الإثنين 14 ابريل 2025

تحقيقات

بعد تصريحات ترامب.. خبراء يوضحون تحولات الموقف الأمريكي بشأن غزة

  • 8-4-2025 | 14:01

قطاع غزة

طباعة
  • أماني محمد

جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن اتفاق جديد لوقف إطلاق النار وضمان إطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس في قطاع غزة، وأنه من المتوقع أن يتوقف إطلاق النار في غزة قريبا وأنه يرغب في ذلك، لتمثل تغيرًا في الموقف الأمريكي الذي طالما أكد استخدام القوة في التعامل مع قطاع غزة، مع عزمه تطبيق مقترح تهجير الشعب الفلسطيني من غزة.

ورغم تمسكه بأنه بما وصفه بـ"تهجير الفلسطينيين إلى بلدان مختلفة كخيار محتمل"، إلا أن مراقبون أكدوا أن تصريحات ترامب تمثل تراجعا بشأن خططه السابقة بشأن السيطرة على غزة ونيته لتنفيذ ما وصفه بـ"ريفييرا الشرق الأوسط "، موضحين أن الأمر تزامن مع القمة الثلاثية التي استضافتها القاهرة أمس بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.

 

مكالمة مشتركة

وأجرى قادة مصر وفرنسا والأردن اليوم مكالمة هاتفية مشتركة مع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" وذلك على هامش القمة الثلاثية التي عقدت في القاهرة أمس، حيث ناقش القادة الثلاثة مع الرئيس ترامب سبل ضمان وقف إطلاق النار بشكل عاجل في قطاع غزة، مؤكدين على ضرورة استئناف الوصول الكامل لتقديم المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين على الفور. 

وشدد القادة الثلاثة على أهمية تهيئة الظروف المناسبة لتحقيق أفق سياسي حقيقي وتعبئة الجهود الدولية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، واستعادة الأمن والسلام للجميع، وتنفيذ حل الدولتين، واتفق القادة الثلاثة والرئيس ترامب على البقاء على اتصال وثيق. 

وأعلن البيت الأبيض، أمس، عن إلغاء مؤتمر صحفي مشترك بين دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، دون كشف الأسباب.

 

أسباب تغير الموقف الأمريكي

ويقول السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر تحمل أهمية استراتيجية بالغة، وتأتي في توقيت دقيق وتشكل نقطة انطلاق جديدة للعلاقات المصرية الفرنسية نحو التعاظم، حيث تشمل بناء شراكة شاملة تغطي الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والعسكرية، وكذلك انطلاقة نحو تعزيز فرص تسوية القضية الفلسطينية في مواجهة محاولات إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية لتصفية القضية.

وأكد في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن المباحثات الثلاثية التي جمعت الرئيس عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في القمة الثلاثية أمس تؤكد تلاقي الرؤى حول ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق عملية سياسية شاملة وعادلة تعيد الأمل في حل الدولتين، وترفض بشكل قاطع كل محاولات التهجير القسري أو تصفية القضية الفلسطينية وهو ما يعزز الموقف العربي والأوروبي في هذا الاتجاه مقارنة بالموقف الأمريكي الإسرائيلي.

وأضاف أن ما يُلاحظ مؤخرًا من تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب تشير إلى تغير وتراجع في توجه الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل الذي كان يري إلى تواصل العمليات العسكرية والتصعيد وهو الأمر الذي يهدد بحرب إقليمية، وتصعيد الاتجاهات في اليمن وإيران، موضحا أن التصريحات الأخيرة قد تمثل عودة إلى الحكمة والعقل والتوصل للحل السلمي والتسوية السلمية لهذا الصراع والتخلي عن التهجير القسري وتصفية القضية الفلسطينية جغرافيا وديموغرافيا وهو ما يفتح المجال أمام فرص جديدة للتفاوض وتهدئة التوتر.

وأشار إلى مباحثات ترامب ونتنياهو في واشنطن أمس جاءت في توقيت يتزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي للقاهرة ومباحثاته مع الرئيس السيسي والملك عبد الله الثاني، مضيفا أن غالبية الدول الأوروبية إن لم يكن جميعها باستثناء ما حدث من قبل المجر مؤخرا، بتصرف خاطئ وضعها في موقف خارج أطر السلام، وكذلك الدول العربية والإسلامية والمنظمات الدولية جميعها تتسق في مواقفها، مع الموقف المصري والعربي بشأن القضية الفلسطينية.

ولفت إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يواجه ضغوطا قوية داخليًا وخارجيًا، بسبب الموقف القضية الفلسطينية والموقف الأمريكي منها ودعم واشنطن اللامحدود للاحتلال الإسرائيلي، وكذلك بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها على دول العالم وكذلك القرارات التنفيذية التي تخص الداخل الأمريكي والتوجه ضد المهاجرين وغيرها، وهذه الضغوط قوية وهناك تحركا من الكونجري من قبل الديمقراطيين وبعض الجمهوريين، وهذا ما يمثل ضغطا على ترامب.

وأشار إلى أن واشنطن تواجه أيضا ضغوطا خارجية من الدول التي فرض عليها ترامب الرسوم الجمركية، وربما يكون هناك مراجعات في المواقف من قبل ترامب، ليبدأ أن يبدي استعدادا بإمكانية الحوار مع بعض الدول، باستثناء الصين التي اتخذت موقفا متشددا بفرض رسوم مضادة على واشنطن، موضحا أن نتنياهو يواجه أيضا ضغوطا قوية في الداخل المحتل وتنامي المظاهرات ضده للمطالبة بالوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى.

وأكد أن زيارة ماكرون لمصر ناجحة للغاية، وربما في ظل هذه الضغوط والعوامل، فهناك مؤشرات على بداية تحول في الموقف الدولي، وظهور إرهاصات قد تقود إلى صفقة شاملة تتضمن وقف إطلاق النار بمراحله الثلاث، وإعادة إحياء عملية السلام، مضيفا أن ترامب أشار في تصريحاته أمس أنه يتوقع انتهاء الحرب على غزة قريبا وأنه قد يتم التوصل لصفقة تخص الأسرى والرهائن.

وأكد أن هذا كله يتفق مع التحرك المصري المتوازن منذ بداية الأزمة، والموقف المصري الأردني الفرنسي، والمستند إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادئ العدالة، وأن يكون هناك مسارا سلميا لاستراتيجية السلام ورفض أي تهجير قسري وضرورة أن يكون هناك أفق سياسي، مضيفا أن الموقف المصري كان واضحا، سواء في إطار المباحثات مع الدول العربية والإسلامية والأجنبية أو في إطار المنظمات الدولية في ظل التحركات الملموسة داخل الأمم المتحدة، وفي المحاكم الدولية مثل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، لمساءلة إسرائيل على الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني.

ولفت إلى أن توقيت زيارة الرئيس الفرنسي لمصر ومباحثات نتنياهو وترامب، تسبق في توقيتها زيارة الرئيس الأمريكي المرتقبة إلى المملكة العربية السعودية وعدة دول عربية، والسعودية لها موقف حاكم في هذا الأمر وهو ضرورة التسوية السياسية للقضية الفلسطينية وفقا لمقررات الشرعية الدولية وإقامة الدولة الفلسطينية.

 

استمرار الدور الدبلوماسي لمصر

وأكدت الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر تحمل أهمية كبيرة، سواء على الصعيد الثنائي أو الإقليمي في ظل ما تشهده المنطقة من تصعيدات متلاحقة وتحديات متزايدة، وجاءت الحرب على غزة لتتصدر أولوية الملفات الإقليمية، وربما شملت ملفات متنوعة مثل الأوضاع في ليبيا، والسودان، وشرق المتوسط، وهي مناطق ذات مصالح وهموم مشتركة.

وأضافت في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن المباحثات التي جمعت الرئيس عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في القمة الثلاثية تضمنت الرسالة المشتركة بضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية لغزة دون عوائق من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما عكسته زيارة الرئيس الفرنسي إلى مدينة العريش، كمؤشر رمزي وفعلي على أهمية الجهود الإنسانية المشتركة.

وشدد على أن مصر والأردن تتفقان على التمسك بحل الدولتين ورفض التهجير القسري، ودعم المبادرة العربية لإعادة الإعمار، وهي مبادرة أطلقتها مصر وتحظى بتوافق عربي ودعم أوروبي، خاصة من فرنسا وعدد من الدول الأوروبية الأخرى، موضحة أن المباحثات بين القادة الثلاثة مع الرئيس الأمريكي في المكالمة الهاتفية أمس تكتسب أهمية، لأن ترامب يلعب دورًا في تقريب وجهات النظر.

وأكدت أن فرنسا، كونها عضو دائم في مجلس الأمن وركيزة من ركائز الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو كما أنها شريك لمصر في منطقة البحر المتوسط، وتلعب دورًا مهمًا في تقريب وجهات النظر، بما يخدم السلام والاستقرار في المنطقة، مضيفة أنه في المقابل إسرائيل تواصل السعي لتحقيق مكاسب ميدانية برغم إراقة الدماء والإبادة الجماعية والكلفة الإنسانية الباهظة، وهو ما يستوجب موقفًا دوليًا أكثر حسمًا.

ولفتت إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يجب عدم التعامل معها كمسلمات لأنه يتراجع عنها وهو ما حدث في أكثر من مرة كما أن ما يقوله لا يشترط أن يكون هو ما ينويه لأن هذا التراجع ربما يكون لحظيا، ويجب أن تكون هناك استدامة في التوجه العربي، لأن ترامب ربما يصدر تصريحات بغرض تهدئة الأجواء لأن الأساس هو استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل في كثير من الملفات وعدم التعامل مع تصريحات ترامب بشأن التهجير القسري كإجراء سيحدث بالفعل.

وشدد على أهمية الاستمرار الدور الدبلوماسي لمصر في دعم السلام، وخاصة أن الموقف الأوروبي تغير بشكل كبير بشأن أحداث 7 أكتوبر والحرب على غزة، مضيفة أن هناك العديد من العوامل التي ساعدت على ذلك وهي الفظائع التي تقوم بها إسرائيل وهي جرائم لا يمكن لدولة أن تتحملها على ضميرها، وكذلك دور المجتمع المدني الأوروبي والمظاهرات والاعتراضات الشعبية، والجامعات، والمنظمات الحقوقية.

وأكدت أن استمرار التحرك العربي، والدور الذي تلعبه مصر دبلوماسيًا في إظهار الحقائق وساهم بشكل فعال في كشف الحقائق على الأرض، وإيصال الصوت الفلسطيني إلى المحافل الدولية، بما فيها الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة