تتحرك إيران لإعادة ترتيب أوراقها، بما في ذلك خياراتها الاستراتيجية، ردًا على الهجوم الأمريكي الذي استهدف ثلاث منشآت نووية داخل أراضيها، فجر اليوم الأحد. فالهجوم، وإن قالت واشنطن إنها لا تسعى من خلاله إلى الانخراط في حرب، وضعها فعليًا في قلب المواجهة إلى جانب إسرائيل، حيث توعّدت طهران بأن هذا التصرف لن يمر دون رد.
غضب إيراني
وعقب الهجوم الأمريكي، أكدت طهران أنها تحتفظ بجميع الخيارات أمام هجوم الولايات المتحدة للدفاع عن سيادتها ومصالحها وشعبها، وذلك استنادًا إلى ميثاق الأمم المتحدة الذي يضمن حق الدفاع المشروع.
وارتأى الحرس الثوري الإيراني، أن واشنطن، من وراء الهجوم على منشآت البلاد النووية، اختارت أن تضع نفسها في مقدمة الجبهة الهجومية ضد إيران عبر استهداف منشآت نووية سلمية.
وضمن ما أسماه "حقه المشروع في الدفاع عن النفس"، أكد الحرس الثوري أن البلاد باتت تنظر في خيارات "تفوق حسابات المعسكر المعتدي"، مؤكدًا أن كل من يهاجم الأراضي الإيرانية عليه أن يكون مستعدًا لتلقي ردود ستجعله يندم.
وفي المقابل، حذرت الولايات المتحدة طهران من أي رد على استهداف منشآتها النووية، مؤكدة أنه سيكون أكبر خطأ ترتكبه على الإطلاق.
ومن جانبه، أكد الجيش الأمريكي أن قواته في حالة تأهب عالٍ، ومستعدة بشكل كامل للتعامل مع أي رد أو هجوم بالوكالة قد يأتي من إيران، وسيكون ذلك خيارًا سيئًا للغاية.
وتأتي تلك التحذيرات الأمريكية نظرًا لأن طهران سبق أن حذرت من أن أي انخراط أمريكي في الحرب مع إسرائيل سيُقابل باستهداف المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، بما في ذلك القواعد العسكرية، التي ليست في معزل عن صواريخها المدمرة.
سنقضي على إسرائيل
لا شك أن إسرائيل كانت العامل المحرّك وراء دخول الولايات المتحدة الأمريكية في هذه المواجهة، إذ رفضت منذ البداية أي مسار تفاوضي مع إيران بشأن برنامجها النووي.
وعقب الضربة الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية صباح اليوم، أعلنت تل أبيب أن العملية جرت بالتنسيق الكامل معها، مؤكدة أنها كانت على تواصل مستمر مع واشنطن بخصوص هذا الملف.
ووفقًا لموقع "والا" العبري، فإن إسرائيل هي من مهّدت الطريق للولايات المتحدة لضرب المنشآت النووية الإيرانية، وذلك بعد أن قامت بتدمير العديد من أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية خلال 48 ساعة، بطلب من إدارة الرئيس الأمريكي، ما مهّد لتنفيذ الضربة على المنشآت.
وفي أعقاب هذا التطور، أبدت إسرائيل رغبتها في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع إيران، غير أن طهران رفضت ذلك بشكل قاطع، مشيرة إلى أن "تل أبيب" يجب أن تستعد لما وصفته بـ"عمليات مفاجئة" خلال المرحلة المقبلة.
وحسب ما أوردته وكالة "فارس" الإيرانية، استنادًا إلى مصادر، فإن استراتيجية طهران تتمحور حاليًا حول القضاء على إسرائيل باعتبارها القاعدة الأصلية لأمريكا، حيث إن تدخل الولايات المتحدة في الحرب يجب أن يعرقل تنفيذ خططها ضد ما أسمته "الكيان الصهيوني".
وفي غضون ذلك، أكد الحرس الثوري أن ضرباته على إسرائيل ضمن عملية "الوعد الصادق ٣" لن تتوقف.
غلق هرمز
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على أراضيها الجمعة قبل الماضية، تلوّح طهران بإمكانية غلق مضيق هرمز الاستراتيجي، كإجراء دفاعي.
واليوم، أكد إسماعيل كوثري، عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، أن البرلمان خلص إلى ضرورة إغلاق مضيق هرمز، إلا أن القرار النهائي يعود للمجلس الأعلى للأمن القومي في إيران.
ويأتي ذلك اتساقًا مع تقرير أشار إلى نفس الأمر، حيث أكد أن البرلمان الإيراني وافق على غلق مضيق هرمز، وأن القرار الأخير أصبح بيد المجلس الأعلى للأمن.
وعلى الجانب الآخر، أكدت الولايات المتحدة أن خطوة طهران هذه إن حصلت ستكون بمثابة "انتحار" بالنسبة لها.
وتستطيع طهران إغلاق مضيق هرمز باستخدام ما تملكه من ألغام بحرية؛ فوفقًا لتقرير نشره موقع "نيوبايس" البريطاني، فإن إيران قادرة على زرع 100 لغم يوميًا، الأمر الذي من شأنه أن يغلق المضيق على الفور، ويعيق حركة السفن الحربية الأمريكية، ويؤثر بشكل مباشر على نقل النفط والغاز.
ويُعتبر مضيق هرمز، الواقع شمالي إيران، أحد أهم الممرات البحرية في العالم، إذ يعد حلقة وصل استراتيجية بين الخليج العربي شمالًا، وخليج عُمان وبحر العرب جنوبًا.
وتبرز أهمية المضيق الاستراتيجية بناءً على كونه الشريان البحري الرئيسي الذي تمر عبره صادرات النفط من دول الشرق الأوسط إلى الأسواق العالمية، لا سيما في آسيا والمحيط الهادئ، إضافة إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، ما يجعله من أكثر الممرات المائية ازدحامًا بالسفن.
هجوم أمريكي
وفجر اليوم الأحد، نفذت الطائرات الحربية الأمريكية هجومًا ضد ثلاث منشآت نووية إيرانية، هي موقع فوردو ونطنز وأصفهان، بعد أن عجزت إسرائيل عن تدميرها نظرًا لأنها محصّنة تحت الأرض.
وجاء الهجوم الأمريكي على الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد أمهل طهران، نهاية الأسبوع الماضي، أسبوعين قبل حدوث تدخل عسكري ضدها، حيث كان يزعم أنه يريد استكمال المفاوضات النووية بشأن البرنامج النووي الإيراني، التي عطلها العدوان الإسرائيلي المستمر على الأراضي الإيرانية منذ الجمعة قبل الماضية.
وعقب الهجوم مباشرة، توعّد الرئيس الأمريكي طهران بأنه إذا لم يتحقق السلام بسرعة، فسيجري استهداف مواقع أخرى في إيران.
ووصف مجرم الحرب المُدان لدى المحكمة الجنائية الدولية، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الهجوم الأمريكي بأنه "جبار وتاريخي"، زاعمًا أن بهذا الشكل تقود الولايات المتحدة "الشرق الأوسط، وما بعده نحو مستقبل من الرخاء والسلام".