انتشرت عمليات التجميل في الفترة الأخيرة، بشكل كبير بين الفتيات والنساء، لدرجة دفعت العديد منهن للجوء لأبواب عيادات وصالونات تجميل غير مرخصة، معرضات أنفسهن لمخاطر صحية ونفسية جسيمة، ولذلك نستعرض في السطور التالية مع استشارية، الأثر النفسي العميق الكامن خلف هذا الاندفاع نحو الجمال المثالي، وكيف أصبح ذلك الأمر سمة مقبولة لدى الكثيرات.
ومن جهتها قالت الدكتورة إيمان عبد الله، استشارية علاج نفسي أسري، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذا الاتجاه المتزايد نحو عمليات التجميل، يمثل خطرا كبيراً، خاصة في ظل غياب الرقابة والوعي، مؤكدة أن ما يحدث الآن يتجاوز الرغبة في تحسين المظهر، بل يصل لاضطراب نفسي بحاجة إلى وقفة وتأمل ومعالجة جذرية، حيث أن الجمال لم يعد كما كان، قائمًا على الروح الطيبة أو الشخصية المتزنة أو العلاقات الودية، بل أصبح مرهونًا بعدد من المعايير الجديدة، منها مدى التشابه مع نجمات " الترند" أو قدرة الفتاة على لفت الأنظار عبر نفخ الشفاه أو شد الوجه أو رفع الحواجب، بالرغم من أنهن مازلن في مقتبل العمر ويتمتعن بجمالهن الطبيعي.
وأضافت استشارية العلاج النفسي، أن هذا التوجه يعكس ضعفًا واضحًا في تقدير الذات، حيث لم تعد الفتاة أو المرأة قادرة على تقبل أي تغيير بسيط في شكلها، سواء تجاعيد طبيعية أو ملامح طفيفة، مشيرة إلى أن هناك من تكرر عمليات الحقن لأنها لا تشعر بالرضا مهما تغير شكلها، فتدخل في دائرة لا تنتهي من التعديلات الشكلية، دون النظر لخطورة بعض العيادات والمراكز غير المرخصة، التي تستخدم مواد سامة للحصول على ربح أكبر.
وأكملت، أن هناك بعض النساء فقدن حياتهن بالفعل أثناء عمليات تجميلية غير ضرورية، فقط لمجاراة الصورة النموذجية التي تروج لها منصات التواصل الاجتماعي، وفلاتر التصوير المزيفة، وبعض صور المشاهير والفنانين، حيث أصبح الهوس بالكمال الجسدي، يجعل الكثيرات يذهبن إلى الأطباء وهن حاملات لصور نجمات، يردن أن يصبحن نسخة منهن، وهو ما يكشف عن اضطراب في الصورة الذاتية، وخلل في الإدراك النفسي، أو التعرض لمشاكل مثل التنمر أو الطلاق أو تأخر الزواج، واحتياج عاطفي غير مشبع تحاول المرأة تعويضه بالمظهر الخارجي، لتثبت أنها ما زالت مرغوبة وجميلة.
وحذرت، من التقليد الأعمى واللجوء لعمليات التجميل، لأنها قد تسيء إلى شكل المرأة بدلًا من تحسينه، كما نوهت أن هناك تأثيرًا تسويقيًا ضخمًا تمارسه بعض حسابات التواصل الاجتماعي، وعدد من الأطباء أنفسهم، الذين لا يتوقفون عن الترويج لعملياتهم ونتائج قبل وبعد، مما يغذي اللاوعي عند النساء، ويملئه بمشاعر النقص والحاجة للتعديل المستمر، وكأنهن مجرد مشروع تجاري قابل للتطوير والتعديل.
واختتمت مؤكدة، أن التجميل في الأصل خلق لعلاج الحالات الخاصة، كالتشوهات الناتجة عن الحوادث أو الحروق، وليس لتغيير أصل الشكل، بهدف التشبه بأحد أو إخفاء علامات الزمن، وعلى كل فتاة أو امرأة تفكر في ذلك الاجراء، أن تسأل نفسها، هل هذا التغيير نابع من احتياج حقيقي؟ أم نتيجة لهروب من واقع داخلي مؤلم؟ هل التغيير الخارجي سيحل الأزمة أم سيجعلها تدخل في دوامة لا تنتهي من الجراحات؟، لأن الجمال الحقيقي لا يقاس بشكل الشفاه أو استقامة الأنف، بل بالرضا النفسي والثقة، ولذلك لا تجعلي من التجميل مخرجًا للهروب من جراح عاطفية أو صدمات حياتية، وتجنبي المقارنات الضارة ولا تقيسي نفسك على معايير الآخرين أو صور النجمات المعدلة، واختاري الحلول الآمنة والطبيعية مثل الرياضة، التغذية الجيدة، والنوم الكافي والعناية بالذات.