لعقود طويلة، اعتبرت إسرائيل الجمهورية الإسلامية الإيرانية عدوها اللدود، ورغم ذلك، ظل الصراع بين الجانبين يُدار من خلف الكواليس، عبر ضربات غير مباشرة وتكتيكات محسوبة، غير أن هذا الوضع تغيّر جذريًا في أبريل من العام الماضي، عندما بدأت إسرائيل، بدعم أمريكي ضمني، تنفيذ هجمات مباشرة على الأراضي الإيرانية، الأمر الذي قوبل برد مماثل من طهران.
وبذلك، تكون قواعد الاشتباك التي حكمت العلاقة بين الطرفين لعقود قد انهارت، لتدخل المواجهة مرحلة جديدة أكثر تصعيدًا وتدميرًا، خصوصًا بعد الهجمات التي نفذتها إسرائيل على طهران، منذ فجر اليوم الجمعة.
إسرائيل من بدأت
في الأول من أبريل 2024، شنت إسرائيل غارة جوية استهدفت السفارة الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، ما أسفر عن مقتل 16 شخصًا، من بينهم ضباط في الحرس الثوري الإيراني، كان من بينهم محمد رضا زاهدي، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وردًا على هذا التصعيد، شنت إيران هجمات في 13 من نفس الشهر، استهدفت مواقع عسكرية داخل إسرائيل.
في المقابل، قصفت إسرائيل في 19 من نفس الشهر منشأة للدفاع الجوي في أصفهان بإيران، ردًا على الهجمات الإيرانية، إلا أن ضرباتها كانت محدودة للغاية.
إسرائيل لا تتعظ
في 31 من يوليو 2024، اغتالت إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران، حيث كان في زيارة للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.
وأكدت إيران، آنذاك، أنها ستنتقم لما وصفته بالدماء التي أريقت في حرمها، غير أن ذلك الرد تأخر حتى مطلع أكتوبر من ذات العام، في محاولة لمنح فرصة لمفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وفي الأول من أكتوبر، أطلقت إيران عشرات الصواريخ ضد إسرائيل، مستهدفة أهدافًا عسكرية مهمة في عمق الأراضي المحتلة، ما أنزل بها خسائر فادحة عُتمت على نتائجها.
وردت إسرائيل على ذلك في 26 من نفس الشهر، بشن هجوم على طهران بنحو 100 طائرة، قالت إنه طال 20 هدفًا في الأراضي الإيرانية.
هجمات اليوم
منذ بداية العام الجاري، تواردت العديد من الأنباء المؤكدة على أن إسرائيل تسعى إلى ضرب المنشآت النووية الإيرانية، غير أن واشنطن حالت دون تنفيذه، في مسعى لإعطاء المسار الدبلوماسي فرصة قد تفضي إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وبعد حصولها على ضوء أخضر أمريكي -كما يُرجح- بدأت إسرائيل فجر اليوم الجمعة في شن هجمات واسعة النطاق على إيران، شاركت فيها أكثر من 200 مقاتلة، في عملية حملت اسم "الأسد الصاعد"، تضمنت استهداف منشآت نووية في مناطق متفرقة، واغتيال عدد من القادة العسكريين والعلماء.
وزعم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن هدف هذه العملية غير المسبوقة هو ضرب البنية التحتية النووية الإيرانية، ومصانع الصواريخ الباليستية، والعديد من القدرات العسكرية.
وفي المقابل، توعّد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الجمعة، إسرائيل بـ"عقاب صارم"، ردًا على الهجمات التي طالت إيران.
وتوقع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن تنفذ إيران "ردًا قاسيًا" على بلاده ردًا على الهجمات التي نفذتها.
ويبدو أن هذا الفصل سيكون واحدًا من أشد الفصول دموية في الصراع الإسرائيلي-الإيراني، خصوصًا مع كسر كافة قواعد الاشتباك بين الطرفين.