تنتقل الحرب بين إسرائيل وطهران من ساحات القتال على الأرض إلى جبهات الفضاء الإلكتروني، حيث بات كل طرف يستخدم قدراته السيبرانية لشن هجمات على الآخر، في إطار حرب خفية تدعم المجهود العسكري وتوسع رقعة المواجهة.
وحقيقة، تُعتبر إسرائيل من الدول الرائدة عالميًا في مجال الحرب السيبرانية، لما تمتلكه من ترسانة متقدمة من القدرات الإلكترونية الهجومية والدفاعية، جعلتها في طليعة القوى التي توظف الفضاء الرقمي كساحة مواجهة استراتيجية.
وفي المقابل، تسعى طهران إلى التصدي للهجمات الإسرائيلية، من خلال تنفيذ مجموعات قرصنة تابعة لها هجمات سيبرانية تستهدف أنظمة إسرائيلية.
طهران معكم
"أغلقوا كاميرات المراقبة، فطهران تراقبنا".. كان هذا مفاد تحذير مسؤول إسرائيلي سابق لأبناء شعبه، في خضم الحرب التي تشنها بلاده ضد إيران، حيث لفت الأنظار إلى أن الإيرانيين حاولوا خرق كاميرات المراقبة لتوجيه ضرباتهم الصاروخية بدقة ضد الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
ودعا المسؤول الإسرائيلي عبر الإذاعة العامة الإسرائيلية، المواطنون الإسرائيليين إلى إغلاق كاميرات المراقبة بمنازلهم أو تغيير كلمة المرور، وذلك لتعطيل الهجمات الإيرانية.
لكن تحذير المسؤول الإسرائيلي فيما يبدو أنه جاء متأخرًا بعض الشيء، حيث كشفت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، أن إيران تمكنت من الدخول إلى كاميرات المراقبة الخاصة في إسرائيل بهدف جمع معلومات استخباراتية فورية عن خصمها.
وفيما يبدو أن هجمات طهران تأتي لتعزيز أهداف هجماتها الصاروخية، بما يحقق أكبر قدر من الخسائر في الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
وهجمات طهران لم تقتصر عند هذا القدر، حيث نجحت إحدى مجموعات القرصنة السيبرانية الموالية لها في اختراق عدة مواقع، من بينها مواقع شركات "دلكول" و"ديليك"، ضمن منظومة الوقود الإسرائيلية، حسب ما أورده موقع "رانسوم لوك" المعني بتتبع هجمات المجموعات السيبرانية.
وقد أسفر هذا الهجوم، الذي نفذته مجموعة تُدعى "حنظلة"، عن سرقة أكثر من اثنين تيرابايت من البيانات المشفرة، مع ترك رسالة واضحة تهدد بإيقاف منظومة العمل في العديد من محطات الوقود التابعة لهاتين الشركتين، وذلك فضلًا عن إيقاف آليات إمداد الوقود للطائرات المقاتلة، بما يعيق الجهد الحربي الإسرائيلي.
كذلك، نجحت إحدى المجموعات التي تُدعى "حشاشين" في اختراق أحد خوادم البنية التحتية التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ثم أتاحت المجموعة الاتصال المباشر عبر عنوان "آي بي" خاص بالخادم للعامة عبر مجموعة "تلجرام" الخاصة بها.
رد بالمثل
وتأتي الهجمات الإيرانية، كرد بالمثل على الهجمات الإسرائيلية، التي تصاعدت على البُنى التحتية الاتصالية والعسكرية الإيرانية، مع بدء الحرب الجمعة قبل الماضية.
وانعكست الهجمات السيبرانية الإسرائيلية -حسب وسائل إعلام إيرانية- في محاولات اختراق لشبكات الإذاعة والتلفزيون، والهجوم على البنية التحتية لبنك "سيباه"، إضافة إلى الاختراق الأخير لحسابات منصة تداول العملات الرقمية "نوبيتكس".
وقد دفعت هذه الهجمات السلطات الإيرانية إلى تشديد القيود على الاتصال بخدمة الإنترنت، كإجراء أمني خوفًا من نجاح إسرائيل في استغلال شبكات الاتصالات لتحقيق اختراقات عسكرية.
لكن في حقيقة الأمر، لم تقم طهران بتقييد الوصول إلى الإنترنت، حيث أقدمت على قطعه عن عموم البلاد بشكل كامل، منذ نحو ثلاثة أيام.
وعزت السلطات الإيرانية هذا القرار إلى قيام إسرائيل باستخدام شبكات الاتصالات الوطنية لأغراض عسكرية، بما يُعرض حياة الأبرياء وممتلكاتهم للخطر.