الخميس 24 يوليو 2025

فن

في ذكرى وفاته.. نجيب الريحاني «الضاحك الباكي» الذي رثى نفسه قبل الرحيل

  • 8-6-2025 | 10:08

نجيب الريحاني

طباعة
  • ياسمين محمد

رحل عن عالمنا مثل هذا اليوم أحد أعمدة المسرح والسينما في مصر والعالم العربي، الفنان الكبير نجيب الريحاني، المعروف بلقب "الضاحك الباكي"، ورغم ما بثه من بهجة في قلوب جمهوره، فإن حياته كانت حافلة بالصراعات والتحديات، لدرجة أنه كتب رثاءه بنفسه قبل وفاته بأيام، وكأن قلبه استشعر النهاية. 

 

ولد نجيب إلياس ريحانة، المعروف فنيا بنجيب الريحاني، في 21 يناير 1889 بحي باب الشعرية في القاهرة، لأسرة ذات أصول عراقية،نشأ وسط بيئة متواضعة، حيث كان والده يعمل في تجارة الخيل، وقد أرسله إلى مدرسة "الفرير" الفرنسية، فأتقن اللغتين العربية والفرنسية، وأظهر موهبة مبكرة في إلقاء الشعر والتمثيل.

 

كان أستاذه في اللغة العربية، الشيخ بحر، أول من اكتشف موهبته، فشجعه على التمثيل وأسند إليه أدوارا مسرحية مدرسية حتى أصبح رئيس فريق التمثيل بالمدرسة، غير أن وفاة والده وهو لا يزال طالبا، فرضت عليه مسؤوليات أسرية مبكرة، دفعت به إلى سوق العمل.

 

عمل الريحاني في أكثر من وظيفة، بداية من كاتب حسابات في البنك الزراعي، لكن عشقه للفن تسبب في تغييبه المستمر، ما أدى إلى فصله، ومع صديقه المخرج عزيز عيد، أسس أولى تجاربه المسرحية، إلا أن النجاح لم يكن حليفه في البداية، حيث طُرد من أكثر من فرقة ومن أكثر من عمل، حتى اضطر إلى النوم ليلتين في شوارع القاهرة بعد طرده من المنزل.

 

في عام 1916، كانت نقطة التحول حين التقى الفنان استيفان روستي، الذي اصطحبه للعمل في ملهى ليلي، وهناك أدى الريحاني دور خادم مقابل 40 قرشًا في الليلة. ولم يكن يتصور أن رؤية غريبة في المنام، لشخصية ترتدي الجبة والقفطان وعمامة ريفية، ستصبح حجر الأساس لشهرته لاحقا، حين قرر تجسيد هذه الشخصية تحت اسم "كشكش بيه"، ليحقق بها نجاحا كبيرا ويقدم من خلالها عرضا جديد كل أسبوع.

 

شراكة الريحاني مع الكاتب الكبير بديع خيري كانت محطة ذهبية في مشواره، إذ قدما سويا 33 مسرحية ناجحة، من بينها "الستات ميعرفوش يكدبوا وحكم قراقوش ولو كنت حليوة". 

أما في السينما، فقد ترك بصمات لا تنسى في 10 أفلام، منها "سلامة في خير"،أبو حلموس، غزل البنات"الذي كان آخر أعماله.

 

وعلى الصعيد الشخصي، تزوج من الراقصة اللبنانية بديعة مصابني، ثم من الفرنسية لوسي دي فرناي، التي أنجب منها ابنته الوحيدة جينا. لم تكن حياته العاطفية مستقرة، كما أن حياته العملية كانت مليئة بالمصاعب، وقد انعكست هذه الازدواجية بين الكوميديا والمعاناة في شخصيته الفنية، ما جعله يلقب بـ"الضاحك الباكي".

 

ومن أغرب محطات حياته، لقاؤه بمنوم مغناطيسي وزوجته قارئة الكف، اللذان تنبآ له بمستقبل مليء بالثروة والفقر، والسفر والحوادث، ما جعله يخشى ركوب السيارات طوال حياته.

 

وفي عام 1949، وبعد أن أرهقه مرض التيفود وأتلف رئتيه وقلبه، كتب الريحاني رثاء مؤلما لنفسه قبل وفاته بأيام، قال فيه:

"مات نجيب الذي اشتكى منه طوب الأرض وطوب السماء، مات نجيب الذي لا يعجبه العجب، ولا الصيام في رجب، مات الرجل الذي لا يعرف إلا الصراحة في زمن النفاق، ولم يعرف إلا البحبوحة في زمن البخل والشح، مات الريحاني في 60 ألف سلامة".

أخبار الساعة

الاكثر قراءة