الإثنين 30 يونيو 2025

مقالات

حكايات مزمنة.. امتحان العمر!

  • 9-6-2025 | 13:45
طباعة

في أماكن العلاج تعتاد أن ترى وجوها صغيرة أنهكها التعب، بعضها يحتضن الأمل، والبعض الآخر يطارده الزمن، هناك وسط الوجع كل طفل له حكاية، وكل ابتسامة تحمل خلفها وجعاً صامتاً.

كان يجلس بجواري، طفل في ملامح شاب مبتسم، يقلب في بعض الكراسات وكأنه يراجع للمرة الأخيرة قبل الامتحان، لكن ما يثير الدهشة أنه لا يراجع مستندات طبية أو أوراق التحاليل، كما هو معتاد في المستشفى، بل كان منهمكاً في مراجعة مذكرات دراسية!.

ابتسم وقال كأنه يقرأ أفكاري "أيوه بذاكر عندي امتحانات طول الأسبوع، ربنا يخلي الناس الطيبة اللي ساعدتني أجيب الكتب والمذكرات، لو كنت في الجامعة مكنتش هعرف أذاكر هنا بالشكل ده".

سألته "إنت في كلية إيه؟ وهو يمد يده يصافحني "اسمي ربيع في تالتة تجارة، تحدثت معه ربنا يقويك يا ربيع، "لو احتجت أي حاجة قول أنا كمان كنت تجارة وأعرف الدنيا دي ماشية إزاي".

لمم أوراقه بهدوء، وابتسامته ما فارقته، وتحرك باتجاه غرفته والتي شاء القدر أن تكون بجوار غرفتي.

في اليوم التالي شعرت بشيء بداخلي "بيشدني أطمن عليه روحت أسأل لكن التمريض قالولي إنه انتقل للرعاية المركزة، قلبتني الكلمة رغم تعبي، وقررت أروح أشوفه".

دخلت الرعاية، وجدته  بنفس الابتسامة التي دايما تسبق تعبه، وبجانبه مذكراته ويحاول القراءة وهو هزيل، اطمئننت عليه سريعا واتجهت للخارج لأن الزيارة غير مسموحة.

وبعد يومين انتهيت من جلسة العلاج، تقابلت مع أحد  الناس ممن كانوا رفقاء له سألته "أخبار ربيع إيه؟"  بصوت هادي وتردد كأنه يحاول وأن لا يثير خوفي رغم الحقيقة الثقيلة "الله يرحمه مات ملحقش يمتحن". 

"ربيع ابن تالتة تجارة،  كان بيحارب السرطان ويراجع مذكراته من أعلى سرير الرعاية مات قبل ما يمتحن، لكن حكاية عزيمته مش هتموت وهتفضل تفكرنا لنا يعني إيه إرادة لحد آخر نفس".

الاكثر قراءة