السبت 5 يوليو 2025

تحقيقات

ضباب الحرب يلوح في الأفق.. هل تتجه إسرائيل لضرب إيران دون غطاء أمريكي؟

  • 12-6-2025 | 11:56

طائرة حربية

طباعة
  • محمود غانم

تعيش منطقة الشرق الأوسط على صفيح ساخن، وسط تواتر تقارير استخباراتية وتحركات ميدانية تشير إلى توتر غير مسبوق، حيث إن هناك حالة تأهب قصوى في القواعد العسكرية الأمريكية، وعمليات تحذير وإجلاء للرعايا الأمريكيين في الخليج والعراق، أعادت إلى الأذهان أجواء الأزمات الكبرى التي سبقت الحروب.

وفي ظل هذا المشهد القاتم، يتصاعد السؤال الأكثر إثارة وخطورة: هل تقدم إسرائيل على قصف المفاعلات النووية والأهداف الاستراتيجية في إيران دون دعم أمريكي صريح؟.

وفي إجابة على ذلك، يؤكد الدكتور أيمن سلامة، المستشار القانوني السابق لقوات حلف الناتو في البلقان، أن التهديدات الإسرائيلية بضرب البرنامج النووي الإيراني لطالما كانت حاضرة، لكن هذه المرة يبدو أن الشعور بالاستعجال قد وصل إلى ذروته. 

وأوضح "سلامة" في حديث لـ"دار الهلال، أنه في ظل غياب اتفاق نووي شامل يرضي طموحات تل أبيب، وتطورات البرنامج النووي الإيراني، قد تجد إسرائيل نفسها أمام خيار الضربة الاستباقية كحل أخير، حتى لو كان ذلك يعني العمل بمعزل عن واشنطن.

وأشار إلى أن الدوافع الإسرائيلية واضحة، وهي منع إيران من حيازة السلاح النووي، الذي تعتبره تهديدًا وجوديًا، لكنه تساءل: "هل يمكن لإسرائيل أن تنجح في تحقيق أهدافها دون دعم أمريكي لوجستي واستخباراتي وعسكري؟".

وأضاف أن إسرائيل تمتلك من الناحية الفنية القدرات الجوية لشن غارات بعيدة المدى، لكن استهداف مواقع شديدة التحصين وتشتيت الدفاعات الجوية الإيرانية يمثل تحديًا هائلًا، كما أن المواقع النووية الإيرانية منتشرة ومحمية، مما يجعل مهمة القضاء على البرنامج بأكمله بضربة واحدة أمرًا شبه مستحيل.

تداعيات كارثية 

وحذّر سلامة من أن تنفيذ إسرائيل لضربة عسكرية واسعة النطاق ضد إيران دون دعم أمريكي ستكون له تداعيات كارثية بكل المقاييس. 

وأوضح أن إيران لن تقف، من جانبها، مكتوفة الأيدي، بل سترد بشكل مباشر أو غير مباشر، مستخدمة ترسانتها الصاروخية وحلفاءها في المنطقة مثل حزب الله والحوثيين والفصائل العراقية لاستهداف إسرائيل والقواعد الأمريكية والمصالح الغربية في الخليج، مما قد يؤدي إلى حرب إقليمية شاملة تجر إليها دولًا أخرى.

وبيّن أن أسواق النفط العالمية ستتأثر، وأن مضيق هرمز، شريان الطاقة العالمي، سيكون في مرمى الخطر، ما قد يدفع بأسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة، ويهدد الاقتصاد العالمي بالركود. 

ويرى أن الحرب ستؤدي إلى أزمة إنسانية كارثية ونزوح جماعي، وتفاقم الأوضاع الإنسانية، وانهيار الأمن الإقليمي، فضلًا عن تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة.

الولايات المتحدة بين المأزق والمكسب

وفي سياق ذلك، أكد سلامة أن الولايات المتحدة قد تبدو في مأزق إذا ما أقدمت إسرائيل على خطوة كهذه، خاصة أن واشنطن لا ترغب في حرب شاملة وتسعى إلى احتواء التوترات. 

ومع ذلك، يلفت إلى أن هناك من يعتبر أن واشنطن قد تستفيد من الضربة الإسرائيلية عبر استخدامها لتحديد خطوط حمراء لإيران، أو كوسيلة لإعادة التفاوض من موقف قوة، باعتبار أن إسرائيل قامت بـ"العمل القذر".

وأشار إلى أن الفوضى قد تتيح للولايات المتحدة فرصة لإعادة تموضع قواتها وتحديد أولوياتها الاستراتيجية، كما قد تؤدي إلى توطيد تحالفاتها مع دول الخليج، وزيادة الضغط على إيران للحصول على تنازلات أكبر في أي مفاوضات قادمة.

وشدد على أن هذه الفوائد المحتملة لا تخلو من مخاطر جسيمة، حيث إن السماح لإسرائيل بشن حرب منفردة قد يدفع المنطقة إلى الهاوية، وقد تفقد واشنطن السيطرة على مجريات الأحداث، مما يهدد مصالحها على المدى الطويل.

واختتم الدكتور أيمن سلامة مؤكدًا أن الشرق الأوسط يقف على شفا حافة الهاوية، حيث إن قرار إسرائيل بقصف إيران دون دعم أمريكي سيكون مقامرة كبرى، ستغير وجه المنطقة إلى الأبد، وستكون تداعياتها الكارثية محسوسة في كل زاوية من زوايا العالم. 

 

ساعات حرجة 

وحسب موقع "أكسيوس" الأمريكي، فإن رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، معارضته القيام بعمل عسكري ضد إيران في الوقت الحالي، لأنه يعتقد أن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق نووي معها، وذلك خلال اتصال هاتفي جمعهما يوم الاثنين الماضي.

غير أن ترامب أكد لاحقًا أن ثقته بإمكانية إبرام اتفاق نووي مع طهران قد تراجعت، في ظل رفضها وقف تخصيب اليورانيوم في إطار أي اتفاق محتمل.

وتواجه مفاوضات البرنامج النووي الإيراني لحظة حرجة بسبب مسألة التخصيب، فبينما تؤكد الولايات المتحدة ضرورة أن يخلو أي اتفاق من السماح لطهران بتخصيب اليورانيوم، تشدد الأخيرة على أن ذلك حق مكفول لها بموجب القانون الدولي، وغير قابل للتفاوض.

في غضون ذلك، أفادت مصادر متعددة لشبكة "سي بي إس" الأمريكية، بأن مسؤولين في الإدارة الأمريكية تلقوا تقارير استخباراتية تشير إلى أن إسرائيل في حالة تأهب قصوى، استعدادًا لاحتمال تنفيذ عملية عسكرية ضد إيران.

في المقابل، حذّرت طهران من أن أي استهداف لمنشآتها النووية سيقابل برد قاسٍ، لن يقتصر على إسرائيل فحسب، بل سيمتد ليشمل القواعد الأمريكية المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط.

ويأتي ذلك بالتزامن مع استعداد وزارة الخارجية الأمريكية لإصدار أمر بمغادرة موظفيها غير الأساسيين من سفارة الولايات المتحدة في العاصمة العراقية بغداد، بحسب ما أفادت به وكالة "أسوشييتد برس" نقلًا عن مسؤولين أمريكيين مطّلعين.

كما منحت الخارجية الأمريكية الضوء الأخضر لمغادرة الموظفين غير الأساسيين وأفراد عائلاتهم من كل من البحرين والكويت، ما يتيح لهم خيار مغادرة البلدين طواعية.

وبحسب المصدرين، تعود هذه الخطوة إلى تعثر المفاوضات بين واشنطن وطهران، وسط مخاوف من تصاعد التوترات واحتمال اندلاع اضطرابات في المنطقة، في ظل تصاعد القلق من تداعيات فشل المسار الدبلوماسي بين الجانبين.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة