في الأول من مايو من كل عام، يحتفي العالم بعيد العمال، وهو اليوم الذي يعد مناسبة سنوية لتكريم الجهود الجبارة التي يبذلها العمال في بناء المجتمعات وصناعة مستقبلها، حيث كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن إجمالي عدد المشتغلين في مصر بلغ نحو 29.928 مليون شخص، بينهم 21.748 مليون مشتغل بأجر، وبلغت نسبة العاملين بشكل دائم 64.8%.
وأكد الخبراء خلال حديثهم لبوابة "دار الهلال"، أن الاستثمار في العامل المصري، معرفيًا وصحيًا وحقوقيًا، هو مفتاح التنمية الحقيقية، مشددين على أن عيد العمال يجب أن يكون محطة سنوية لتقييم السياسات العمالية ومراجعة التشريعات وتحسين بيئة العمل، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030.
وفي هذا الإطار قال الباحث الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، محمد محمود عبد الرحيم، إن العامل المصري أثبت كفاءته وقدرته على المساهمة في النهضة الاقتصادية، لكن يبقى التحدي الأكبر في توفير بيئة تحفّزه على الإنتاج والإبداع.
وأضاف عبد الرحيم في تصريحاته لبوابة "دار الهلال"، أن النهضة الاقتصادية لا تُبنى إلا بسواعد العمال، وتثبيت الحقوق القانونية هو أولى الخطوات لضمان استقرارهم المهني والنفسي".
وأشاد عبد الرحيم بإقرار قانون العمل الجديد، مؤكدًا أنه يمثل تحولًا جوهريًا في بيئة العمل، إذ ألغى استمارة (6) المثيرة للجدل، وألزم بتحويل العقود المؤقتة إلى دائمة، وهو ما يعزز شعور العامل بالأمان ويزيد من إنتاجيته.
وأشار إلى أن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 7000 جنيه اعتبارًا من مارس 2025، يعكس استجابة الدولة لمتغيرات السوق والتضخم، مؤكدًا ضرورة ربط هذه الزيادات بمعدلات الأسعار للحفاظ على القوة الشرائية للعامل.

فيما أكد الدكتور أحمد مصطفى، أستاذ إدارة الأعمال والخبير الاقتصادي، أن الدولة المصرية وضعت ملف العمال على رأس أولوياتها ضمن الأجندة الوطنية للتنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن ما تحقق في السنوات الأخيرة من إجراءات حمائية وتشريعية يعكس إرادة سياسية جادة لتمكين العامل المصري.
وقال مصطفى في تصريحاته لـ"دار الهلال"، إن تحسين بيئة العمل، ورفع الحد الأدنى للأجور، وتعزيز الحماية الاجتماعية، ليست مجرد شعارات بل خطوات فعلية ظهرت في تطبيق معايير السلامة المهنية وتطوير منظومة التدريب الفني.
ونوّه مصطفى إلى أن جهود الدولة في مجال المشروعات القومية الكبرى، ساهمت في توفير ملايين فرص العمل، مشيرًا إلى أن معدل البطالة انخفض إلى 6.4% في نهاية 2024، وهو الأدنى منذ أكثر من 30 عامًا.
واعتبر أن مشروع "الدلتا الجديدة"، والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومبادرات مثل "جمعيتي"، تمثل روافد حيوية لتوليد وظائف مستدامة، خاصة للشباب.

تحسين تدريجي في ظروف العمل ومستويات الأجور
وسلّط بيان الجهاز المركزي للإحصاء الضوء على تطور متوسط ساعات العمل، الذي بلغ 45.4 ساعة أسبوعيًا، مع تسجيل أعلى المعدلات في قطاعات خدمات الغذاء والتجارة وخدمات الدعم، فيما ارتفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص من 2400 جنيه في 2022 إلى 7000 جنيه في 2025، في تطور غير مسبوق.