الجمعة 16 مايو 2025

تحقيقات

التصعيد الإسرائيلي ضد الجبهات العربية.. خطوة نحو إقامة الدولة الكبرى من البحر إلى النهر

  • 2-4-2025 | 17:57

قادة إسرائيل

طباعة
  • محمود غانم

عبر تصعيد عدوانها ضد ثلاث جبهات عربية بدعم أمريكي، تثير إسرائيل مخاوف من دفع الشرق الأوسط إلى صراع على نطاق أوسع قد يجر إليه أطراف دولية -إن لم تجر بالفعل- حيث باتت لكل منطقة من يؤازرها.  

وأضحت ثلاث مناطق عربية، هي الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولبنان، وسوريا، تحت طائلة العدوان الإسرائيلي الغاشم، الذي يتعمد ضرب الأهداف المدنية، ثم لا يلبث أن يتذرع بأنها أهداف معادية.  

وأدى التصعيد الإسرائيلي المستمر في الشرق الأوسط، منذ نحو 18 شهرًا، إلى دخول قوى إقليمية ودولية إلى الساحة كداعم ومؤاز لإحدى الأطراف المتصارعة.  

حيث جرت إسرائيل عن قصد إيران إلى مواجهة مباشرة معها كان من الوارد جدًا أن تتحول إلى حرب مفتوحة، لولا تدراك الأطراف الإقليمية والدولية، في حين ذهبت الولايات المتحدة الأمريكية برفقة بريطانيا لتوجيه غارات جوية ضد اليمن، لأسباب لم تكن لتحدث أو تستمر لولا التصعيد الإسرائيلي في المنطقة.

وفي الوقت الراهن، يُبرز الإعلام العبري، أن تركيا التي تقيم علاقة صداقة قوية مع القيادة السورية الجديدة، أصبحت تُعتبر خطرًا يتعين مواجهته، مما يعني أن سوريا قد تتحول إلى ساحة للصراع.

 وفي هذا الإطار، يرى خبراء أن التصرفات الإسرائيلية في المنطقة لا يمكن فصلها عن الدعم الأمريكي اللا محدود المقدم لها، وهو ما جعلها تفلت من أي عقاب قد تتعرض له جراء عدم اكتراثها بالشرعية الدولية.

وشدد الخبراء على أن التصعيد الإسرائيلي ضد هذه الجبهات العربية يُمهد نحو قيام ما يُعرف بـ "إسرائيل الكبرى" من البحر إلى النهر، ما يعني سيطرتها على المزيد من الأراضي العربية، وتفتيت الوطن الواحد.

 

 تهديد للأمن القومي العربي

ويقول اللواء محمد رشاد، وكيل المخابرات العامة الأسبق، إن التصعيد الإسرائيلي وارد جدًا، إذ يأتي في سياق رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في الحفاظ على مصالحه الشخصية، وفي مقدمتها بقاء حكومته، بصرف النظر عن أي شيء آخر، ما يدفعه إلى فتح أكثر من جبهة قتال.  

وأوضح اللواء محمد رشاد، في حديث لـ"دار الهلال"، أن الأمر لا يقتصر فقط على إسرائيل، بل كذلك الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصًا أن الإدارة الحالية أصبحت كورقة في يد إسرائيل، بنفس النحو الذي كان في عهد الرئيس السابق جو بايدن.  

ونفى صحة الرواية التي تشير إلى أن لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها، إذ إنها "دولة احتلال"، ما يعطي الحق للمواطن "المُحتل" أن يقاومها، حتى يحصل على حريته، في إشارة منه إلى أنه لا يصح القول إن التصعيد الإسرائيلي الراهن سافر عن حقها في الدفاع عن نفسها.  

وأضاف أن الوضع الحالي تبدل وتغير، وأصبح العالم يُقاد من منطلق القوة، وبناءً على قانون "غاب"، حيث فقدت جهات كالأمم المتحدة دورها المعتاد في ظل الوضع الراهن.

وبينما يستبعد نشوب مواجهة عسكرية بين إسرائيل وتركيا، فإنه يؤكد أن حلفاء إيران في المنطقة تم الإجهاز عليهم، ومع ذلك، فإن إمكانياتها كبيرة جدًا، بما في ذلك الإمكانيات الحربية. 

وكشف أنه في حال نشبت مواجهة عسكرية بين إيران من ناحية، وإسرائيل من ناحية أخرى، فإن الأمر لن يكون "الهين" للأخيرة، نظرًا للإمكانيات القوية التي تتمتع بها الأولى. 

وفي غضون ذلك، شدد الخبير العسكري والاستراتيجي على أن إنفاذ مخطط تهجير الفلسطينيين، الذي تدفع إليه إسرائيل، يعني تصفية القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن إسرائيل بدأت بالفعل تتخذ خطوات عملية في هذا السياق، كمحاولات حظر "الأونروا" في مسعى منها لإلغاء وجود اللاجئين الفلسطينيين.

وفي شأن الأمن القومي المصري، يوضح رشاد، أن أي عدم استقرار في أي ناحية موجودة على حدودنا ينعكس على أمننا القومي، وأن انعدام الاستقرار في الأراضي الفلسطينية، يتقدمه قطاع غزة، يؤثر علينا، وبهذا يتضح أن دفاعنا عن الحقوق الفلسطينية يمثل في ذات الوقت دفاعًا عن مصالحنا.

 

 

 إقامة إسرائيل الكبرى

أكد اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، أن التصعيد الإسرائيلي الراهن في الشرق الأوسط هو فرصة مثالية لها، جراء التأييد المطلق الذي تحظى به من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يجعلها محمية من المسألة الدولية.  

وأضاف اللواء نصر سالم، في حديث لـ"دار الهلال"، أن إسرائيل لم تحترم أي قرارات صادرة ضدها، بداية من قرارات محكمة العدل الدولية والجنايات الدولية، وصولًا إلى القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والأمم المتحدة، جراء الدعم الأمريكي الذي تحظى به.  

وعليه، يقول إن الوضع الحالي هو فرصة مثالية لإسرائيل لكي تنفذ أجندتها عبر التخلص من كل القوة المقاومة أو المعادية لها، فضلًا عن تحقيق هدفها الأسمى المتمثل في إبادة الشعب الفلسطيني، لتنفرد بعد ذلك بالسيطرة على أرضه، حسب الخبير العسكري.  

وبيّن أنه تحقيقًا لأهدافها، نجحت إسرائيل إلى حد ما في التخلص من حزب الله اللبناني، وكذا سوريا أصبحت خارج المعادلة، بينما تتطوع الولايات المتحدة الأمريكية في قتال الحوثيين في اليمن نيابة عن إسرائيل، مؤكدًا أنها حقيقة لن تجد فرصة أفضل من ذلك لإنفاذ مخططاتها.

واستبعد من جانبه نشوب أي مواجهة عسكرية مباشرة بين إيران وتركيا، مؤكدًا أنه فيما يتعلق بالأولى، فإن إسرائيل أجهزت بالفعل على حزب الله، وأصبح لبنان خاليًا من القدرات، ويفضل عدم خوض أي مواجهات جديدة. 

ورأى أن تصرفات إيران الحالية لا تسفر إلا عن زيادة الضربات الإسرائيلية الأمريكية ضد ما أسماه بـ"محور المقاومة"، أما عن مواجهة فعلية فلم نشاهد لها. 

أما تركيا، ففي اعتقاده أنها خدمت إسرائيل عبر دعمها لإسقاط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، حيث إنه على إثر ذلك أصبحت سوريا خارج المعادلة. 

وعن المخاطرة السافرة بتهجير الفلسطينيين، شدد سالم على أن تلك خطوة أولى نحو تفتيت المنطقة، حيث إن تهجير الفلسطينيين أو إبادتهم مقدمة لاستيطان إسرائيل لباقي أرضهم واستقدام يهود من كافة دول العالم، كمقدمة نحو إقامة "إسرائيل الكبرى" المحلوم بها من النهر إلى البحر. 

واختتم مؤكدًا أن الأمر برمته هو قضيتنا -قضية أمتنا العربية- وما يلزم علينا مواجهتها بشكل جماعي، أو إما جهودنا ستذهب سدى.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة