زار قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، والوفد المرافق لقداسته، متحف الكتب والسفر "أدليجات" في العاصمة الصربية بلجراد.
وكان في استقبال البابا تواضروس، فيكتور لازيتش مدير المتحف، كما رافقه السفير باسل صلاح سفير مصر في صربيا.. كما افتتح قداسة البابا معرضًا تم تجهيزه بمناسبة زيارته لصربيا بصفته أول بطريرك قبطي يزور البلاد، ويقام تحت عنوان "الأديرة القبطية والأقباط في المطبوعات التاريخية الصربية"، ويحوي مقتنيات نادرة توثق التراث القبطي في صربيا ضمن مجموعات المتحف، موزعة على 19 غرفة تمثل ثقافات مختلفة حول العالم، بينها مصر وإثيوبيا.
وأعرب البابا تواضروس عن سعادته بالزيارة، قائلا: "أنا سعيد أن أكون معكم اليوم في متحف الكتب والسفر، جئت إليكم من أرض مصر، أرض الفراعنة التي حملت الحضارات عبر العصور، فمصر وطن عريق تعاقبت عليه حضارات متعددة؛ من الحضارة الفرعونية إلى القبطية، ثم الإسلامية والعربية، وصولاً إلى الحضارة الإفريقية وحضارات البحر الأبيض المتوسط والحضارة اليونانية الإغريقية، وهو ما صنع من مصر بوتقة غنية بالوحدة والتنوع في آن واحد".
وأضاف: "هذه الحضارات جميعها جعلت مصر غنية بتراثها وثقافتها، وأيضًا من أرض مصر التي تأسست على أرضها كنيستنا القبطية منذ القرن الأول الميلادي على يد القديس مارمرقس الرسول، وحافظت على تراثها، واللغة القبطية والموسيقى والأديرة التي مازالت قائمة حتى اليوم شاهدة على إيمان الأجيال".
وقدم البابا تواضروس لمحة عن تاريخ الكنيسة القبطية، الذي بدأ إثر كرازة القديس مرقس الرسول في الإسكندرية، وفكرة الرهبنة التي بدأت على يد القديس الأنبا أنطونيوس الذي صار أبًا للرهبان في العالم كله.. كما ألقى الضوء على رحلة العائلة المقدسة إلى أرض مصر، وما تركته هذه الزيارة من بركة عميقة وجعلت لمصر مكانة روحية خاصة، منوها بأن الكنيسة القبطية اليوم تخدم أبناءها في جميع قارات العالم.
وتابع: "أدعوكم جميعا لزيارة مصر، فمصر متحف مفتوح يحمل تراثًا فريدًا من المعابد والآثار والأديرة والمكتبات، يجمع بين الحضارة القديمة والروح المسيحية العريقة".
ومن جهته، أعرب مدير المتحف فيكتور لازيتش عن سعادته بزيارة قداسة البابا والوفد المرافق، واصفًا المتحف بأنه "الخزينة الروحانية" الصربية والعالمية، موضحا أن متحف الأدب الصربي التابع لجمعية "أدليجات" للثقافة والفنون والتعاون الدولي يضم أكثر من مليوني كتاب، و200 ألف قطعة نادرة، بالإضافة إلى مجموعات كبيرة من الطوابع والعملات.
وقال: "لقد جمعت عائلتي هذه الكنوز على مدى تسعة أجيال، افتتحها جدي لاستخدام العامة، والآن تواصل عائلتي هذه المسيرة بالتعاون مع 220 عضوًا و121 وصية لكتاب وأساتذة وفنانين ومثقفين.. واليوم نسافر معًا عبر الزمان والمكان إلى أرض الفراعنة والأهرامات والتراث الروحي الغني لمصر، هذه الحضارة القديمة على ضفاف نهر النيل أبهرت العالم بثقافتها وفنونها وتاريخها.. وسنولي اليوم اهتمامًا خاصًا للأقباط، أحفاد المصريين الأوائل، الذين يمثلون الخيط الحي لاستمرارية هذا البلد".
وأضاف: أن "حضور قداسة البابا اليوم هو بركة عظيمة، خاصة وأن القديس جاورجيوس، شفيع عائلتنا ومتحفنا، هو ذاته شفيع الكنيسة المعلقة بالقاهرة التي زرتها مرتين"، موجها الشكر لبابا تواضروس على زيارته، مؤكدا تقديره لدور الأقباط في الحفاظ على هوية مصر واستمراريتها.
وخلال الزيارة، أهدى البابا تواضروس، المتحف مجموعة من الكتب القبطية باللغة العربية والإنجليزية، معربا عن سعادته بانضمامها إلى مقتنيات المتحف، كما اطلع على مجموعة مميزة من الكتب القبطية، إلى جانب مؤلفات عن شخصيات مصرية بارزة، مثل نجيب محفوظ والدكتور زاهي حواس.
واختتمت الزيارة بجولة بين غرف المتحف المتنوعة، التي جمعت ثقافات من الهند والصين وإثيوبيا ومصر، في مشهد يعكس التلاقي الإنساني والثقافي بين شعوب العالم.
يشار إلى أن زيارة البابا تواضروس للمتحف وافتتاح المعرض تأتي في إطار زيارة قداسته لصربيا ضمن جولته الرعوية الحالية بإيبارشية وسط أوروبا، والتي بدأها يوم 25 أبريل الماضي.. وتعد زيارة صربيا المحطة الثالثة من محطات جولته بالإيبارشية.