تضاربت الأنباء بشأن النتائج التي أسفرت عنها الجولة الخامسة من المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، ففي حين كان الحديث على الصعيد الرسمي يشير إلى أن الأمور تمضي في اتجاه إيجابي، أكدت مصادر أن المفاوضات معرضة للانهيار بسبب تضارب وجهات النظر حول مسألة تخصيب اليورانيوم.
وعُقدت أمس الجمعة الجولة الخامسة من المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، التي تتوسط فيها سلطنة عمان، في العاصمة الإيطالية روما، سبقتها أجواء متوترة بين الجانبين، ومع ذلك، فإنها خرجت بتحقيق تقدم بخلاف ما كان متوقعًا، وفقًا لحديث الأطراف.
وكحال الجولات السابقة، قاد الوفد الأمريكي في المحادثات مبعوث الرئيس دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، بينما قاد الوفد الإيراني في المحادثات وزير الخارجية عباس عراقجي.
المحادثات النووية
وبدورها، أكدت سلطنة عمان أن محادثات الجولة الخامسة أحرزت بعض التقدم، لكنه ليس حاسمًا، معولةً على أن يتم خلال الأيام المقبلة توضيح القضايا المتبقية التي لم يتم حسمها بين الجانبين بعد، بما يسمح بالمضي قدمًا نحو الهدف المشترك المتمثل في التوصل إلى اتفاق مستدام ومشرف بين الجانبين، على حد قولها.
ولم تشر سلطنة عمان إلى إن كان الجانبان قد توصلا إلى حل لمسألة تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية، التي برزت في الأيام الأخيرة "كحجر عثرة" في مسار المفاوضات بشكل يهدد استكمالها.
غير أن الخارجية الإيرانية أكدت أن وزير الخارجية العُماني، بدر البوسعيدي، طرح حلولًا وأفكارًا لتجاوز العقبات، موضحة أنه قد تمت مناقشة خطوطها ومحاورها في هذه الجولة.
وأضافت أنه "في هذه الجولة، تم مرة أخرى توضيح مواقف إيران المبدئية بشكل صريح وواضح، وتم الاتفاق على أنه بالتوازي مع مزيد من الدراسة في العواصم، سيواصل وزير الخارجية العُماني العمل على تفاصيل الأفكار المقترحة وتقديمها للجانبين لمزيد من الدراسة".
ومن جانبه، أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن هذه الجولة من المفاوضات تُعد من أكثر الجولات مهنية منذ بدء المفاوضات في أبريل الماضي، كاشفًا أن وفد بلاده طرح مواقف طهران بوضوح وثبات، دون تغيير أو تنازل.
وعبر هذا، يشير "عراقجي" إلى موقف بلاده الرافض لمسألة التخلي عن تخصيب اليورانيوم كما تريد الولايات المتحدة، باعتبار أن ذلك يبقي الباب مفتوحًا أمامها لامتلاك سلاح نووي، وهو أمر مرفوض بالنسبة لها جملة وتفصيلًا.
وأشار وزير الخارجية الإيراني إلى أن الولايات المتحدة باتت تظهر فهمًا أدق لهذه المواقف، ما قد يسهم في تقدم المفاوضات النووية.
وحول المقترحات التي قدمتها سلطنة عمان، أفاد عراقجي بأن هناك مناقشات أولية جرت حول هذه المقترحات، مع اتفاق على مواصلة دراستها فنيًا من قبل الطرفين، على أن تُنقل لاحقًا إلى العواصم المعنية للتقييم، دون أن تُعد التزامات ملزمة في هذه المرحلة.
في المقابل، أكد مسؤول أمريكي بارز أن المحادثات النووية مع طهران ما تزال بناءة، مشيرًا إلى إحراز مزيد من التقدم، ولكن لا يزال هناك عمل يتعين القيام به، حيث اتفق الجانبان على الاجتماع مجددًا في المستقبل القريب، حسب وكالة "رويترز" للأنباء.
وبخلاف ذلك، قال مصدران إيرانيان لشبكة "CNN" الأمريكية إن المحادثات النووية من غير المرجح أن تؤدي إلى اتفاق، في ضوء إصرار واشنطن على أن تفكك طهران برنامجها لتخصيب اليورانيوم، وهو الأمر الذي يؤكد المسؤولون الإيرانيون أن من شأنه أن يدفع إلى انهيار المفاوضات النووية.
ويترقب أن تعلن سلطنة عمان خلال الأيام المقبلة موعد ومكان الجولة السادسة من المحادثات النووية، التي يُتوقع أن تكون نتائجها أكثر وضوحًا، سواء كانت سلبية على المفاوضات أو إيجابية.
وأكد المصدران، أن المشاركة الإيرانية في محادثات روما تهدف في الأصل إلى تقييم المستجدات في الموقف الأمريكي، لا إلى تحقيق اختراق جوهري في مسار التفاوض.
وللمفارقة، فإن طهران كان يجمعها بالفعل اتفاق نووي مع واشنطن، إلا أن الرئيس دونالد ترامب انسحب منه في فترة ولايته الأولى، وأعاد في ذات الوقت العمل بالعقوبات المفروضة عليها.
وعلى أثر ذلك، أوقفت طهران تدريجيًا التزاماتها في الاتفاق، واتخذت سلسلة خطوات، بما فيها تخصيب اليورانيوم عالي المستوى مرة أخرى بنسب مختلفة تصل إلى 60 بالمائة، مقتربة من نسبة 90 بالمائة المطلوبة للأسلحة النووية.