في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تتفاقم الأزمات الإنسانية بشكل كبير، مع انهيار للنظام الصحي بشكل كامل، مما يترتب عليه تزايد أعداد الضحايا من المدنيين، خاصة من النساء والأطفال والشيوخ.
وفي نفس الوقت، تتوالى الإدانات الدولية للانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوات الاحتلال، حيث تؤكد تقارير صادرة عن المنظمات الأممية والمحلية أن الواقع الإنساني في قطاع غزة بات كارثيا.
مساعد وزير الخارجية الأسبق: واشنطن تمارس ضغوطا على إسرائيل لمنع توسيع عملياتها في رفح وتفادي صدام مباشر مع مصر
قال صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية السابق، إنه في ظل تصاعد الأوضاع في القطاع، هناك اتجاهان واضحان أمامنا، الأول هو الاتجاه الإسرائيلي مع الدعم الأمريكي له، والاتجاه الثاني، وهو الاتجاه المصري الذي تؤيده كل الدول العربية.
وأضاف حليمة في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال" أن الاتجاه الأول والذي تمثله اسرائيل بدعم أمريكي غير محدود، والذي تخالفه كافة الاتفاقيات الدولية فيما يحدث على أرض الواقع من جرائم حرب وإبادة، والتي سبق وأن ادانتها محكمة العدل والجنائية الدولية، للوصول إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وأوضح أنه إذا أرادت دولة احتلال دولة أخرى، فإنها تقوم بثلاث خطوات أساسية، وهي القضاء على الشعب والعرق ثم السلطة، وهو ما يحدث حالياً من خلال ضم الأراضي الجديدة، وإنشاء المستوطنات، وتغيير التركيبة السكانية عبر نقل السكان قسريا أو جعل الأرض غير قابلة للعيش، أو من خلال التجويع والفقر، وهذا ما حدث في الضفة الغربية على مدار 75 عاما مضت.
وأضاف: أما الاتجاه الآخر فهو الموقف المصري المدعوم من كافة الدول العربية والإسلامية والمنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، بالإضافة إلى الدول الأوروبية، والهدف من ذلك هو تسوية للقضية الفلسطينية بشكل عادل وليس تصفيتها.
وأشار إلى أن ما حدث مؤخرًا في رفح الفلسطينية يعكس أن إسرائيل لا ترغب في تصعيد العمليات العسكرية أكثر من ذلك حتى لا تستفز الجانب المصري، لتفادي الدخول في حرب مع الدولة المصرية، لافتا إلى أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطا على إسرائيل في هذا السياق لعدم الدخول في حرب شاملة مع مصر.
جمال بيومي: فتح المعابر قد يكون بداية نكبة جديدة للفلسطينيين
وفي هذا السياق، قال السفير، جمال بيومي، إن مصر ستستضيف يوم 14 أبريل المقبل، مؤتمرا من أجل إعادة البناء للبنى التحتية في القطاع، لدعم الصمود الفلسطيني أمام دولة الاحتلال.
وأضاف "بيومي" في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال" أن المطالبين بإعادة فتح المعابر الإنسانية بين مصر وفلسطين على خطأ، لأن فتح المعابر يعد بداية للنكبة الحقيقية وبداية لعملية التهجير بشكل غير مباشر، موضحاً أنه في الفترة الأخيرة تم بالفعل فتح المعابر المتعددة لاستقبال نحو 5000 متضرر من الحرب.
وأكد بيومي، أن الصمود الفلسطيني هو الحل الأمثل للقضية، كما حدث في القمة العربية الأخيرة، والتي حضرها جميع الممثلين العرب والذين أبدوا دعمهم للصمود الفلسطيني باعتباره الحل الوحيد لمنع الهجرة.
وأضاف أن الرئيس عبد الفتاح السيسي من المؤكد أنه أبلغ ترامب في مكالمته الأخيرة برفضه التهجير بشكل صريح، تعقيبا على ما تمارسه السلطة الإسرائيلية من تهجير سكان القطاع بشكل قسري.
وأوضح أنه على الجانب الآخر، هناك هجرة عكسية من إسرائيل لا يتحدث عنها أحد، حيث تتزايد بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، مما جعلها تشبه مدينة الأشباح.
واختتم حديثه بأن الحرب ليست في صالحنا في الوقت الحالي، لأننا من أصحاب الدبلوماسية الهادئة، والدليل على ذلك أن الرئيس في الفترة الأخيرة اعتمد أوراق 23 سفيرًا في عدة دول، ولم يعتمد سفيرًا لنا في إسرائيل حتى الآن.
محمد مرعي: من المرجح أن تشهد المرحلة المقبلة احتلالا كاملا للقطاع ما يؤدي إلى بداية فصل جديدة من الصراع
وفي سياق متصل، أوضح محمد مرعي، الباحث في المركز المصري للدراسات، أن عودة بنيامين نتنياهو إلى الخيار العسكري في غزة وتصدره المشهد مجددا، بالتزامن مع المجازر الوحشية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي حاليا، تمثل بمثابة طوق نجاة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، وأوضح أن نتنياهو كان قد صرح سابقا بأن الهدف من العمليات العسكرية هو الضغط على حركة حماس لتحرير الأسرى، إلا أن الواقع يكشف عن نية واضحة لفرض السيطرة الكاملة على قطاع غزة.
وأضاف مرعي، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، أن ما يجري مؤخرا من محاولات لدفع الفلسطينيين باتجاه الحدود المصرية عبر احتلال مدينة رفح، يهدف في جوهره إلى تنفيذ مخطط تهجير قسري، إلا أن الموقف المصري كان واضحا وحاسما منذ البداية بأن هذا الأمر لن يسمح بحدوثه.
وأوضح أن إسرائيل تسعى فعليا إلى السيطرة الكاملة على قطاع غزة من خلال توسيع عملياتها العسكرية، وتقسيم القطاع إلى ست مناطق منفصلة، في محاولة لدفع السكان إلى التهجير الطوعي، سواء عبر البحر أو من خلال مطارات متعددة، وهو ما ترفضه مصر بشكل قاطع.
وتابع مرعي: من المرجح أن تشهد المرحلة المقبلة احتلالا كاملا للقطاع، ما قد يؤدي إلى بداية مرحلة جديدة من الصراع، تكون فيها المواجهة مباشرة على الأرض بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، وهو السيناريو الذي تخشاه القيادة الإسرائيلية، لأنها تفضل الإبقاء على الصراع في إطار القصف المدفعي والجوي دون الدخول في حرب برية مفتوحة.
وأضاف: يبدو أن هناك اتفاقا تم بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ 18 مارس الماضي، يتمثل في تصعيد الضغط العسكري لتدمير حركة حماس وانتزاع سلاحها بالكامل، إلا أن ترامب في الواقع لا يرغب في استمرار هذه الحرب، نظرا لما له من مصالح استراتيجية كبيرة مع عدد من دول المنطقة، واستمرار النزاع من شأنه أن يهدد تلك المصالح ويعجل بتقويضها.
قصف مدن غزة وخان يونس
وفي آخر التطورات الميدانية ، استشهد خمسة فلسطينيين نتيجة قصف إسرائيلي جوي استهدف مدينتي غزة وخان يونس، وطبقا لوكالة "وفا" الفلسطينية، فإن الاحتلال قصف منطقة مواصي بخان يونس، وتعرضت مناطق الشرق والجنوب بخان يونس للقصف المدفعي.
وفي مدينة غزة، أسفر القصف الإسرائيلي على خيم النازحين في حي الشيخ عجلين جنوب غرب المدينة عن استشهاد اثنين وإصابة آخرين، أما في شمال الضفة الغربية، فقد اقتحمت القوات الإسرائيلية بلدة نابلس مع إطلاق نار كثيف وقنابل غاز مسيل للدموع، مع انتشار القناصة فوق أسطح المنازل.
استهداف مدن شمال الضفة الغربية
فيما يواصل الاحتلال عدوانه على مدن شمال الضفة، منذ 21 يناير الماضي، ويستهدف محافظات جنين وطولكرم وطوباس ونابلس، وذلك نتج عنه سقوط عشرات الشهداء والجرحى، فضلا عن نزوح أكثر من 40 ألف مواطن قسرا وتدمير مئات المنازل والبنية التحتية.
وفي جنين، تواصل قوات الاحتلال، اليوم عدوانها لليوم ال74 على التوالي، عبر تجريف واقتحام مع إشعال النيران في المنازل لأجل تحويلها إلى ثكنات عسكرية، فضلا عن اقتحام الاحتلال لأحياء عدة في المدينة، واعتقلت عددا من المواطنين.
القوات الإسرائيلية تسيطر على 40 % من مساحة القطاع
قال هشام مهنا، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في القطاع، إن الغارات الإسرائيلية، لا تزال تستهدف فرق الإغاثة والخدمات الإنسانية وفرق الإسعاف، وشدد على ضرورة السعي لفتح معابر لضمان تدفق المساعدات الإنسانية للقطاع.
وأضاف أن التنقل في القطاع لإسعاف المرضى أصبح في غاية الصعوبة وشدد على أهمية ضمان حصول المدنيين على الاحتياجات الأساسية للبقاء على قيد الحياة، وأوضح أن الجيش الإسرائيلي استطاع احتلال مناطق واسعة من القطاع تصل إلى 40 %، وهذه المساحة تحتاج إلى وصول الإسعافات إلى سكانها ولكن لا يستطيع أحد الوصول إلى تلك الأماكن .
هذا بالإضافة إلى أن إغلاق معبر كرم أبو سالم يحد بشكل كبير من قدرة الفرق الإنسانية على أداء مهامها، لا سيما في ظل تدهور الأوضاع الميدانية، وأكد أن مقر الصليب الأحمر في رفح بعد أن تعرض لقصف مباشر في مارس الماضي، أثر بشكل كبير في هذه التداعيات.