قال الدكتور أحمد مصطفى، أستاذ إدارة الأعمال والخبير الاقتصادي، إن قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة بواقع 225 نقطة أساس خلال اجتماعها مساء اليوم الخميس، كان متوقعاً، وسيكون له أثر إيجابي على الاقتصاد المصري.
وأوضح مصطفى، في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال"، أن البنك المركزي خفض سعر الفائدة على الإيداع إلى 25%، والإقراض إلى 26%، وسعر العملية الرئيسية والائتمان والخصم إلى 25.5%، في خطوة تعبر عن بداية مرحلة "دورة التيسير النقدي" بعد أكثر من أربع سنوات من التشدد النقدي الذي فرضه البنك لكبح التضخم الذي بلغ مستويات تاريخية في ظل الأزمات العالمية المتلاحقة منذ جائحة كورونا.
وأشار إلى أن التوقعات كانت تدور حول خفض يتراوح بين 2% و3%، وهو ما تحقق بالفعل، رغم بعض التخوفات المرتبطة بارتفاع معدلات التضخم مجدداً في مارس الماضي بنسبة 1.5% مقارنة بشهر فبراير، فضلاً عن الضغوط التضخمية الناتجة عن ارتفاع أسعار الوقود مؤخراً وتأثير التعريفات الجمركية التي فرضتها الإدارة الأمريكية على التجارة العالمية.
وأكد الخبير الاقتصادي أن خفض الفائدة رغم ارتفاع التضخم إلى 13.6% بنهاية مارس يعزز من استمرار الفائدة الحقيقية في مستويات مرتفعة نسبياً (تقترب من 14%)، ما يدعم جاذبية أدوات الدين الحكومية للمستثمرين الأجانب، ويحد من مخاطر خروج الأموال الساخنة من السوق المصري، خاصة في ظل استقرار سعر الصرف واتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي على برنامج إصلاحي يركز على دعم صافي الأصول الأجنبية.
وأوضح مصطفى أن قيمة استثمارات الأجانب وصناديق الاستثمار المحلية في أدوات الدين المحلية بلغت نحو 38 مليار دولار، مشيراً إلى أن البنك المركزي تعامل بذكاء مع طلبات المستثمرين برفع الفائدة إلى 32% عبر تأجيل طروحات أدوات الدين، وهو ما عكس بوضوح توجهه نحو بدء خفض الفائدة تدريجياً.
وأضاف أن مقارنة الفائدة الحقيقية في مصر مع دول مثل تركيا وجنوب أفريقيا تُظهر أن مصر ما تزال ضمن أكثر الأسواق جذباً للمستثمرين، حيث سجلت الفائدة الحقيقية في تركيا 3.45% فقط، وفي جنوب أفريقيا نحو 3.9%، مقارنة بنحو 14% في مصر، ما يدعم استقرار الاستثمار في أدوات الدين المصري رغم خفض الفائدة.
وشدد مصطفى على أن استمرار معدلات الفائدة المرتفعة كان سيزيد من عبء خدمة الدين الحكومي، التي تلتهم أكثر من 30% من موازنة الدولة، ويؤثر سلباً على فرص تحفيز النمو الاقتصادي، لذلك فإن التوجه التدريجي لخفض الفائدة مع الحفاظ على استقرار سعر الصرف هو الخيار الأنسب لدعم الاستثمار وتعزيز الثقة في السياسات النقدية المصرية.
وأشار إلى أن البنك المركزي يوازن حالياً بين هدف خفض التضخم إلى مستهدفاته الرسمية عند 7% ± 2% بحلول 2026، وبين تحفيز النشاط الاقتصادي، متوقعاً أن تشهد أسعار الفائدة مزيداً من الخفض في الاجتماعات المقبلة بشرط عدم تفاقم الضغوط التضخمية الناتجة عن الأوضاع العالمية المضطربة، أو اضطرابات في أسواق السلع والنفط والكهرباء.