الجمعة 28 مارس 2025

ثقافة

حكايات على ألسنة الحيوانات «كليلة ودمنة».. قصة «الأسد والوحوش» (25-30)

  • 25-3-2025 | 10:50

كليلة ودمنة

طباعة
  • فاطمة الزهراء حمدي

يُعَدُّ كتاب «كليلة ودمنة» من أشهر الكتب العالمية التي تحمل بين طياتها عالماً واسعًا من الحكايات والحكم. يضم الكتاب مجموعة متنوعة من القصص التي ترجمها عبد الله بن المقفع من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية في العصر العباسي، وتحديدًا في القرن الثاني الهجري، مضيفًا إليها أسلوبه الأدبي المميز. ويُجمِع العديد من الباحثين على أن أصل الكتاب يعود إلى التراث الهندي، حيث تُرجم في البداية إلى الفارسية، ثم نقله ابن المقفع إلى العربية بأسلوبٍ راقٍ ومبدع.

 

يُروى أن سبب تأليف «كليلة ودمنة» يعود إلى رغبة ملك هندي يُدعى دبشليم في تعلم الحكمة بأسلوب مشوّق ومسلٍ، فطلب من حكيمه بيدبا أن يضع له هذا الكتاب، فجاءت الحكايات في قالبٍ أدبي رائع استخدم فيه بيدبا أسلوب الحكايات على لسان الحيوانات، لتقديم دروسٍ أخلاقية وحِكَمٍ إنسانية خالدة.

 

أصبحت النسخة العربية من «كليلة ودمنة» محطةً هامةً في تاريخ الأدب، حيث أسهمت بشكل كبير في انتشار الكتاب وترجمته إلى العديد من لغات العالم. ويصنّفه النقاد العرب القدامى ضمن الطبقة الأولى من كتب الأدب العربي، ويعدونه واحدًا من أبرز أربعة كتب مميزة. يتألف الكتاب من خمسة فصول تحتوي على خمسة عشر بابًا رئيسيًا، تتناول قصصًا تراثية تعكس تجارب البشر من خلال حواراتٍ شيقة على ألسنة الحيوانات.

 

تُقدّم بوابة «دار الهلال» لقرائها طوال شهر رمضان المبارك لعام 1446 هـ حكاياتٍ يومية من كتاب «كليلة ودمنة»، في إطار سلسلةٍ مميزة تستعيد من خلالها عبق التراث الأدبي. وتُقدَّم اليوم قصة بعنوان « الأسد والوحوش»، لتستمر الرحلة الممتعة مع عالم الحكايات والحكمة.

وجاء فالقصة: زعموا أن أسداً كان في أرضٍ كثيرة المياه والعشب، وكان في تلك الأرض من الوحوش في سعة المياه والمرعى شيءٌ كثيرٌ، إلا أنه لم يكن ينفعها ذلك لخوفها من الأسد، فاجتمعت وأتت إلى الأسد، فقالت له: إنك لتصيب منا الدابة بعد الجهد والتعب، وقد رأينا لك رأياً فيه صلاح لك وأمنٌ لنا، فإن أنت امنتنا ولم تخفنا، فلك علينا في كل يومٍ دابةٌ نرسل بها إليك في وقت غدائك، فرضي الأسد بذلك، وصالح الوحوش عليه، ووفين له به.

 ثم إن أرنباً أصابتها القرعة، وصارت غداء الأسد؛ فقالت للوحوش: إن أنتن رفقتن بي فيما لا يضركن، رجوت أن أريحكن من الأسد.

فقالت الوحوش: وما الذي تكلفيننا من الأمور؟

 قالت: تأمرن الذي ينطلق بي إلى الأسد أن يمهلني ريثما أبطئ عليه بعض الإبطاء.

 فقلن لها ذلك لك، فانطلقت الأرنب متباطئةً، حتى جاوزت الوقت الذي كان يتغدى فيه الأسد.

 ثم تقدمت إليه وحدها رويداً، وقد جاع، فغضب وقام من مكانه نحوها، فقال لها: من أين أقبلت؟

 قالت: أنا رسول الوحوش إليك: بعثني ومعي أرنبٌ لك، فتبعني أسدٌ في بعض تلك الطريق، فأخذها مني،

وقال: أنا أولى بهذه الأرض وما فيها من الوحش.

 فقلت: إن هذا غداء الملك أرسلني به الوحوش إليه، فلا تغصبنه، فسبك وشتمك. فأقبلت مسرعةً لأخبرك.

 فقال الأسد: انطلقي معي فأريني موضع هذا الأسد، فانطلقت الأرنب إلى جب فيه ماءٌ غامرٌ صافٍ؛ فاطلعت فيه، وقالت: هذا المكان، فاطلع الأسد، فرأى ظله وظل الأرنب في الماء؛ فلم يشك في قولها؛ ووثب إليه ليقاتله، فغرق في الجب.

 فانقلبت الأرنب إلى الوحوش فأعلمتهن صنيعها بالأسد.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة