أسمحوا لي أن أخذكم في سلسلة من المقالات القصيرة المتتالية عن حكاوي الكيمو كو وأقصد بها هنا نيران جلسات الكيماوي، حقيقة لا أريد أن أكون مملاً بكثرة الحكايات عن الألم، لكن هذه المرة لن أتحدث عن نفسي فقط، بل عن مجتمع كامل من مرضى الخلايا الخبيثة يعيش في عزلة داخل جدران مؤسسة طبية.
أبطال صامدون ليسوا مجرد مرضى بل عالم مليء بالحكايات والوجع والصبر والانتصارات الصغيرة التي لا يراها أحد.
القصص التي تروى هنا ليست دراما أو خيالا بل واقع حي عن ألم إنساني وصحي ومعنوي يتكرر كل يوم.
في هذا المجتمع المصغر ترى كل أشكال البشر خلفيات اجتماعية وثقافية مختلفة، وربما جنسيات متعددة، جمعهم المرض تحت صالة علاج واحدة وحقنة كيمو واحدة " كيماوي".
مرضى الأورام ليسوا أشخاصا ضعفاء أو محطمين كما يعتقد البعض، بل محاربون يمتلكون نظرة أعمق للحياة، بعدما رفع عن أعينهم غشاء الطمأنينة الزائفة، بشر أصبحوا يرون الحياة بشكل مختلف أكثر وعيا أكثر صدقا وتصالح، يتمسكون بالحياة وسط لحظات تهديد كل يوم.
أما المسح الذري فكوم تاني خط أحمر بمعنى الكلمة، الكثيرون يجرون فحوصات وتحاليل للاطمئنان، لكنهم لا يقتربون من أشعة الأورام، رغم أنها الأكثر أهمية لماذا؟! لأن لها أضرارا بالغة ولا تطلب إلا إذا ظهرت أعراض واضحة وتحاليل تشير إلى خطر حقيقي.
والقاعدة التي يعتمدها الأطباء واضحة وهي لا تقترب من منطقة الخطر ما لم يكن هناك ما يستدعي ذلك فلكل تحليل كلفته ولكل إشعاع أثر.
إما المرافق فهو البطل الأهم لمحارب الكيماوي، وجوده مع مريض الأورام ليست رفاهية، بل ضرورة، فقد يبدو المريض في كامل نشاطه، يضحك، يتحرك، يتحدث، لكنه في الحقيقة يحمل جسدا هشا لا يحتمل قد يسقط منك في أي لحظة، وما يبدو عليه من صحة تارة ما هو إلا قناع طاقة محدود سريعة النفاذ تتلاشي مع أقل مجهود " حلاوة روح يعني!".
الواقع داخل جلسات العلاج أسر قليلة ومرضى كُثر، والمرافقون ليس لهم مكان دائما فالقاعدة هنا "المريض أولى بالسرير".
إلا أن بعض الأطباء بحكمتهم وإنسانيتهم، يعرفون من يحتاج لمرافق ومن يستطيع أن يخوض الرحلة وحيدا.
إلى اللقاء في حلقة جديدة من حلقات بطل الكيماوي، ربما الحلقة القادمة تأتي مبشرة مضحكة وربما عكس ما تشتهي الأنفس والله أعلم.