قال الكاتب والناقد هاني منسي إنّ قراءة قصص المجموعة القصصية "ليالي الطين" تكشف عن طيف واسع من التيمات الإنسانية والاجتماعية، مشيرًا إلى أنّ أكثر ما يستوقف القارئ هو الحضور العميق للطين والأرض، لا كخلفية مادية للأحداث، بل كعنصر بنيوي في النسيج السردي، يحكم العلاقات ويؤسس للزمن.
وخلال مناقشة المجموعة القصصية في منتدى المستقبل للفكر والإبداع، المقام بمكتبة خالد محيي الدين في حزب التجمع الوطني، وبمشاركة الدكتور يسري عبدالله، والكاتب والناقد أحمد الفيتوري، أضاف منسي، أنّ الأرض/الطين، وعلى مدار أربع عشرة قصة قصيرة، تتجلى كصورة للشقاء الأزلي، عبر صور مختلفة للمعاناة والألم في الوجود الإنساني، ضمن سردية قصصية يغلب عليها الطابع التقريري أكثر من الإحالة، وبلغة سلسة وبسيطة تحترم شخصياتها المأزومة والمكلومة.
وأوضح أن عنوان "ليالي الطين" يحمل في ذاته شحنة إيحائية ثقيلة تستدعي طقوس الحزن الشعبي في الثقافة المصرية، حيث يتحوّل الطين – وهو قوام الأرض وجوهر الخلق – إلى مادة للحِداد واللوعة.
وأشار إلى أن الموروث الشعبي يوثق لممارسات مثل رمي الطين على الرأس في الجنائز، وشق الجلابية، وتمرغ النسوة في التراب، كتعبير عن أقصى درجات الحزن لفقد عزيز، مؤكدًا أن هذه الممارسات تُجسد استغراق الجسد في الطين كعلامة على الانكسار، وتماهٍ شعوري مع الأرض بوصفها حضن الموت.
واختتم منسي قوله بأن ياسر الغبيري ينطلق من هذه الصورة المشهدية ليبني عالمه القصصي، حيث لا يكون الطين مجرد خلفية، بل كناية مضمرِة عن الألم، والحياة المثقلة بالخسارات، والسعي في الوحل بلا جدوى.