أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الاثنين، أن الدولة ستخصص، في إطار الخطة الاستثمارية "فرنسا 2030"، 100 مليون يورو إضافية لجذب الباحثين الأجانب وتشجعيهم على القدوم إلى فرنسا.
واختتم الرئيس الفرنسي فعاليات مؤتمر "اختر أوروبا من أجل العلم"، والذي عُقد اليوم في جامعة السوربون العريقة في باريس، وأطلق خلاله مبادرة غير مسبوقة تهدف إلى تشجيع الباحثين ورواد الأعمال من القطاعين العام والخاص من جميع أنحاء العالم على اختيار أوروبا وفرنسا كوجهة للقيام بعملهم العلمي ومواصلة أبحاثهم.
وأمام رؤساء وممثلي الجامعات الأوروبية والمفوضين الأوروبيين ووزراء البحث العلمي، أعلن ماكرون أن الدولة ستستثمر 100 مليون يورو "إضافية" لجذب الباحثين الأجانب إلى فرنسا.
وسيتم تمويل الـ100 مليون يورو الإضافية من احتياطي خطة فرنسا الاستثمارية "فرنسا 2030"، حسبما أوضح قصر الإليزيه.
وقال ماكرون : "دعونا نعتز بالعلم الحر"، منددا بأي "إملاءات" تتمثل في القول بأن حكومة ما يمكنها أن تقول "يُحظر إجراء أبحاث حول هذا الموضوع أو ذاك"، سواء كان الأمر يتعلق بصحة المرأة أو المناخ، وذلك في وقت تواجه فيه الجامعات ومعاهد البحوث في الولايات المتحدة ضغوطا سياسية ومالية متزايدة خلال ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحالية، بما في ذلك تهديدات بخفض كبير للتمويل الفيدرالي. وأضاف ماكرون "بدون العلم الحر فإننا نخسر".
وفي الوقت الذي تقوم فيه الولايات المتحدة بخفض التمويل المخصص للعلوم، أكد ماكرون أن "أوروبا يجب أن تصبح ملجأ"، وقال "في مواجهة التهديدات، يجب أن تصبح أوروبا ملجأ"، ويهدف ماكرون من هذه المبادرة إلى "السماح للباحثين من جميع أنحاء العالم الذين يؤمنون بهذا العلم الحر، بالقدوم إلى أوروبا والعمل وإجراء الأبحاث والدراسات هناك، هم وأسرهم بحرية كاملة".
وأضاف أنه من أجل جذب الباحثين إلى فرنسا وأوروبا، "يتعين علينا أن نكون قادرين على المنافسة".
وفي منتصف أبريل الماضي، أطلقت الحكومة الفرنسية منصة "اختر فرنسا للعلوم". وأكد الرئيس الفرنسي أن المبادرة نجحت بالفعل في استقبال أكثر
من 30 ألف اتصال، ثلثها من الولايات المتحدة.
وأعرب ماكرون أيضا عن دعمه "للمقترحات"، بما في ذلك التشريعية، التي تهدف إلى حماية اللاجئين العلميين بشكل أفضل، في إشارة واضحة إلى مشروع القانون الذي قدمه الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولاند في الجمعية الوطنية (مجلس النواب الفرنسي).
كما دعا إلى "الاستثمار بشكل مكثف" في نحو عشر مجالات من بينها الصحة، والفضاء، والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والطاقة النووية، والمناخ، وأيضا مكافحة التضليل الإعلامي.
حضر المؤتمر عدد كبير من الرواد في مجال البحث على المستوى الأوروبي، ورؤساء الجامعات، ورؤساء معاهد البحوث والشركات، فضلا عن عدد من المسؤولين السياسيين، وذلك بهدف تعزيز عوامل الجذب في أوروبا في مجال البحث العلمي ومواصلة استقطاب أفضل المواهب.
وافتتحت وزيرة التعليم والتربية الوطنية الفرنسية إليزابيث بورن، فعاليات المؤتمر، ثم عُقدت مائدة مستديرة حول موضوع الحريات الأكاديمية والمساهمة في البحث في مجال الممتلكات العامة العالمية في أوروبا، بحضور مجموعة من الباحثين من الولايات المتحدة ومن فرنسا.
ث م عُقدت مائدة مستديرة أخرى حول مكافحة التبعية الأوروبية في مجال البحث العلمي، بحضور باحثين من كندا والمملكة المتحدة وفرنسا.
يأتي هذا المؤتمر بعد دعوة الرئيس الفرنسي للباحثين الأجانب، ولاسيما الأمريكيين المتضررين من سياسات إدارة الرئيس ترامب تجاه عدد من الجامعات الأمريكية، إلى العمل في فرنسا، في خطوة تهدف إلى جذب العقول العلمية من جميع أنحاء العالم.
ومنذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تواجه جامعات أمريكية تهديدات بخفض تمويلها الفيدرالي؛ ما أدى إلى إغلاق برامج أبحاث، إضافة إلى شعور الأكاديميين والباحثين بالخوف على مستقبلهم، لذلك يفكر عدد متزايد من الباحثين في مغادرة البلاد التي كانت تعتبر حتى الآن جنة بحثية في العديد من المجالات.
في هذا السياق، دعا ماكرون الباحثين الأجانب إلى العمل في فرنسا، وقال في منشور على منصة "إكس" : "هنا في فرنسا، البحث أولوية والابتكار ثقافة والعلم أفق لا حدود له".
واستجابة لمبادرة ماكرون، أطلقت الحكومة الفرنسية منصة بعنوان "اختر فرنسا للعلوم"، وقدمتها على أنها خطوة أولى تهدف إلى التحضير لاستقبال الباحثين الأجانب، ولاسيما الأمريكيين، بعد قرارات الرئيس ترامب بخفض أو تعليق المساعدات المالية عن عدد من مراكز الأبحاث والجامعات الأمريكية.
كما طلب فيليب بابتيست الوزير المكلف بالتعليم العالي والبحث في فرنسا، من الجامعات في بداية شهر مارس الماضي، النظر في سبل استيعاب هؤلاء الباحثين، وقال في بيان صحفي إن فرنسا تعتزم أن تكون موطنا لاستقبال من يرغب في مواصلة عمله في أوروبا، بالاعتماد على النظام البيئي والبنية الأساسية للبحث في البلاد. وتماشيا مع هذه المبادرات، عُقد مؤتمر اليوم من أجل تشجيع الباحثين الأجانب على اختيار أوروبا وفرنسا كوجهة للقيام بعملهم ومواصلة أبحاثهم.