بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن اعتزامه "إنهاء كابوس التضخم"، تواجه كبرى الشركات الأمريكية معضلة جوهرية؛ هل تتحمل زيادة التكاليف الناتجة عن الرسوم الجمركية وتؤثر بذلك على أرباحها ومستثمريها؟ أم تتفادى ارتفاع التكاليف بزيادة الأسعار ما قد يثير غضب المستهلكين؟ أم هل تكشف الحقيقة للمستهلكين، وتخاطر بغضب ترامب؟
ورغم رؤية ترامب لإنهاء التضخم، إلا أن سياساته الاقتصادية وأبرزها فرض رسوم جمركية باهظة على أكثر من 100 دولة، كانت سببا في تخبط أسواق المال وإرباك سلاسل الإمداد العالمية، وهو ما دفع كبار المسؤولين في الشركات الأمريكية إلى ترقب عكس ما وعد به ترامب، لتتكشف رؤية متباينة للمستقبل تتضح أكثر مع تزايد عدم اليقين التجاري في العالم، بحسب صحفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وحذرت الشركات منذ أسابيع أن الرسوم الجمركية قد تعصف بسلاسل الإمداد، وتدفعها إلى إعادة تقييم توقعاتها المالية ورفع الأسعار، ومع ذلك فإن الشركات مازالت تدرس توجهها، فإذا أصبحت شفافة مع المستهلكين حول أسباب زيادة الأسعار، فإن ذلك قد يضعها في موقف شركة "أمازون" الأمريكية، التي خاطرت بغضب ترامب، أمس الثلاثاء.
وكان ترامب قد اتصل، الثلاثاء، بالمدير التنفيذي لأمازون جيف بيزوس، لإبداء غضبه من تقرير إعلامي أشار إلى أن عملاق التجزئة كان يعتزم توضيح كيف تساهم الرسوم الجمركية في زيادة الأسعار، وذكرت "أمازون" أنها نفت هذه الخطوة التي كانت ستوضح الآثار الحقيقية لسياسة التجارة التي يتبعها ترامب ، والتي تؤثر بالفعل على عمالقة التجارة الإلكترونية الصينية مثل "تيمو" و"شين".
وقالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، في مؤتمر صحفي، الثلاثاء، إن أمازون "عدائية وسياسية"، فيما ردت أمازون بأنها درست هذه الخطوة لكنها قررت عدم تنفيذها، وأكدت أنها لم تفكر في تطبيقها بالولايات المتحدة.
ومن جانبه، قال بول دونوفان، كبير الاقتصاديين في "يو بي إس جلوبال ويلث مانجمنت" لإدارة الأصول، إن إخفاء الشفافية في الأسعار قد ينقلب ضد ترامب، مضيفا أنه بدون معلومات واضحة حول الأسعار، قد يجادل الديمقراطيون والمستقلون بأن جميع زيادات الأسعار، بما في ذلك تلك التي ليست مرتبطة بالرسوم الجمركية، هي مسؤولية ترامب.
لكن من الناحية الاقتصادية، قد تمنح الرسوم الجمركية الشركات الفرصة لرفع الأسعار بشكل يتجاوز التكاليف التي تتحملها نتيجة الرسوم، ورأى دونوفان: "إذا كان هناك عداء من قبل الإدارة في تحديد تأثير الرسوم الجمركية على الأسعار، فإننا نخاطر بظهور آثار التضخم في الدورة الثانية".