أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن التنمية المستدامة ليست خياراً، بل هي ضرورةٌ وجودية للشعوب العربية، مشددا على ضرورة العمل، بروح المسؤولية والتضامن، لجعل خطة 2030 واقعاً يُعزز كرامة الإنسان العربي، ويحفظ حقوق الأجيال القادمة.
وقال أبو الغيط - في كلمته بالمنتدى العربي للتنمية المستدامة في بيروت اليوم /الاثنين/ والذي يُعقد بالشراكة مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) - "إنه لشرفٌ لنا أن نجتمع تحت سقف واحد لنتشارك الرؤى، ونعزز الجهود، ونُسرع الخطى نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، والتي ننظر إليها كبوصلةً لمسيرتنا الجماعية".
وأضاف أبو الغيط، في الكلمة التي وزعتها الجامعة العربية، أن منطقتنا العربية تمر بمرحلة خطيرة في تاريخها الحديث..فالعدوان الإسرائيلي على غزة تجاوز مرحلة الوحشية والتجرد من الإنسانية إلى الجنون المشبع بأوهام توراتية وخطاب عنصري كريه، والهدف واضح وهو محو القضية الفلسطينية من الوجود، وإخراج الفلسطينيين من الجغرافيا توطئة لضم الأرض من دون سكانها، ويحدث هذا كله والعالم يصمت صمتاً لا يمكن وصفه سوى بالعار، بل ويشارك البعض بتمهيد الطريق لسيناريو التهجير المرفوض قانونياً والساقط أخلاقياً وإنسانياً.
وتابع: "وليست القضية الفلسطينية وحدها مصدر قلقنا، وإن كانت لها المكانة الأولى في قلوبنا وعقولنا..فالمنطقة، وللأسف، تمتلئ ببؤر الصراع وانعدام الاستقرار وهي تواجه تحديات متفاقمة ومعقدة تتراوح بين تغير المناخ وندرة المياه، وصولاً إلى النزاعات المسلحة وأزمات اللاجئين بما لها من تبعات إنسانية واقتصادية".
وذكر أن هذه العوامل كلها كان لها تأثير سلبي واضح على قدرة الحكومات على تحقيق التوازن المنشود بين النمو الاقتصادي، والحفاظ على الموارد الطبيعية، وضمان العدالة الاجتماعية.
واستطرد قائلا: "لكننا، رغم كل ذلك، نرى إرادةً عربيةً صلبة لتحويل التحديات إلى فرص، ولتكريس مفهوم "ألا يترك أحد خلف الركب" كأساس لعملنا المشترك..ولقد قطعنا أشواطاً مهمة في مسيرة التنمية المستدامة، حيث أطلقت العديد من الدول العربية استراتيجيات وطنية مبتكرة لتعزيز الطاقة المتجددة، وتحسين جودة التعليم، وتمكين المرأة، ودعم الاقتصاد الأخضر..ومع ذلك، تبقى الفجوات قائمة، خاصة في مجالات الحد من الفقر، وضمان الأمن الغذائي، وحماية النظم البيئية الهشة".
وأبرز أن المنتدى يذكرنا اليوم بأن الحلول الفعالة تُبنى عبر التعاون الإقليمي، فجامعة الدول العربية تعمل يداً بيد مع منظمات الأمم المتحدة، وخاصةً الإسكوا، لتعزيز التكامل بين السياسات الوطنية والإطار الإقليمي، ولتنسيق المواقف العربية في المحافل الدولية.
وأعرب عن إيمانه بأن الاستثمار في البنية التحتية المشتركة، وتشجيع الابتكار التكنولوجي، وتمكين الشباب، هي ركائز لا غنى عنها لاقتصاداتٍ عربيةٍ مرنة، وقادرة على الصمود، بخاصة في أجواء الاضطراب الاقتصادي وانعدام اليقين التي يشهدها الاقتصاد العالمي اليوم.
ولفت إلى أن الوثيقة الصادرة عن قمة المستقبل 2024 تُعد محاولة جماعية لمعالجة التحديات العالمية والمحلية المتعلقة بالتنمية المستدامة، وحقوق الإنسان، والتغير المناخي، والفجوات الاقتصادية..ومن خلال هذا الإطار الشامل، تسعى الوثيقة إلى تعزيز التعاون الدولي ووضع خارطة طريق للمستقبل تضمن تحقيق أهداف التنمية المستدامة..ولدينا فرصة طيبة للبناء على محاور رؤية 2045 للمنطقة العربية لتتماشى مع ما جاء في هذه الوثيقة.
وتابع أبو الغيط قائلا "إننا نشهد هذا العام مرور 80 عاما على تأسيس جامعة الدول العربية وكذلك الأمم المتحدة، كأقدم منظمتين تم إنشاؤهما ومازالا مستمرين حتى الآن، ولقد نجحت الجامعة العربية في الحفاظ على الهوية والتراث العربي، وعلى المعنى المتجدد للانتماء للعروبة كفكرة منفتحة قادرة على استيعاب العصر..ومازالت الجامعة تمثل ثقلاً محورياً معنوياً وسياسياً..أما الأمم المتحدة فهي المنظمة الحاضنة للجميع والتي تساهم بفاعلية في منظومة العمل الدولي..ونحن نحتاج إلى دورها اليوم أكثر من أي وقت مضى، كصوت يعبر عن الضمير الإنساني، ويعلي من قيمة القانون الدولي والقواعد.. وكإطار ناظم للعلاقات بين الدول على أساس السيادة المتساوية في مقابل منطق القوة الذي ساد العلاقات الدولية زمناً وأدخل العالم في دوامة الحروب المدمرة والصراعات الدموية التي يخرج منها الجميع خاسراً".
وأعرب عن تمنياته بأن تكلل أعمال المنتدى لهذا العام بكل النجاح والتوفيق، وأن يصدر عنه رسائل واضحة وقوية تعكس طموح وآمال الشعوب العربية لمستقبل أفضل مستدام.