تصادف اليوم ذكرى وفاة الرسام الأإسباني خوان غريس، كان رساما بصريًا هادئًا، ولكنه حاد وعميق التأثير، لم يكن الأكثر شهرة في زمنه، لكنه كان من أكثرهم اتساقًا، إذ طوّر التكعيبية من شكلها الخام إلى بنية فنية منظمة وشاعرية.
وُلد غريغوريو غارسيا غوميز، المعروف باسم خوان غريس، في 23 مارس 1887 في مدريد، إسبانيا، تلقى تدريبًا مبكرًا في الهندسة، وهو ما ترك أثرًا واضحًا في أسلوبه الفني الدقيق، في عام 1906، انتقل إلى باريس، حيث اختلط بعالم الطليعة الفنية وبدأ حياةً فكرية خصبة.
في البداية، عمل رسّامًا كاريكاتيريًا للصحف والمجلات، قبل أن يتحوّل تدريجيًا إلى الفن التشكيلي بتأثير من بابلو بيكاسو وجورج براك، مؤسسي المدرسة التكعيبية.
رغم بدايته المتأخرة في التكعيبية مقارنة بزملائه، أضفى غريس على الحركة طابعًا جديدًا، تميزت أعماله بدقة البناء والتناغم، واستخدام ألوان أكثر إشراقًا وتكوينات واضحة، لم يكن هدفه تحطيم الواقع، بل إعادة تنظيمه ببناء عقلاني وشاعري.
لوحته "الزجاجات والمجلة" (1914) مثال على تكعيبيته الناضجة، حيث تتداخل العناصر اليومية في تكوين صارم لكنه غني بالحياة، كما كان من أوائل من استخدموا الكولاج، وأدخل عناصر الطباعة والخامات في اللوحة الفنية.
بعكس الكثير من زملائه، كان غريس مفكرًا منظّمًا، كتب مقالات تحليلية عن الفن، وكان يرى أن الفن الجيد يجب أن يكون عقلانيًا بقدر ما هو حسي، وصفه بيكاسو بأنه "تكعيبي ذو عقل هندسي"، بينما قال عنه الناقد جون غولدنج: "غريس هو المنظّر الصامت للتكعيبية".
عانى غريس من مشاكل صحية مزمنة في رئتيه، وتوفي في باريس في 11 مايو 1927 عن عمر 40 عامًا، تاركًا إرثًا فنيًا موجزًا لكنه شديد التأثير، واليوم، تُعرض أعماله في أبرز المتاحف العالمية، مثل متحف الفن الحديث في نيويورك ومتحف تيسن في مدريد.