حتى مات لما لم يشهد لـ «مسيلمة» بالنبوة، والابن الثاني هو «عبد الله» الذي أجهز على مسيلمة بن حبيب بسيفه في معركة «اليمامة» بعد أن رماه وحشي بن حرب، و قُتل «عبد الله» يوم الحرة سنة 63 هـ رضي الله عنه .

iframe

وتزوجت «أم عمارة» للمرة الثانية من  غزية بن عمرو الأنصاري، أن طلقها زيد بن عاصم الأنصاري، وقيل أن زوجها زيد مات بعد غزوة «بدر» فتزوجت من بعده وكان غزية بن عمرو، أيضًا ممن شهد «بيعة العقبة» وغزوة «أحد»، وهو أخو سراقة بن عمرو، وأنجبت له  «ضمرة»، ولـ «أم عمارة» ولد آخر اسمه «تميم» ويختلف كتاب السير في نسبته إلى زيد بن عاصم، أم لـ غزية بن عمرو، وقيل تزوجت أنها ثالثًا.

المؤمنة الصابرة

واتسمت «أم عمارة» بصبرها وإيمانها القوي واتضح ذلك ذلك عندما قتل مسيلمة ابنها وقالت: «لمثل هذا أعددته وعند الله احتسبته، وابنها «حبيب» هو الذي أرسله رسول الله إلى  «مسيلمة الكذاب» و قطعه مسيلمة عضوًا عضوًا فمات شهيدًا فصبرت على قتله حتى ثأرت له فى «معركة اليمامة» فقتل ابنها «عبدالله» مسيلمة الكذاب.

iframe

من غزوة أحد إلى صفحات المجد

شاركت السيدة  «أم عمارة»  فى غزوة أحد حيث خرجت مع زوجها  غزية بن عمرو وولديها عبدالله، وحبيب فكانت تسقي الجرحى والعطشى، كما أنها كانت تداوي الجروح الى أن تحول نصر المسلمين إلى هزيمة فشاركت فى القتال حتى جُرحت جروحًا كثيرة، ويذكر أن أحد الفرسان أراد ان يقتلها فهم عليها بالسيف، ولكن الله درها فصدت ضربته فجعلت سيفه ضعيفًا؛ فأراد الفارس أن يهرب فضربت فرسه ضربة كالصاعقة؛ فوقع على ظهره وكان رسول الله يشهد  هذا الموقف البطولي فقال بأعلى صوته «يا ابن أم عمارة.. أمك أمك»  فشاركها ابنها على الإجهاز على الفارس فقتلوه».

iframe

وشاركت «أم عمارة» رضى الله عنها فى السنة الرابعة من الهجرة فى غزوة بني قريظة، وأعطاها رسول الله من الغنائم ، كما شاركت أيضًا فى غزوة خيبر فكانت تداوي الجروح وتسقى العطشان وتناول الأسهم، ومما عرف عنها أنها كانت تشارك فى القتال إذا دعت الحاجة إليها، شاركت «أم عمارة» أيضًا فى غزوة حنين سنة 8 هـ.

وشهدت «أم عمارة» صلح الحديبية وبيعة الرضوان، حيث خرجت  مع رسول الله لأداء عمرة القضاء، وشاركت «أم عمارة» في معركة «اليمامة» مع كبر عمرها لاشتياقها للجهاد و للثأر من مسيلمة لقتل ابنها حبيب فشاركت ومعها ابنها عبد الله بن زيد، في القتال وأبلت فيها بلاءً حسنًا، ونجح «عبد الله في الثأر لأخيه، وقتل بسيفه مسيلمة،وأصيبت «أم عمارة» في تلك المعركة بأحد عشر جرحًا، وقُطعت يدها فبعث إليها خالد بن الوليد بطبيب يداويها.

iframe

توفيت المجاهدة السيدة «أم عمارة» رضي الله عنها بعد معركة «اليمامة» بعام سنة13هـ ، متأثرة بجراحها في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ودفنت في البقيع في المدينة المنورة، وفي جسدها علامات الجهاد من الجروح والقطع، رحم الله المجاهدة الصابرة  «أم عمارة» التي كانت رمزا قويا في الدفاع عن الإسلام  وأما صابرة .

iframe

 ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابنها: «مقام أمك خير من مقام فلان وفلان ،ومقام زوجها خير من مقام فلان وفلان ، ومقامك خير من مقام فلان وفلان، رحمكم الله أهل البيت»، ودعا لهم النبي محمد أن يكونوا رفقائه في الجنة.

الاكثر قراءة