يتوجّه رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس أنطوان تشيسيكيدي، غدًا الخميس، إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، لوضع اللمسات الأخيرة على الشراكة الاستراتيجية بين جمهورية الكونغو الديمقراطية والولايات المتحدة الأمريكية، والتي تُقدَّر قيمتها بنحو 500 مليار دولار من الاستثمارات الممتدة على مدى خمسة عشر عامًا، في مبادرة وُصفت بأنها ستُعيد رسم الخريطة الاقتصادية والجيوسياسية للبلاد.
ووفقًا لبيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون أفريقيا، فإن هذه الاتفاقية، التي وُصفت بـ"صفقة القرن"، تمثّل خطوة كبيرة إلى الأمام في العلاقات بين واشنطن وكنشاسا، وتهدف إلى إحداث تحوّل مستدام في البنية التحتية لجمهورية الكونغو الديمقراطية.
وتشمل أبرز أولويات الاتفاق تطوير الطرق، وبناء المستشفيات، وتحديث شبكات الطاقة، وإطلاق منصات رقمية حديثة. ووفقًا لتقديرات أولية صادرة عن معهد بروكينجز وصندوق النقد الدولي، يُتوقّع أن تُوفّر الخطة أكثر من 3 ملايين وظيفة مباشرة وغير مباشرة خلال السنوات الخمس الأولى، مع تحقيق نمو بنسبة 2.5% في الناتج المحلي الإجمالي الوطني بحلول عام 2027.
وعلى الصعيد الأمني، ينتقل التعاون الثنائي إلى مرحلة جديدة، حيث تعتزم الولايات المتحدة دعم جهود الاستقرار في شرق الكونغو، وهي منطقة تعاني من انعدام الأمن المزمن. ومن المقرر تخصيص ميزانية خاصة لتدريب القوات المسلحة الكونغولية، وتوفير المعدات العسكرية، وإصلاح النظام القضائي المرتبط بالنزاعات. ووفقًا لمصدر دبلوماسي في كينشاسا، فإن الهدف هو تقليص أنشطة الجماعات المسلحة بنسبة 40% بحلول عام 2028.
ويُعد قطاع التعدين محورًا رئيسيًا في الاتفاق، حيث سيتم استخراج الكوبالت والنحاس والليثيوم – وهي موارد أساسية في الصناعات الخضراء – وفق معايير شفافية صارمة. وتنص آلية تقاسم المنافع على حصول الكونغو الديمقراطية على أكثر من 55% من العائدات، مقارنةً بمتوسط إقليمي لا يتجاوز 35%، بحسب تقرير البنك الدولي الأخير حول الصناعات الاستخراجية في أفريقيا.
كما يتضمن الاتفاق نقلًا موسعًا للتكنولوجيا، لاسيما في مجالات الطاقة الشمسية، والهيدروجين الأخضر، ومعالجة المواد الخام، حيث يعتزم معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) دعم إنشاء مراكز تدريب تقني في كل من كينشاسا ولوبومباشي، مع تشغيل أول فرع بحلول ديسمبر 2026.
وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود أوسع لتحقيق الاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، لا سيما في ظل توقيع "إعلان المبادئ" الأخير بين كينشاسا وكيغالي برعاية أمريكية، والذي يُعَد مؤشّرًا على إمكانية حدوث انفراج إقليمي، بشرط ترجمة الالتزامات إلى إجراءات ملموسة على أرض الواقع.