على مرمى حجر من أهرامات الجيزة، تتربع تحفة ثقافية جديدة تعد بمثابة بوابة زمنية إلى قلب الحضارة المصرية القديمة، إنه المتحف المصري الكبير، الذي وصف بأكبر متحف أثري مخصص لحضارة واحدة في العالم، وتستعد الدولة المصرية لافتتاحه الرسمي في 3 يوليو المقبل، ليحكي قصة مصر القديمة بأسلوب يمزج بين عظمة الماضي وابتكار الحاضر.
ويحظي المتحف المصري الكبير باهتمام واسع، لدى الصحافة العالمية، إذ تعتبره إعلان عن طموح مصر لاستعادة مكانتها كمركز ثقافي عالمي، ورمز للتوازن بين الحفاظ على التراث والتطلع إلى المستقبل وفي السطور التالية ترصد بوابة "دار الهلال" هذا الاهتمام الواسع.
وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية التصميم المعماري والأهمية الثقافية للمتحف المصري الكبير، بأنه "المتحف الأكثر انتظارًا في العالم"، مشيرة إلى تصميمه المعماري اللافت الذي صممه مكتب Heneghan Peng Architects الأيرلندي، وأبرزت الصحيفة الواجهة المصنوعة من حجر الألبستر الشفاف، والساحة الكبرى للمتحف التي تحيط بها أشجار النخيل، والتمثال الضخم لرمسيس الثاني في المدخل والذي يزن 82 طنًا، كما أشارت إلى أن المتحف يمثل شهادة ثقافية عالمية تجمع بين التاريخ الملكي والحداثة، وتضاهي عظمة الأهرامات القريبة.
وأشادت مجلة "أركيتكتشرال دايجست" بالمتحف فقالت عنه "رمز للنهضة الثقافية المصرية"، مؤكدة أنه يوفر مساحة عرض أوسع للكنوز المصرية مقارنة بالمتحف المصري التقليدي في ميدان التحرير، وأبرزت المجلة الواجهة الحجرية المستوحاة من الأهرامات، والتي تشكل رابطًا بصريًا بين الماضي والحاضر.
كما ركزت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية على التصميم المستدام للمتحف، مشيرة إلى أنه يكلف أكثر من مليار دولار، ويتميز بميزات كالسقف العاكس والإضاءة الموفرة للطاقة، ما يقلل من استهلاك الطاقة بنسبة تزيد عن 60% كما يقلل من استخدام المياه للثلث، كما وصفته ب "رمز للحضارة المصرية القديمة والاستدامة"، مع الإشارة إلى السلالم الكبرى التي تعرض تماثيل مصرية قديمة وتوفر إطلالة بانورامية على أهرامات الجيزة
وحول التكنولوجيا داخل المتحف أشادت الصحيفة بالتكنولوجيا المتقدمة المستخدمة في قاعات العرض، مثل العروض متعددة الوسائط والواقع الافتراضي الذي يشرح تاريخ الدفن في مصر القديمة، ونقلت عن زوار سائحين إعجابهم بالتجربة التفاعلية التي تقدمها القاعات.
وتناول الموقع الألماني "ريسيرش جيت" دراسة عن كيفية استخدام المتحف للتكنولوجيا الرقمية لتحسين تجربة الزوار، مثل شاشات العرض الكبيرة والواقع الافتراضي، ما يجعل المتحف مركزًا تفاعليًا يجمع بين الحفاظ على القيمة التاريخية وجذب الزوار المعاصرين.
فيما أشار موقع "AFAR" الأمريكي إلى أن المتحف يوفر تجربة غامرة عبر لوحات توضيحية بلغات متعددة، بالعربية، والإنجليزية، وبرايل، مع تنظيم القاعات حسب الموضوعات والعصور التاريخية، مما يتيح للزوار اختيار جولة زمنية أو موضوعية.
أما بالنسبة للمجموعة الأثرية للمتحف وأهميتها فأبرزت "سي إن إن" الأمريكية أن المتحف يضم أكثر من 100,000 قطعة أثرية، بما في ذلك مجموعة توت عنخ آمون الكاملة التي ستُعرض لأول مرة في مكان واحد، وذكرت أن قاعات العرض الـ12 التي فتحت في الافتتاح التجريبي 16 أكتوبر 2024 تعرض قطعًا من عصور مختلفة، مثل العصر الوسيط الثالث، والعصر المتأخر، والعصر اليوناني-الروماني، مرتبة حسب التسلسل الزمني والموضوعات (المجتمع، الملوك، المعتقدات).
وتوقعت "سي إن إن" جذب ملايين الزوار مع الافتتاح الرسمي المقرر في 3 يوليو المقبل، وذكرت أن الافتتاح التجريبي في 16 أكتوبر 2024 شمل قاعات العرض الرئيسية، والسلالم الكبرى، والمناطق التجارية، لكن مجموعة توت عنخ آمون وقوارب الشمس لم تُفتح بعد.
فيما أشارت صحيفة "فاينانشال تايمز" الأمريكية إلى أن المتحف سيجذب حشودًا بفضل كنوزه القديمة، مع التركيز على نقل قوارب الشمس الخاصة بالملك خوفو، ومجموعة توت عنخ آمون التي لم تُحلل علميًا بنسبة 70% حتى الآن، ما يجعل المتحف مركزًا للبحث الأثري.
وأكدت "آراب نيوز" أن المتحف يمثل انتصارًا ثقافيًا لمصر والمنطقة، ويهدف إلى استعادة الرواية التاريخية من المؤسسات الغربية التي هيمنت على سرد تاريخ مصر لقرن من الزمان، وأشارت إلى بعض الحملات مثل تلك التي قادها زاهي حواس لاستعادة قطع مثل حجر رشيد وتمثال نفرتيتي.
وأشارت الجريدة إلى أن الافتتاح يتزامن مع الذكرى المئوية لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون ومرور 200 عام على فك رموز حجر رشيد، ما يعزز الأهمية الرمزية للمتحف.
وحول الأهمية السياحية والاقتصادية للمتحف، أكدت وكالة الأنباء الأمريكية "اسوشيتد برس" أن المتحف سيستقبل 5 ملايين زائر سنويًا، مما سيسهم في إنعاش قطاع السياحة المصري، وأشارت إلى أن الافتتاح التجريبي في أكتوبر2024 استقبل 4,000 زائر يوميًا، مما يعكس الاهتمام العالمي.
وأكدت "إيجيبت ترافيل بلوج" أن المتحف سيصبح "جوهرة تاج مصر"، مشيرة إلى دوره كمركز عالمي للتواصل بين المتاحف، مع مرافق مثل متحف الأطفال، مركز المؤتمرات، وورش العمل.
ووصفت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية المتحف بأنه "أعظم مشروع حضاري وثقافي في القرن الحالي"، وأشارت إلى أنه سيصبح وجهة سياحية عالمية بفضل موقعه بجوار الأهرامات ومجموعته الأثرية الفريدة.