انتقد أمين عام حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مارك روتيه، غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن الحضور لتركيا لاستئناف الجهود الرامية إلى استئناف محادثات السلام بشان أوكرانيا رغم اقتراحه سابقًا عقد مفاوضات مباشرة بين موسكو وكييف، في حين أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حضر إلى تركيا برفقة مستشاريه ووزرائه للمشاركة.
وخلال مؤتمر صحفي عقب اجتماعات وزراء خارجية الناتو، في مدينة أنطاليا بجنوب تركيا، اليوم الخميس، أكد روته أن غياب بوتين عن المحادثات، واكتفاؤه بإرسال وفد منخفض المستوى، يشير إلى محاولة لتفادي العقوبات الغربية الثقيلة التي يجرى الإعداد لها من قِبل الولايات المتحدة وأوروبا.
وشدد روتيه على أن "أفضل ما يمكن تحقيقه في هذا الظرف هو وقف فوري لإطلاق النار دون شروط مسبقة"، محذرًا من الوقوع مجددًا في "الأفخاخ الثلاثة" التي أدت إلى فشل محادثات إسطنبول عام 2022، وهي: إجراء محادثات تحت القصف، وهو أمر "غير مقبول"، خصوصًا في ضوء مجزرة بوتشا التي أدت آنذاك إلى انهيار تلك المحادثات، بالإضافة إلى حرمان أوكرانيا من ضمان أمنها الذاتي بعد التوصل إلى أي اتفاق سلام، مشددًا على ضرورة تمكين كييف من امتلاك قوة ردع عسكرية واختيار شركائها الأمنيين.
وأشار روته إلى أن رفع العقوبات عن روسيا قبل التوصل إلى اتفاق نهائى، واصفا ذلك بأنه هو خطأ استراتيجي تم ارتكابه في مفاوضات 2022 وأسفر عن فشلها.
وكشف روته أن الدعوة إلى وقف إطلاق نار فوري ولمدة 30 يومًا بدون شروط قد طُرحت رسميًا من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني ورؤساء وزراء بريطانيا وبولندا خلال اجتماعهم في كييف يوم السبت الماضي، وذلك بالتنسيق مع الرئيس ترامب، موضحًا أن أوكرانيا وافقت على هذه المبادرة منذ 9 مارس، "وبات الآن على روسيا أن تستجيب".
وعلى صعيد الجهود الدفاعية، أشار روته إلى أن الهدف الذي حدده الرئيس الفرنسي بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى ما بين 3% و3.5% من الناتج المحلي الإجمالي هو "الحد الأدنى المطلوب" لسد الفجوات العسكرية وضمان أمن دول الحلف، خصوصًا في ظل تصاعد التهديدات منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
ولفت إلى حادث وقع مؤخرًا قبالة سواحل إستونيا، حيث اعترضت البحرية الإستونية ناقلة نفط روسية خاضعة للعقوبات، لتواجه تهديدًا مباشرًا من طائرات مقاتلة روسية، معتبرًا أن "الرد العسكري الروسي على العقوبات الاقتصادية يشير إلى مستوى التصعيد الذي نشهده على الجبهة الشرقية للناتو".
وأكد روته أن العقوبات الغربية ألحقت ضررًا بالغًا بالاقتصاد الروسي، حيث تقدر خسائر موسكو بنحو 400 مليار يورو، أي ما يعادل ثلاثة أعوام من الإنفاق العسكري الروسي.
وكشف أن الحزمة السابعة عشرة من العقوبات الأوروبية، التي تم الاتفاق عليها مؤخرًا، تشمل ناقلات النفط، ومؤسسات مالية، وشركات ومصادر تمويل لحملات التضليل والهجمات الإلكترونية.
وأوضح أن بلاده ساهمت بفعالية في صياغة هذه الحزمة، مضيفًا أنه سيجتمع قريبًا مع السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام لمناقشة مشروع عقوبات أمريكي جديد طُرح مؤخرًا من قبل السيناتور ماركو روبيو.
وأعاد روته التأكيد على أن "الطريق إلى السلام يبدأ بوقف إطلاق النار الفوري، ولكن لا يمكن أن يمر عبر التنازلات الأمنية أو رفع الضغوط قبل أن تتغير سلوكيات روسيا بشكل ملموس".