الثلاثاء 8 ابريل 2025

مقالات

المشهد.. بين الرسالة والترجمة

  • 2-4-2025 | 13:52
طباعة

التقط المصريون الإشارة التي وجهت إليهم بسرعة مذهلة، تعرفوا عليها بذكائهم، أدركوا أهمية الرسالة المرسلة وعمقها، رصدوا آنيتها وتوقيتها الحالي، ترجموها على الفور برصيد وافر من فطنتهم، رتبوا أوراق المشهد في ثوان معدوة، ثم نسجوا منها فصول قصتهم بصحيح فطرتهم، قرأوا المشهد؛ فانسجموا معه، توحدت كلمتهم واتحدت أراءهم، فجاء ردهم الحاسم لصالح هويتهم وقوميتهم. 

تكاتف الجميع بعد أن علموا بمفهوم مصريتهم ما ظنه البعض خافيًا عنهم، فهم من تعودوا ومنذ نعومة أظافرهم أن يقرأوا الأحداث المصيرية بانتمائهم لبلدهم وأمتهم المغروس منذ لحظة ميلادهم بين حنايا قلوبهم، القابع يقظان بمخيلتهم، الساكن في وجدانهم وعقولهم، المسطر فوق جباههم، المنقوش بالمحبة، فالمحبة هى مكونهم الأساسي، دليل أصالتهم وعشقهم لوطنهم، سطر المصريون مشاهدهم، قاموا بأداء أدوار لم تملى عليهم، استلهموا من تجمعهم مشاهدًا أخرى لمواقف عدة مرت بهم، مواقف خرجوا فيها من أجل تغيير معبرين بها عن أفكارهم ومقاصدهم.

في مشهد مهيب أعاد للذاكرة ظلال أحداث مصيرية مرت علينا من قبل، حين توحدت رغبات المصريين فخرجوا لإعلانها بالملايين دون خوف، عندما اتحدت مطالبهم وعلا بها صوتهم، تزاحموا من أجل الحفاظ على هويتهم؛ لقد خرج المصريون ليؤدوا صلاة عيدهم، شاهدوا الصورة كاملة وتعرفوا عليها جيدًا، قرأوا جدارية نقشت عليها مفردات حروف لغتهم التي لا يعرفها أحدًا غيرهم.

جاءت وحدة موقفهم بمجرد قراءة أول حرف من أول كلمة من جملتهم المختصرة الطويلة التي عبرت عنهم، لقد قالوا:"لا" لن نسمح بإملاءات تأتينا من أحد، لن نخضع ولن نستسلم، وفي تحد بالغ لكل الظروف، ساروا داخل متاهة تداعيات أحداث نصبت شباكها من حولهم من أجل الإيقاع بهم.

أرسلوا رسالتهم بكل شجاعة لكل من يهمه الأمر، حين قالوا: " لا لتهجير شعب يملك أرضه -والكل يعلم- لا لتسليم بظلم يقع عليهم ممن انتزعت الرحمة من قلوبهم صدقًا بحديث خالقهم، من يعلم ما تخفيه صدورهم منذ أن خلقهم وحتى تأتيهم ساعتهم". 

دمج المصريون الصور -جميعها- نقشوا تفاصيلها كوشم على أبواب قلوبهم، صور محزنة لبلد ما زال ينزف بعد أن مزقته خلافات أبنائه، إلى جانب آخرين ممن تآمرت عليهم قلوبهم، زعمت أن الإيمان ملك لها وحدها، فعاثوا في الأرض فسادًا ما بين تدمير لأرض وتشتيت لشعب في محاولة للقضاء عليه، شعب لم يخلق الشتات لأجله، شعب كريم ولد في بقعة من الأرض مقدسة مباركة امتلكها، فاستكثرها الظالمون عليه.

الاكثر قراءة