يبقى التاريخ خير شاهد على المذابح الدموية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في حق البشرية، خاصة ما يحمله ملف القضية الفلسطينية من مذابح وإبادة حيال النساء والأطفال والشيوخ والشباب المدنيين السلميين، والتي لا تنتهي حتى الآن على اختلاف تعددها وطرقها وتعد مذبحة دير ياسين الفلسطينية غربي القدس العربية التي تحل اليوم ذكراها الأليم الـ77 أحد هذه المذابح التي ستبقى حاضرة في وجدان كل عربي وفي ذاكرة التاريخ الأسود للصهاينة.
ففي 9 أبريل 1948 نفذت مجموعتا الإرجون وشتيرن الصهيونيتان عملية إبادة وطرد جماعي في قرية دير ياسين الفلسطينية غربي القدس العربية.
وتعد مذبحة دير ياسين الشرارة الأولى للتهجير في فلسطين إلى مناطق أُخرى منها وإلى البلدان العربية المجاورة لما ألمت به المذبحة من حالة رعب لدى المدنيين، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير في إشعال فتيل الحرب العربية الإسرائلية في 1948.
وفي يوم المذبحة قامت عناصر من منظمتي "الأرجون وشتيرن" بشن هجوم على قرية دير ياسين قرابة الساعة الثالثة فجراً، وتوقع المهاجمون أن يفزع الأهالي من الهجوم ويبادروا إلى الفرار من القرية، وهو السبب الرئيسي من الهجوم، كي يتسنّى لليهود الاستيلاء على القرية، انقضّ المهاجمون اليهود تسبقهم سيارة مصفّحة على القرية وفوجيء المهاجمون بنيران القرويين التي لم تكن في الحسبان وسقط من اليهود 4 من القتلى و 32 جرحى، ثم طلب بعد ذلك المهاجمون المساعدة من قيادة الهاجاناه الصهيونية في القدس وجاءت التعزيزات، وتمكّن المهاجمون من استعادة جرحاهم وفتح الأعيرة النارية على القرويين دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة، ولم تكتف العناصر اليهودية المسلحة من إراقة الدماء في القرية، بل أخذوا عدداً من القرويين الأحياء بالسيارات واستعرضوهم في شوارع الأحياء اليهودية وسط هتافات اليهود، ثم العودة بالضحايا إلى قرية دير ياسين وتم انتهاك جميع المواثيق والأعراف الدولية حيث جرت أبشع أنواع التعذيب.
بعد مذبحة دير ياسين، استوطن اليهود القرية وفُرغت من أهلها العرب، وفي عام 1980 أعاد اليهود البناء في القرية فوق أنقاض المباني الأصلية وأسموا الشوارع بأسماء مقاتلين الإرجون الذين نفّذوا المذبحة.
ولم يكن لقرية دير ياسين أي شأن في حركة المقاومة يقول أحد المؤرخين: "قرية دير ياسين من القرى الصغيرة على أطراف القدس ولم يكن لها أي شأن في حركة المقاومة ضد اليهود، حتى أن كبراء القرية رفضوا طلب المتطوعين العرب بالاستعانة برجال القرية لمحاربة اليهود، كما منعوهم من استخدام القرية لمهاجمة قاعدة يهودية قربها، فرد المتطوعون العرب بقتل رؤوس الماشية فيها، بل إنها وقعت على اتفاق للالتزام بالسلم وعدم العدوان مع جيرانهم من اليهود، فما الذي كان يلزمهم فعله ليثبتوا لليهود صدق نواياهم في الرغبة بالسلم والأمن؟ كان الحكم في نهاية المطاف يشير إلى أنهم عرب، يعيشون في أرض أرادها اليهود لأنفسهم".