الأربعاء 4 يونيو 2025

ثقافة

ديوان العرب| ألا طرقت بعد العشاء جنوب.. قصيدة كثير عزة

  • 2-6-2025 | 23:05

كثير عزة

طباعة
  • فاطمة الزهراء حمدي

تُعد قصيدة «ألا طرقت بعد العشاء جنوب»، للشاعر كثير عزة، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، والتي حفظها العرب، وتناقلوها فيما بينهم.

 

ويعرف «كثير عزة» كأحد أبرز الشعراء في العصر الأموي، الذين كتبوا قصائد تميزت بالغزل والمدح والفخر، وعلى رأسها قصيدة «ألا طرقت بعد العشاء جنوب».

 

وتعتبر قصيدة «ألا طرقت بعد العشاء جنوب»، من أبرز ما قيل في الشعر العربي، ومن أشهر القصائد، وتحتوي على 46 بيتًا، علاوة على تميز شعر كثير عزة، بسلاسة الألفاظ وسهولة المعاني وصدق العاطفة كما جاء بالقصيدة.

 

ألا طَرَقَت بَعدَ العِشاءِ جَنوبُ

وَذَلكَ مِنها إِن عَجِبتَ عَجِيبُ

تَسَدَّت وَمَرٌّ دونَنا وَأَراكُهُ

وَدُونانُ أَمسَى دُونَها وَنَقيبُ

وَنَحنُ بِبَطحَاءِ الحَجُونِ كأننا

مِراضٌ لَهُم وَسطَ الرِحالِ نَحيبُ

فَحَيَّت نِياماً لم يَرُدُّوا تَحِيَّةً

إِليها وَفي بَعضِ اللَمامِ شُغوبُ

لَقَد طَرَقَتنَا في التَنائي وَإِنَها

على القُربِ عِلمي للسُّرى لَهَيُوبُ

أُحِبكِ ما حَنَّت بِغَورِ تُهامَةٍ

إِلى البو مِقلاتُ النِتاجِ سَلُوبُ

وَما سَجَعَت مِن بَطنِ وادٍ حَمامَةٌ

يُجاوِبُها صاتُ العَشِيِّ طَرُوبُ

وَإِني لَيَثنِيني الحَياءُ فَأَنثَني

وَأَقعُدُ والمَمشى إليكِ قَريبُ

وَآتي بُيوتاً حَولَكُم لا أُحِبُّها

وَأُكثِرُ هَجرَ البَيتِ وَهوَ جَنِيبُ

وَأُغضي على أَشياءَ مِنكِ تَريبُني

وَأُدعَي اِلى ما نَابَكُم فَأُجيبُ

وَما زِلتُ مِن ذِكراكِ حَتّى كَأَنَّني

أَميمٌ بِأَكنافِ الدِيارِ سَليبُ

وَحَّتى كَأنّي مِن جَوَى الحُبِّ مِنكُمُ

سَليبُ بِصَحراءِ البُرَيحِ غَريبُ

أَبُثُّكِ ما أَلقى وَفي النَفسِ حاجَةٌ

لَها بَينَ جِلدي وَالعِظامِ دَبِيبُ

أَراكُم إِذا ما زُرتُكُم وَزِيارَتي

قَليلٌ يُرَى فِيكُم إِلَيَّ قُطوبُ

أَبِيني أَتعويلٌ عَلَينا بِما أَرَى

مِنَ الحُبِّ أَم عِندي إِلَيكِ ذُنوبُ

أَبِيني فَإِما مُستَحيرٌ بِعِلَّةِ

عَلَيَّ وَإِمّا مُذنِبٌ فَأَتوبُ

حَلَفتُ وَما بِالصِدقِ عَيبٌ عَلى اِمرِىءٍ

يَرَاهُ وَبَعضُ الحالِفين كَذوبُ

بِرَبِّ المَطايا السَابِحاتِ وَما بَنَت

قُرَيشٌ وَأَهدَت غَافِقٌ وَتُجِيبُ

وَمُلقَى الوَلايا مِن مِنىً حَيثُ حَلَّقَت

إيادٌ وَحَلَّت غامِدٌ وَعَتيبُ

يَمينَ اِمرِىءٍ لَم يَغشَ فيها أَثيمَةً

صَدوقٍ وَفَوقَ الحالِفَينَ رَقيبُ

لَنِعمَ أَبو الأَضيافِ يَغشَونَ نارَهُ

وَمُلقى رِحالِ العيسِ وَهيَ لَغُوبُ

وَمُختَبَطُ الجادي إذا ما تَتابَعَت

عَلى النَاسِ مَثنى قَرَّةٍ وَجُدوبُ

وَحامي ذِمارِ القومِ في ما يَنوبُهُم

إذا ما اِعتَرَت بَعدَالخَطوبِ خُطوبُ

عَلى كُلِّ حالٍ إِن أَلَمَّت مُلِمَّةٌ

بِنا عُمَرٌ وَالنَّائِباتُ تَنوبُ

فَتىً صَمتُهُ حِلمٌ وَفَصلٌ مَقالهُ

وَفي البَأسِ مَحمودُ الثَناءِ صَليبُ

خَطيبٌ إِذا ما قالَ يوماً بِحِكمَةٍ

مِنَ القولِ مغشيُ الرَواقِ مَهيبُ

كَثيرُ النَدى يَأتي النَدى حَيثُما أَتى

وَإِن غابَ غابَ العُرفُ حَيثُ يَغِيبُ

كَريمُ كِرَامٍ لا يُرى في ذوي النَدى

له في النَدى وَالمَأثُراتِ ضَريبُ

أَبيٌّ أبى أَن يَعرِف الضيمَ غالِبٌ

لأَعدَائه شَهمُ الفؤادِ أَريبُ

يقلِّبُ عَينَي أزرَقٍ فوقَ مَرقَبٍ

يَفاعٍ لَهُ دونَ السَماءِ لُصوبُ

غَدا في غَداةٍ قَرَّةٍ فاِنتَحَت لَهُ

عَلى إِثرِ وُرادِ الحَمَام جَنوبُ

جَنى لأَبي حَفصٍ ذُرَى المَجدِ والدٌ

بَنى دونَهُ لِلبانِيَينِ صُعوبُ

فَهذا على بنيانِ هَذاك يَبتَني

بُناهُ وَكُلٌّ مُنجِبٌ وَنَجيبُ

وَجَدٌّ أَبيهُ قَد يُنافي على البُنا

بُناهُ وَكُلٌّ شَبَّ وَهُوَ أَديبُ

فَأَنتَ عَلى مِنهاجِهم تَقتَتَدي بِهم

أَمامَكَ ما سَدّوا وَأَنتَ عَقيبُ

فَأَصبَحتَ تَحذو مِن أَبيكَ كَما حَذا

أَبوكَ أَباهُ فِعلَهُ فَتُصيبُ

وَأَمسَيتَ قَلباً نابِتاً في أَرومَةٍ

كَما في الأَرُومِ النابِتاتِ قُلوبُ

أَبوكَ أَبو العاصي فَمَن أَنتَ جاعِلٌ

إِلَيهِ وَبَعضُ الوَالِدَينِ نَجيبُ

وَأَنتَ المُنقّى مِن هُنا ثُمَّ مِن هُنا

وَمِن هاهُنا وَالسَّعدكُ حينَ تؤوبُ

أَقَمتَ بِهَلكى مالكٍ حينَ عَضَّهُم

زَمَانٌ يَعُرُّ الواجِدينَ عَصيبُ

وَأنتَ المُرَجَّى والمُفَدّى لِهالِك

وَأَنتَ حَليمٌ نافِعٌ وَمُصيبُ

وَلِيتَ فَلَم تُغفِل صَديقاً وَلَم تَدَع

رَفيقاً وَلَم يُحرَم لَدَيكَ غَريبُ

وَأَحييتَ مَن قَد كانَ مَوَّتَ مالَهُ

فِإِن مُت مَن يُدعى لَهُ فَيُجِيبُ

قَضَيتَ لِسَوراتِ العُلا فَاِحتَويتَها

وَأَنتَ لِسَوراتِ العَلاءِ كَسُوبُ

وَمَا النَاس أَعطَوكَ الخِلافَةَ والتُقى

وَلا أَنتَ فاِشكُرهُ يُثِبكَ مُثيبُ

وَلَكنَما أَعطاكَ ذلِكَ عالمٌ

بِما فيكَ مُعطٍ لِلجَزيلِ وَهوبُ

أخبار الساعة

الاكثر قراءة