نحتفل في 21 يونيو من كل عام، بيوم الأب، والذي يهدف إلى تسليط الضوء على دور الوالد في حياة أسرته، ليس فقط كمصدر للدعم المادي، بل كركيزة أساسية في التربية والتوازن النفسي للأطفال، ومن منطلق تلك المناسبة نستعرض مع أخصائية نفسية، أهم مقومات الأبوة الحقيقية، والحلول الفعالة التي تحقق لرب الأسرة دوره الطبيعي دون أن يشعر بالإرهاق أو فقدان هويته، وما يحتاجه في يوم عيده كي يشعر بالاهتمام والحب.
ومن جهتها تقول الدكتورة هبة الطماوي أخصائي الإرشاد النفسي والعلاقات الأسرية، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، أن الأبوة ليست مجرد لقب أو واجب فرض على الرجل بحكم العائلة، بل هي دور حيوي يحتاج إلى تأهيل ووعي حقيقي بمدى تأثيره في بناء الإنسان من الطفولة وحتى النضج، وهي مسؤولية نفسية وتربوية لا تقل أهمية عن دور الأم، وتتطلب العديد من المقومات الأساسية، والتي منها:
-أن يكون قدوة محترمة ومسؤولة أمام أطفاله.
- رجل يفي بوعوده، يواجه أخطائه ويتحمل نتائجها.
- يعلم أبناءه السلوك القويم بالقدوة لا بالكلمات، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على تكوين شخصية الطفل في المستقبل.
وأكدت أخصائي الإرشاد النفسي، أن الطفل الذي ينشأ في بيت يرى فيه نموذجًا للأب المسؤول والمحترم والصادق، غالبًا ما يصبح هو نفسه كذلك دون الحاجة إلى تلقين مباشر، فالقدوة تفعل ما لا تفعله المواعظ، وحذرت مما يسمى تبادل الأدوار داخل الأسرة بشكل مفرط، حيث لا يصح أن تتحمل الأم دور الأب، في الوقت الذي يتراجع فيه الوالد عن دوره الحقيقي بحجة الانشغال أو الضغوط، لأن هناك أدوار نفسية وتربوية لا يمكن تعويضها، ومكانة عائل الأسرة في حياة أبنائه لا تشغل بمجرد الإنفاق المادي.
وأضافت، أنه في ظل التحديات والضغوطات التي يواجهها الآباء اليوم، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية، لابد من إعلاء أهمية تنظيم الوقت، لتفادي الفوضى التي تثقل كاهل رب الأسرة، وتجعل من القيام بدوره عبئًا بدلًا من أن يكون متعة عائلية، مع ضرورة تجنب ما نشاهده الآن في بعض البيوت من عشوائية الحياة، حيث لا يوجد وقت مخصص للأسرة أو للراحة أو للتفاعل الحقيقي بين أفراد المنزل، كما نجد بعض الرجال ينجزون عملهم على طاولة الطعام أو في أوقات الإجازة، بينما كل فرد في العائلة منشغل بشاشته.
وأشارت إلى مجموعة من الحلول البسيطة والفعالة، والتي يمكن أن تعيد التوازن للحياة الأسرية، وللأب دوره الطبيعي دون أن يشعر بالإرهاق أو فقدان هويته، وأجملتها في النقاط الآتية:
-على الأب ضرورة تخصيص ولو نصف ساعة هادئة قبل النوم للأبناء، يتحدث فيها معهم أو يشاركهم شيئًا بسيطًا.
-يمكن تخصيص يوم في الأسبوع مثل يوم الجمعة، ليكون وقتاً عائليًا خالصًا، حيث أن هذه اللحظات تصنع الفارق.
-على الأباء الحذر من غياب الحضور النفسي والعاطفي لأسرته، لأنه قد يدفع الأبناء، خصوصًا في سن المراهقة، إلى البحث عن القبول والانتماء خارج العائلة، مما يعرضهم لسلوكيات سلبية وخطيرة في بعض الأحيان.
-أن يدرك الرجل أن تحقيق التوازن بين متطلبات الأبوة واحتياجاته النفسية، يبدأ من إدراكه أن الدور التربوي ليس استنزافًا وإنما رسالة سامية.
واختتمت مؤكدة، على أن الأب يحتاج في يوم عيده، إلى التقدير، مثلما نحتفل بالأمهات في عيدهن، وليس فقط من خلال هدية أو احتفال شكلي، بل إلى شعور حقيقي من أسرته بأنه محل تقدير وامتنان، وأن جهوده مرئية ومقدرة، وعندما يشعر الوالد بأنه سند حقيقي، وأن أبناءه وزوجته يرون فيه هذا النموذج، تكتمل رسالته وتستمر الأسرة في أمان نفسي وعاطفي.