بعد نحو 5 جولات من المفاوضات الأمريكية الإيرانية بشأن برنامج طهران النووي، لا تنجز المحادثات بين الجانبين تقدمًا بعد، وسط خطوط حمراء وضعتها إيران بعدم التنازل عن تخصيب اليورانيوم، وفي المقابل تأكيد الولايات المتحدة الأمريكية أنها لن تسمح لطهران باستمرار البرنامج النووي.
مقترح إيراني جديد
وفي تصريح له اليوم، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، عن أن إيران ستعرض خطتها المقترحة على الجانب الأمريكي قريبا عبر سلطنة عُمان بعد الانتهاء منها، وذلك في مؤتمره الصحفي الأسبوعي، وفقا لما نقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية.
وأكد بقائي، أن "هذه الخطة معقولة ومنطقية ومتوازنة، ونوصي الجانب الأمريكي باغتنام هذه الفرصة ودراستها بجدية، لأن قبولها سيكون في مصلحة أمريكا".
جاء ذلك بعد أن أكد أن أي خطة لا تأخذ في الاعتبار حقوق ومصالح الشعب الإيراني، سواء في مجال الطاقة النووية السلمية، بما في ذلك التخصيب، أو في ضمان الرفع الفعال للعقوبات القمعية، هي خطة غير مقبولة بالنسبة لطهران.
وتابع: "لن أخوض في تفاصيل هذه الخطط حاليا، لكن المقترح الأمريكي، لم يتسم بخصائص المفاوضات الثنائية النشطة التي ينبغي أن تستند إلى التجارة ونتائج عملية التفاوض، ولم تكن هذه الخطة ثمرة جولات المفاوضات الأربع أو الخمس السابقة."
وبشأن إجراءات طهران في حال موافقة مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران، أوضح بقائي أن بلاده التزمت منذ البداية بالتفاعل والتعاون مع الوكالة على أساس التزاماتها بموجب معاهدة منع الانتشار النووي واتفاقية الضمانات الشاملة، واتخذت خطواتٍ بالغة الأهمية خلال العام أو العامين الماضيين بالتعاون مع الوكالة، وأثبتنا أنها الأفضل.
وتابع: "لكن بالمقابل قررت الوكالة، تحت ضغطٍ وتأثيرٍ سياسي من الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة، إعداد تقريرٍ أولي سُميَّ "التقرير الشامل"، ثم استغلت الدول الأوروبية هذا التقرير لإعداد قرار، وربما متابعة البرامج التي خططت لها.
وأكد: "لا شك أن الرد على المواجهة لن يكون بمزيد من التعاون، إيران وضعت مجموعة من الخطوات والإجراءات، والأطراف الأخرى على دراية بقدراتنا وإمكانياتنا في هذا الصدد"، مضيفًا "أنه وبالنظر إلى التطورات المستقبلية، سيتم اتخاذ قرار في هذا الشأن بالتنسيق مع منظمة الطاقة الذرية والهيئات المعنية الأخرى، وسيتم تنفيذ أحد إجراءات ايران".
استمرار تخصيب اليورانيوم
وفيما يتعلق بمسألة استمرار التخصيب في إيران، أوضح أن تخصيب اليورانيوم لا يعني بالضرورة امتلاك برنامج أسلحة، فالعديد من الدول، بما في ذلك بعض حلفاء الولايات المتحدة المقربين، تُجري عمليات التخصيب دون امتلاك برنامج أسلحة نووية.
وشدد على أن التخصيب جزء لا يتجزأ من دورة الوقود النووي الإيرانية وصناعتها النووية المحلية، وقد طُوِّر على مدى عقود من الجهد والتفاني من قِبَل العلماء الإيرانيين، وصمم بناءً على الاحتياجات والمصالح الوطنية، فهذا الحق مُعترف به وبكل وضوح للدول الأعضاء بموجب المادة الرابعة من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النوويةNPT، وهو حق غير قابل للتفاوض أو التنازل عنه.
وشدد على أنه لا يحق لأي دولة أن تفرض التزامات على إيران أو تسمح لنفسها بإصدار تراخيص في هذا الصدد، وهو الحق الذي أكدته الوثائق الدولية، موضحا أن إيران، بصفتها دولة ملتزمة بمعاهدة منع الانتشار النووي ومتعاونة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أكدت مرارا وتكرارا على الطابع السلمي لبرنامجها النووي، وأثبتت ذلك عمليا.
وقال إن التخصيب ليس حقا غير قابل للتصرف فحسب، بل هو أيضا جزء من هوية إيران العلمية والصناعية، ولن يُقبل أي تدخل أو تقييد غير قانوني فيه.
أمريكا تتمسك بتفكيك البرنامج النووي الإيراني
وكان جدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أكد في عدة تصريحات سابقة له، عدم السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم، ففي تصريحات له قبل يومين، قال: "لن يخصبوا. إذا خصبوا اليورانيوم فسنضطر إلى اللجوء لطريقة أخرى"، مؤكدا أن الاتفاق الدبلوماسي هو خياره المفضل.
وعلى مدار الشهرين الماضيين، عقدت إيران والولايات المتحدة خمس جولات من المفاوضات غير المباشرة حول الملف النووي الإيراني بوساطة عُمانية، كان آخرها في روما يوم 23 مايو الماضي، بهدف التوصل لاتفاق بين الجانبين بدلا من الاتفاق النووي الإيراني الذي بدأ في 2015 قبل أن تنسحب منه واشنطن في 2018.
وأكد البيت الأبيض في وقت سابق أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يأمل في أن تقبل إيران مقترح واشنطن بشأن الصفقة النووية، وإلا فستكون هناك عواقب خطيرة بالنسبة لطهران، على حد قوله، وذلك بعد أن تصاعدت الخلافات بين الجانبين، حيث طالبت واشنطن طهران بالتخلي عن تخصيب اليورانيوم قبل المفاوضات، وهو ما رفضه الجانب الإيراني بشكل قاطع، حيث قال كبير المفاوضين الإيرانيين وزير الخارجية عباس عراقجي "لن نطلب الإذن من أحد من أجل مواصلة تخصيب اليورانيوم في إيران"، مشيرًا إلى أن استمرار تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية "خط أحمر".
كانت الولايات المتحدة الأمريكية قدمت اقتراحًا لإيران بشأن ملفها النووي، لا يتضمن تفكيكًا كاملًا لجميع المنشآت النووية الإيرانية، كما يسمح لطهران بمواصلة تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 3%، في حال تم التوصل إلى اتفاق، حسبما أفادت "القاهرة" الإخبارية.
كما ينص المقترح الأمريكي على السماح بتخصيب محدود لليورانيوم منخفض التخصيب على أراضيها، وذلك لفترة زمنية يتم تحديدها ضمن المفاوضات الجارية بين الجانبين.
عقوبات أمريكية على إيران
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، الجمعة الماضي، عن فرض مجموعة جديدة من العقوبات المتعلقة بإيران تستهدف 10 أفراد و27 كيانا بتهمة غسل الأموال.
وأدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، تلك العقوبات معتبرا أنها تظهر عداء واشنطن المتجذر تجاه طهران، حيث تستهدف أكثر من عشرين فردا وكيانا متهمين بالانخراط في أنشطة تجارية ومصرفية مع إيران.
وأكد -في بيان نشرته وزارة الخارجية حسبما نقلت وكالة أنباء "إرنا" الإيرانية- أن هذه العقوبات تتماشى مع حملة الضغط الأقصى المثيرة للجدل التي تمارسها الولايات المتحدة، مدينا هذا الإجراء باعتباره لاإنسانيا وغير مجد (على حد وصفه).
وأكد بقائي أن مثل هذه الإجراءات أحادية الجانب تخالف بشكلٍ صارخ مبادئ القانون الدولي، ما يعزز الانطباع السائد عن العداء المتجذر لدى الإدارة الأمريكية، مضيفا أن القيود الاقتصادية القسرية، المصممة كي تفاقم معاناة المواطنين الإيرانيين وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية الأساسية، لن تؤدي إلا إلى تعزيز عزم إيران على حماية مصالحها الوطنية المشروعة في مواجهة المطالب الأمريكية المفرطة.