أكدت سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى مصر أنجلينا آيخهورست أن الاتحاد سيواصل دعم مصر في مواجهة التحديات الاقتصادية والإقليمية.. منوهة بالدور المحوري لقناة السويس في حركة التجارة العالمية وفي دعم الاقتصاد المصري.
وشددت على أن التعاون مع مصر "استراتيجي وطويل الأمد"، وأن الاتحاد الأوروبي يرى في مصر شريكًا محوريًا في ملفات الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة.
وأعربت السفيرة -في تصريحات للوفد الصحفي المرافق لها خلال زيارتها الرسمية الأولى إلى محافظة الإسماعيلية اليوم /الأربعاء/- عن سعادتها الكبيرة بالتواجد في هذا الموقع الحيوي، مؤكدة أن الوفد المرافق لها ضم سفراء وممثلين عن معظم الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، وأن الزيارة أتاحت للوفد الاطلاع عن قرب على ما تم إنجازه في المنطقة، وما تتمتع به من إمكانيات تنموية كبيرة.
وأضافت أن اللقاءات التي عقدها الوفد الأوروبي مع رئيس الوزراء، ورئيس هيئة قناة السويس، ومحافظ الإسماعيلية كانت مثمرة، وأتاحت مناقشة ملفات التعاون الاستراتيجي، مشيرة إلى أن الشرح الذي قدمه مسؤولو الهيئة عكس حجم التحديات التي تواجهها القناة، وجهود التطوير المستمرة لمواكبة المتغيرات العالمية.
وردا على سؤال لوكالة أنباء الشرق الأوسط.. أشادت السفيرة الأوروبية بالاستقرار الأمني في المنطقة.. وقالت إن مصر تبذل جهودًا كبيرة لضمان أمن الممر الملاحي.. مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي أطلق عملية "أسبيدس" للمساهمة في تأمين الملاحة في البحر الأحمر، وأكدت أن تلك الإجراءات ضرورية لضمان استمرارية حركة التجارة العالمية.
وأوضحت السفيرة أن الاتحاد الأوروبي يرى فرصًا كبيرة لتعزيز التعاون في مجالات السياحة والاستثمار، مؤكدة أن المنطقة تمتلك مقومات تجعلها وجهة سياحية واعدة، وأن هناك تفكيرًا جديًا في إدماجها ضمن البرامج الأوروبية للترويج السياحي والثقافي.
وثمنت عمق العلاقات الاقتصادية بين مصر والاتحاد الأوروبي.. مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول لمصر، وأن العلاقات بين الجانبين تزداد أهمية في ظل المتغيرات الجيوسياسية.
وأكدت أن الاتحاد الأوروبي يسعى لتوسيع نطاق التعاون وتعزيز الاستثمارات المشتركة، لاسيما في المجالات المرتبطة بالتحول الأخضر والرقمنة والطاقة.
وفيما يخص الدعم المالي في إطار الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي، كشفت السفيرة عن وجود مفاوضات جارية بين البرلمان الأوروبي ومجلس الدول الأعضاء لاعتماد حزمة دعم مالي لمصر بقيمة 4 مليارات يورو، مؤكدة أن الإجراءات تسير في المسار الصحيح، وأن هناك رغبة أوروبية واضحة في تعزيز الشراكة الشاملة مع مصر.
وفيما يتعلق بالدعم الأوروبي المقدم لغزة.. أكدت سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى مصر أن الاتحاد الأوروبي أقر حزمة دعم مالية جديدة بقيمة 1.6 مليار يورو لصالح السلطة الفلسطينية، تُنفذ على مدار ثلاث سنوات؛ لتلبية الاحتياجات الأساسية في الضفة الغربية، ودعم جهود الإصلاح المؤسسي وتعزيز الحوكمة في الضفة وغزة.
وقالت السفيرة إن الحزمة الجديدة تم الإعلان عنها رسميًا من قبل الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، خلال اجتماع مجلس الشؤون الخارجية لوزراء خارجية الاتحاد، الذي عُقد يوم الاثنين الماضي، مشيرة إلى أن القرار الذي حظي بإجماع الدول الأعضاء، يعكس التزامًا أوروبيًا واضحًا بدعم استقرار الأراضي الفلسطينية.
وأضافت آيخهورست أن الاتحاد الأوروبي يعمل بشكل وثيق مع السلطة الفلسطينية لدعم مسار الإصلاحات المطلوبة.. مؤكدة أن تحسين الحوكمة وتطوير المؤسسات يعد شرطًا أساسيًا لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني، سواء في غزة أو الضفة الغربية.
وأوضحت السفيرة أن رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى قام بزيارة إلى بروكسل مؤخرًا، وهو ما وصفته بأنه "رسالة سياسية بالغة الأهمية".
كما أشادت في الوقت نفسه بترحيب وزارة الخارجية المصرية بإعلان الحزمة الأوروبية الجديدة، ودورها الداعم للجهود السياسية الرامية إلى تهدئة الأوضاع.
وأكدت السفيرة أن الاتحاد الأوروبي يدعم بشكل كامل الخطة المصرية العربية لإعادة إعمار غزة، مشيرة إلى أن الاتحاد كان من أوائل الأطراف الدولية التي أعلنت تأييدها للخطة، سواء على مستوى رئاسة المجلس الأوروبي أو من خلال مشاركته الفاعلة في الاجتماعات الخاصة بجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
وأوضحت أن الاتحاد يشارك حاليًا في اللجنة الخاصة التي تشكلت لمتابعة تنفيذ المبادرة ، وقد حضر الاتحاد آخر اجتماع لها، الذي عُقد في القاهرة، إضافة إلى مشاركته في اجتماع سابق استضافته إيطاليا.
وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي يشارك، بالتعاون مع السعودية في تحالف دولي لدعم حل الدولتين، ويعمل على تحريك هذا الملف من خلال جهود دبلوماسية مشتركة، أبرزها التنسيق الجاري للتحضير لاجتماع دولي في نيويورك، وسيعقد في يونيو المقبل.
وشددت السفيرة على أن التحرك السياسي بات ضرورة ملحة.. موضحة أن تعدد المبادرات وتكاملها يهدف في الأساس إلى الدفع نحو حل عادل وشامل، يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني ويعيد الاستقرار للمنطقة.
وفى سياق آخر.. أكدت سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى مصر أن الاتحاد لا يتراجع عن التزامه القوي تجاه الأجندة الخضراء، على الرغم من بعض التصورات التي تشير إلى تراجع التركيز الإعلامي والسياسي عليها.. موضحة أن هذا الملف لا يزال على رأس الأولويات الأوروبية، وأن الصناعات الأوروبية وكذلك المصرية باتت متكيفة بالفعل مع متطلبات التحول الأخضر.
وأضافت السفيرة أن الحديث عن البيئة والتحول المستدام لم يعد ترفًا، بل أصبح خيارًا اقتصاديًا أقل تكلفة وأكثر كفاءة.
وأكدت أن مصر تلعب دورًا قياديًا في هذا المجال، وتُعد نموذجًا إقليميًا في مشروعات الطاقة الخضراء منذ استضافتها لقمة المناخ COP27.
وشددت على أن الأجندة البيئية لا تنفصل عن أولويات التنمية والاستثمار.. مضيفة اننا نعلم أن الأمر يتطلب وقتًا، لكن الاتجاه واضح.
وأضافت أنها تناقش أولويات التكتل مع الحكومة المصرية، والبيئة على رأسها.. لافتة إلى أن الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر لن يتوقف، بل يتسارع.
وعن التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر.. أكدت السفيرة أن الاتحاد الأوروبي يتفهم صعوبة المرحلة، ويُقدّر الإجراءات الجريئة التي تتخذها الحكومة المصرية بدعم من صندوق النقد الدولي ومؤسسات التمويل الدولية.. مؤكدة أن الإصلاحات الهيكلية التي تُنفذ حاليًا ضرورية ولا بديل عنها لضمان الاستقرار الاقتصادي وتحفيز الاستثمار الأجنبي.
وقالت إن الحكومة المصرية تتحرك في الاتجاه الصحيح، ونحن ندعم هذا المسار بشدة.. مشيرة إلى وجود عمل حقيقي يتم على الأرض لتحقيق الاستقرار الكلي وجذب الاستثمارات، ليس فقط من أوروبا، بل من العالم أجمع.
وحول آفاق الاستثمار الأوروبي في مصر.. أوضحت السفيرة الأوروبية أن الفرص لا تقتصر على قطاع السياحة فقط، بل تمتد إلى قطاعات استراتيجية من بينها الطاقة المتجددة، والصناعات التحويلية، والتكنولوجيا الرقمية، والزراعة، والصناعات الدوائية.. مؤكدة أن مصر باتت مركزًا إقليميًا للاستثمار في مجالات الطاقة الخضراء والكهرباء.
وأشارت إلى وجود رغبة أوروبية واضحة في دعم مصر كمركز للتصنيع والإنتاج الصناعي، خاصة مع توافر العمالة الماهرة في العديد من القطاعات. مضيفة أن عدداً من السفراء الأوروبيين الذين رافقوها اليوم خلال جولتها بالإسماعيلية عبّروا عن اهتمامهم الواضح بالاستثمار في الإنتاج الصناعي المصري.
وأضافت أننا نعمل على توفير بيئة استثمارية جاذبة من خلال تقديم الضمانات بالتعاون مع بنوك الاستثمار الأوروبية، خاصة في مشروعات البنية التحتية وشبكات الكهرباء والطاقة المتجددة.. مشيرة إلى أن مصر تطمح إلى مزيج متوازن بين مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة، ونحن ندعم ذلك بالكامل.
وفيما يخص التجارة العالمية.. أكدت السفيرة أهمية الحوار لحل أي خلافات تجارية، لافتة إلى أن الاتحاد الأوروبي يفضل دائمًا الحلول التفاوضية بشأن قضايا الرسوم الجمركية، ويعمل على تقييم تأثيراتها المحتملة بالتنسيق مع شركائه حول العالم.