الأستاذ والفنان ومن قبل هذا أو ذاك الإنسان أبو طالب، هذه الكلمات ليست رثاء بل تخليد لذكرى رجل عظيم، لم تعاصره أجيال كثيرة، لكنه ترك بصماته في كل زاوية من زوايا مؤسستنا.
الأستاذ محمد أبوطالب، المستشار الفني للمؤسسة، كان رائدا في تطوير أقسام السكرتارية التنفيذية، ورفع مستواها إلى أعلى درجات الاحتراف، ساهم في إدخال برامج الإخراج الحديثة والتدريب عليها، وقام بفصل الأقسام المجمعة إلى أقسام متخصصة لكل مطبوعة، حتى أصبحت كل واحدة لها شخصيتها الفنية المميزة.
هذا ليس سردا لسيرته الذاتية، بل شهادة حية على أن كل مطبوعة داخل المؤسسة بل وخارجها كان له يد في تصميم ماكيتها وتطويرها.
ستظل أغلفته ولوحاته بصمات خالدة وشهادات حية على ما قدمه، الأعداد الخاصة لأغلب المطبوعات كانت من صنعه، ولا يمكنني حصر تاريخ هذه الأسطورة في الإخراج الفني الرقمي، لكنني أتحدث عن المرحلة التي عاصرته فيها، حيث كان أستاذي ووالدي الروحي، ومنه تعلمت أولى خطوات العمل الصحفي.
كان يؤمن بدمج التحرير بالإخراج، فوحد صفوف الفريقين، حتى أصبح رؤساء التحرير يتابعون ويشاركون في الإخراج، ويضعون لمسات فنية تضيف للموضوعات بعدا جمالياً، وكل ذلك بأسلوبه السهل الممتنع.
كلماته وحواراته معي كانت دافعا دائما لأن أتعلم وأسعى لتقديم الأفضل في كل عمل.
لم يقتصر دوره على المؤسسة فقط، بل امتد أثره إلى خارج مصر، كانت بساطته في الإخراج، واعتماده على الدراسة والموهبة، مزيجا نادرا يصعب تكراره.
ويكمل مسيرة الحب نجله الفنان أحمد أبو طالب هذه المسيرة بإصرار وحب، تعرفت على أستاذنا أبو طالب داخل دار الهلال ومنذ اللحظة الأولى لم يكن مجرد أستاذ أو زميل بل كان صديقا رغم فارق العمر والخبرة.
عملنا سويا كفريق وكان معنا الأستاذ محمد العيسوي رحمة الله عليه، أستاذ الخط العربي، كانت أولى مشاركاتنا في رمضان عام 1998 حين كنا نراجع مجلة "الهلال" تحت رئاسة تحرير الأستاذ مصطفى نبيل في أحد الأيام، نظر إلي مبتسما وسألتي: "إنت مش بتروح؟".
كان أول من دعمني في مشواري المهني، وساهم في تعييني ودخولي نقابة الصحفيين، رحم الله أستاذ محمد أبو طالب أبو الفنون ستبقى خالدا في قلوبنا، وحيا فيما تركت من أثر وعطاء.