يعد كتاب «كليلة ودمنة» من أشهر الكتب العالمية التي تحمل بين طياتها عالماً واسعًا من الحكايات والحكم، يضم الكتاب مجموعة متنوعة من القصص التي ترجمها عبد الله بن المقفع من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية في العصر العباسي، وتحديدًا في القرن الثاني الهجري، مضيفًا إليها أسلوبه الأدبي المميز.
ويُجمِع العديد من الباحثين على أن أصل الكتاب يعود إلى التراث الهندي، حيث تُرجم في البداية إلى الفارسية، ثم نقله ابن المقفع إلى العربية بأسلوب راق ومبدع.
يروى أن سبب تأليف «كليلة ودمنة» يعود إلى رغبة ملك هندي يدعى دبشليم في تعلم الحكمة بأسلوب مشوق ومسل، فطلب من حكيمه بيدبا أن يضع له هذا الكتاب، فجاءت الحكايات في قالب أدبي استخدم فيه أسلوب الحكايات على لسان الحيوانات، لتقديم دروس أخلاقية وحِكَمٍ إنسانية خالدة.
أصبحت النسخة العربية من «كليلة ودمنة» محطةً هامةً في تاريخ الأدب، حيث أسهمت بشكل كبير في انتشار الكتاب وترجمته إلى العديد من لغات العالم، ويصنفه النقاد العرب القدامى ضمن الطبقة الأولى من كتب الأدب العربي، ويعدونه واحدًا من أبرز أربعة كتب مميزة، يتألف الكتاب من خمسة فصول تحتوي على خمسة عشر بابًا رئيسيًا، تتناول قصصًا تراثية تعكس تجارب البشر من خلال حواراتٍ شيقة على ألسنة الحيوانات.
وجاء بالقصة: زعموا أن قردًا رأى نجارًا يشق خشبةً وهو راكب عليها، و كلما شق منها ذراعًا أدخل فيه وتدًا، فوقف ينظر إليه وقد أعجبه ذلك، ثم إن النجار ذهب لبعض شأنه فركب القرد الخشبة وجعل وجهه قبل الوتد فلزم الشق عليه "أي قبض عليه ومسكه"، فكاد يغشى عليه من الألم، ثم إن النجار وافاه فوجده على تلك الحالة، فأقبل عليه يضربه، فكان ما لقي من النجار من الضرب أشد ممَا أصابه من الخشبة، ويضرب هذا المثل فيمن يتكلف من القول والفعل ما ليس من شكله، أي من يتصنع أدوارا لا تليق له ولا تناسب قدراته وشخصيته، لمجرد التقليد الأعمى.