الثلاثاء 29 يوليو 2025

عرب وعالم

جزر القمر.. "الاقتصاد الأزرق" يمهد الطريق لنمو أكثر شمولا واستدامة في البلاد

  • 26-6-2025 | 12:24

جزر القمر

طباعة
  • دار الهلال

أظهر اقتصاد جزر القمر مؤشرات على تعافٍ ملحوظ، متجاوزًا مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، حيث ارتفع معدل النمو من 3% في عام 2023 إلى 3.4% في عام 2024، مدفوعًا بزيادة استهلاك الأسر.

وذكر موقع "All Africa" الإخباري اليوم /الخميس/ أن هذا الزخم الاقتصادي يعود بالأساس إلى ارتفاع التحويلات المالية بنسبة 5.4%، والأداء القوي لقطاع الخدمات. كما تباطأ متوسط معدل التضخم السنوي من 8.5% إلى 5.0% في عام 2024، بفضل استقرار أسعار السلع عالميًا وانخفاض التضخم في منطقة اليورو.

ويتوقع أن يصل معدل النمو إلى 4% بحلول عام 2027، مدعومًا بالاستهلاك والاستثمارات المخطط لها في البلاد.

ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن معدل الفقر سيتراجع بشكل طفيف فقط، نظرًا إلى النمو الاقتصادي المتواضع، واستمرار التفاوت الكبير في توزيع الدخل، وضعف منظومة الحماية الاجتماعية. ففي عام 2024، يُقدَّر معدل الفقر بنحو 38.1% (وفق خط الفقر للدخل المتوسط الأدنى البالغ 3.65 دولار يوميًا)، ومن المتوقع أن ينخفض إلى 37.2% في عام 2025.

وقال بوبكر سيد باري، الممثل المقيم للبنك الدولي في جزر القمر: "إن استمرار الفقر وارتفاع التفاوت يعكسان فروقات إقليمية عميقة وتحديات هيكلية متجذرة. كما أن انخفاض المشاركة في سوق العمل، وضعف التوظيف، وصعوبة الحصول على تعليم جيد، كلها عوامل تقوّض الإنتاجية والدخل".

وأضاف أن "التحويلات المالية توفر دعمًا على المدى القصير، لكنها لا تعوّض عن الحاجة إلى اقتصاد قوي ومستدام"، محذرًا من أن "غياب الإصلاحات الطموحة قد يؤدي إلى تفاقم الفقر"، مؤكدا استمرار التزام البنك الدولي بدعم جزر القمر نحو نمو أكثر شمولًا واستدامة.

وورد في الإصدار الأخير من تقرير البنك الدولي حول التوقعات الاقتصادية لجزر القمر، والذي جاء بعنوان "بحر من الفرص – الاقتصاد الأزرق كمحرك للنمو المستدام"، أن غياب الإصلاحات الهيكلية لإزالة عوائق الاستثمار وتحسين التنافسية الدولية سيجعل النمو الاقتصادي هشًّا. وهو ما سيقيد خلق فرص العمل وزيادة الدخل الضروريين للحد من الفقر ولمواجهة الصدمات المستقبلية.

تحذيرات اقتصادية ومخاطر مناخية.. وحذر التقرير من مخاطر كبيرة، حيث لا تزال البلاد عرضة للكوارث المناخية، في وقت تتفاقم فيه الضغوط المالية والتزامات الشركات العامة، إلى جانب هشاشة القطاع المصرفي، مما يعزز مكامن الضعف في الاقتصاد الكلي.

ومن المتوقع أن يتسع عجز الحساب الجاري على المدى المتوسط، بسبب استمرار اختلال الميزان التجاري وزيادة واردات البنية التحتية. ولذلك، دعا التقرير إلى تنويع الصادرات، وتعزيز الاحتياطيات الخارجية، واعتماد استراتيجيات تمويل مستدامة.

الاقتصاد الأزرق.. بوابة للنمو المستدام.. وركّز التقرير على الاقتصاد الأزرق كفرصة محورية لتحقيق نمو شامل ومستدام. وبفضل الإصلاحات والاستثمارات الاستراتيجية، يمكن لجزر القمر أن تطمح للوصول إلى مصاف الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع بحلول عام 2050، شريطة الحفاظ على معدل نمو سنوي للناتج المحلي الإجمالي يبلغ 6.1%.

وقال باتريك جون مكارتني، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي ومؤلف التقرير، إن "جزر القمر تمر بمرحلة مفصلية في مسيرتها التنموية، والتحول نحو الخدمات والاقتصاد الأزرق يوفر فرصة حقيقية لتعزيز موقعها كفاعل إقليمي في مجال الاستدامة".

وتوقع أن تمثل الخدمات ثلثي الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2040، بفضل مساهمة قطاعات السياحة ومصايد الأسماك. وأوضح أن تحقيق هذه الإمكانات يتطلب حوكمة فعالة واستثمارات مستدامة في القطاعات الحيوية، بما يخلق فرصًا اقتصادية ويحافظ على الموارد الطبيعية.

الفرص في قطاعي مصايد الأسماك والسياحة.. ويشهد قطاع مصايد الأسماك أداءً جيدًا، حيث يمثل نحو 11.4% من الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2018 و2024. وقد يرتفع هذا الرقم إلى 16% بحلول عام 2035 مع تحديث هذا القطاع. كما تتمتع السياحة البحرية بإمكانات كبيرة؛ إذ يمكن أن يتضاعف عدد السياح أربع مرات بحلول 2030، وتصل مساهمتها إلى أكثر من 6% من الناتج المحلي بحلول 2050.

وأوضح التقرير أن التنمية المتكاملة لمصايد الأسماك المستدامة، والسياحة البيئية، وحماية البيئة البحرية، يمكن أن تحقق نموًا شاملاً ومتوازنًا. لكن نجاح هذا التحول يتوقف على استعادة رأس المال الطبيعي، وتوسيع الطاقة المتجددة، وتحديث البنية التحتية، وتعزيز تدابير حماية البيئة.

نحو استراتيجية بحرية مستدامة.. يمكن لاستراتيجية "الاقتصاد الأزرق"، في حال تنفيذها بفعالية، أن ترسّخ مكانة جزر القمر كقائد إقليمي في الإدارة المستدامة للموارد البحرية، وتسهم في تنويع الاقتصاد، وخلق فرص العمل، وتعزيز القدرة على مواجهة الأزمات.

وشدد التقرير على ضرورة التنسيق بين قطاعات مصايد الأسماك والسياحة وحماية البيئة لتحقيق أقصى فائدة اقتصادية مع الحفاظ على النظم البيئية.

وسيسهم الاستثمار المستهدف في الحوكمة والبنية التحتية والوصول إلى الأسواق والاستدامة البيئية في جعل الاقتصاد الأزرق حجر الأساس للتنمية الوطنية. كما تتماشى هذه الرؤية مع "خطة جزر القمر الناشئة 2030 (PCE 2030)".

ومن خلال استغلال الإمكانات البحرية الواسعة، تستطيع جزر القمر التطلع إلى مستقبل أكثر ازدهارًا واستدامة، والانضمام إلى مصاف الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع بحلول عام 2050.

يذكر أن الاقتصاد الأزرق هو نهج تنموي مستدام يركّز على الاستخدام الرشيد والمستدام للموارد المائية (المحيطات، البحار، الأنهار، والبحيرات) لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل وتحسين سبل المعيشة، مع الحفاظ على البيئة البحرية والنظم البيئية المائية. ويشمل هذا الاقتصاد مجالات مثل: صيد الأسماك، السياحة البيئية، الطاقة البحرية المتجددة، والخدمات البيئية.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة